حكومة ترتدى العمامة!
نعم بعض ما نفعله هو تقدم للخلف ويتناقض مع ما نعلنه حول حرصنا على أن تكون دولتنا مدنية وليست دينية، ورغبتنا فى حدوث ثورة تنويرية فى بلادنا.. وآخر نموذج لذلك قرار الحكومة بإنشاء شركة خاصة تمنح الغذاء المتداول فى الأسواق المصرية علامة (حلال) لمواصفات الشريعة الإسلامية!
ما هذا يا حكومة ؟! هل نحن فى مصر أم نحن فى بلد آخر غير مصر؟! هل اشتكى أحد أن لدينا غذاء مخالفا لمواصفات الشريعة الإسلامية؟! وهل نحن مثل الدول التى ترتفع فيها على بعض المحلات والمطاعم لافتة (حلال)؟! وهل هذا هو ما يتعين أن تهتم به الحكومة فعلا الآن؟! أم أنها يجب أن تهتم بسلامة الغذاء المطروح فى الأسواق؟!
اقرأ أيضا: ترامب وبوتين والسلطة!
إننا نعيش فى بلد مر عليها الكثير من الأحداث، وتعرضت للاحتلال المتنوع على مدى سنوات طوال كان آخره الاحتلال الإنجليزى، ومع ذلك لم تشكو من وجود غذاء غير حلال متداول فى أسواقها ومخالف للشريعة الإسلامية.. هذه مشكلة ليست موجودة لدينا.. حتى المنظمات الدينية المتطرفة لم تهتم بذلك أو تتحدث عنه.. وأدبياتها تخلو من مطالب مثل هذه، وعلى غرار مطالبتها بقطع يد السارق مثلا!.. وحتى حينما أمسك الإخوان بحكم البلاد فى غفلة منا لم يتجاسروا على أن يقترحوا ذلك!
ولماذا فجأة ترتدى حكومتنا العمامة وتطيل لحيتها وتزايد حتى على هذه التنظيمات المتطرفة، وتفعل ما لم تطالب به؟! أليس من الأفضل للحكومة أن تهتم بمهامها الأهم، ويأتى على رأسها تنظيم أسواقنا، سواء أسواق الغذاء أو غيره من السلع وتطهر هذه الأسواق من الاحتكارات، بدلا من أن تشغل نفسها بمشكلة وهمية مثل الحلال والحرام فى غذائنا؟..
اقرأ أيضا : 2020 .. التحديات الأهم لمصر
وأليس الأهم أن تهتم الحكومة بتحسين مناخ الاستثمار وأن تبذل جهدا أكبر وفعال، خارج نطاق الشعارات المتكررة، لجذب استثمارات جديدة سواء من الداخل أو الخارج، خاصة بعد أن تراجعت الاستثمارات غير الحكومية أى الخاصة خلال العام الماضى.