رئيس هيئة قضائية يخدش رونق قضاء مجلس الدولة!
في عام ٢٠١٧ قام أحد الصحفيين بالتعليق على نتيجة تعيينات النيابة العامة، وبعد نشر التحقيق تم إحالة الصحفي إلى «النيابة العامة» حيث جرى التحقيق معه ساعات طويلة، ثم أخلي سبيله بكفالة مالية، بعد أن وُجِهت إليه النيابة تهمة «خدش رونق القضاء».
وبتاريخ 31 ديسمبر 2019 دون أحد المحامين على صفحته الشخصية عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، منشورًا بعنوان «مجلس الدولة حاليًا في أزمة» قال فيه عن قضاء مجلس الدولة.. إنه متأزم ويعاني من ضحالة التصور السياسي، وإنه يقضي في أحكامه وفق سياسة الدولة فى محاولة لإرضاء الدولة، وأن سرعة الإنجاز تدل على تخلي إحدى الدوائر الإدارية عن دورها القضائي، وترك الأمر لموظفى الدائرة لإعلان قراراتها وإدارة الجلسة دون المثول على المنصة، وشكك أخيرًا في مدى إطلاع الدائرة على قضايا الرول قبل إصدار القرارات.
ورغم أن ما قاله المحامي، ولا شك خدشٌ لرونق قضاء مجلس الدولة والحاقُ الضرر بالسلطة القضائية.. فإن الأسوأ من ذلك أنه سبق وأن كان عضواً بهيئة النيابة الإدارية، والأسوأ أنه تقلد رئاسة تلك الهيئة الموقرة، أي أنه يعي كل كلمة يقولها ويعلم خطورتها.
من يُنهي ندب مستشار التعليم.. القضاء أم الدستور؟
«لا يُعذر المرء بجهله بالقانون» قاعدة قانونية مستقرة، يُخاطب بها كل فئات المجتمع بكافة طبقاته ومستوياته العلمية، حتى الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب لا يمكنه التذرع بالجهل بالقانون، أما حين يكون المتحدث رئيسًا سابقًا لهيئة قضائية فلا يمكن أن يُعذر بجهله بالقانون، أو حسن إنتقاء الكلمات، فضلاً عن أنه لا يعذر عند كيل الإتهامات والتشكيك فى النوايا.
ماذا يحدث بعد إعوجاج مسلك القاضي؟
ونحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن قضاء مجلس الدولة الشامخ، لأنه كان وما زال وسيظل حصن الحقوق والحريات على مر التاريخ، وأحكامه التي كُتِبت بأحرفٍ من نورٍ تُمثل نِبراسًا للباحثين عن الحريات والمتعطشين للعدالة، يحميه من عسف السلطة وجَوْرِ الإدارة.. وله مجلسٌ خاصٌ يُدير شئونه، ويملك حق الرد بكافة ما يراه مناسبًا في هذا الشأن وفقًا للقانون.
حكاية المستشارة «فريـال قطب».. مع المحكمة العليا
ولكن ما نحن بصدده الآن هو الكيل بمكيالين، فنجد صحفي محترم له فكرٌ، فإذا به لا يجد إلا التحقيق معه وإخلاء سبيله بكفالة مالية كبيرة، ولو كان ورد إليه رد من أي جهة معنية لبادر وجريدته إلى نشره دون تردد، ومن هنا تبرز قيمة الصحافة كمهنة تقود المجتمع نحو تصحيح أوضاعه قبل أن تتفاقم الأمور وتستعصى على الحل.
متى تحررون المشروعات التعليمية؟
وليس من الملائم أن ينتهي بنا المقام قبل الإشارة الى تجاوزات صاحب المنشور إبان تقلده رئاسة هيئة قضائية عظيمة، والتي نشرناها بالوثائق الدامغة وقت إرتكابها، ومنها أنه جعل زوجته الموظفة بالنيابة الإدارية مديرة سكرتارية مكتبه بالمخالفة لقانون الخدمة المدنية، وتخصيص إحدى سيارات النيابة لتوصيل إبنة زوجته لعملها، والتي عُينَت وشقيقها وغيرهما من المقربين له ولزوجته في مسابقة مثيرة للجدل في ساحات القضاء.
ولا يفوتنا أن ننوه إلى أن هناك أحد السادة قضاة مجلس الدولة الأجلاء بادر بالرد عليه وقام بالتعليق على ما نشره حيث قال له:
ما سطرته في هذا المنشور أمر غير مقبول وغير صحيح بل عار تمامًا من الصحة ولقد ظننت عند قراءة المنشور أن حسابكم قد سرق وانتظرت الإشارة منكم في هذا الخصوص فلم يحدث منكم فاعتبرت أن هذا المنشور صادر عنكم وأتمنى أن أكون مخطئا، وفي البداية لا أعرف مصدر معلوماتك لأنه مصدر غير أمين، وهذه الأمور لا تحدث في مجلس الدولة الشامخ السامق الذي تعرفونه جيدًا ولكن ربما لكونكم ممن لم يجلس على منصة القضاء لا تعلمون كيفية إدارة الجلسات، وهل أصبحت الرغبة في الإنجاز وسرعة الفصل للمتقاضين سبه يلام مجلس الدولة عليها، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، هل ترغب في تكدس الدعاوي وتعطيل الفصل فيها! كان من الأجدر لك التواصل مع أولي الأمر لاستجلاء الحقيقة كاملة، واتمني منكم مراجعة ما نشرته سيادتكم.
«خطاب مفتوح» إلى الوزراء الجدد ونوابهم
وتعليق آخر بشأن ذلك للمحامي أحمد بدر الذي قال له: هذه أول مرة أقوم بالتعليق على منشور لك، وقد قاومت الرغبة في التعليق علي المنشورات السابقة، وأما هذا المنشور الذي حطم رغبتي في الصمت، فقد رأيته طبقًا لعمق معانيه رافضًا لأحكام مجلس الدولة ورميه بعدم الحيادية وميله بتنفيذ سياسات الدولة وفقا لتوجهاتها، وبشكل أعمق فهذا المنشور هو تعبير عن رفض لسياسات الدولة ورفض أيضا للتعديل الدستوري، «أعندما مستنا النار شعرنا بالألم»؟! دعوة للمراجعة:، وهنا نسأل نحن: فمن الذى خدش رونق القضاء؟.. وللحديث بقية.