المثقفونَ .. والمهامُّ القذرة!!
قبلَ أن نضع تعريفاً لـ "المثقف"، يجب أن نعرف أولاً مفهوم "الثقافة". "الثقافة".. تعنى مجموعة المعارف الإنسانية التي يكتسبُها الإنسانُ وتؤثِّرُ في تفكيره وفي فهمه للأشياء، وفي سلوكه وأخلاقه، وعلاقته بالله وبالمجتمع والحياة، مثل: معارف العقيدة والتاريخ والفقه والآداب والقانون والسياسة والأخلاق وعلوم النفس والاقتصاد والاجتماع وهكذا.
أما "المثقفُ".. فهو الإنسانُ الذي يكتسبُ نصيباً من هذه العلوم وغيرها من المعارف الإنسانية، وتؤثِّرُ في سلوكه تأثيراً إيجابياً، وتُعظِّمُ من دوره، حتى تصلَ به إلى أن يكون "مُصلحاً".. والسؤالُ: هل نموذج "المثقف الإيجابى المصلح" في مصر لا يزالُ باقياً، أم اختفى، واندثرَ على غرار "الديناصورات" ومُعظم القيم النبيلة والمبادئ المثالية؟
الإجابة الموضوعية تؤكدُ اندثارَ "المثقف الإيجابى المُصلح" فى مصر إلى غير رجعة؛ لأسبابٍ متنوعةٍ ومتعددةٍ، تجمعُ بين "السياسى" و"الاقتصادى" و"الأخلاقى".
اقرأ ايضا: على هامش تغيير "المحافظين" وتعديل "الوزراء"
ولا شكَّ أنَّ غيابَ هذه النوعية من المثقفين، مهَّد الأرض لظهور فئة مُتطفلة على الثقافة، لا دين لها سوى المصالح الشخصية وجنى المنافع الخاصة، كما هيأ الظروف لتمكين جيل يجسد عبئاً ثقيلاً وسخيفاً على المجتمع.
لو أنَّ جهة مُحايدة أجرتْ تحليلَ مُحتوى لكتابات ومقالات وآراء عصابة المثقفين المفروضين علينا فرضاً وقسراً، سواء فى الصحافة أو التليفزيون، لانتهتْ إلى نتيجةٍ قاطعةٍ وحاسمةٍ، وهى أنهم يتبنَون خطاباً استعلائياً ومنفراً وعدائياً للدين والأخلاق والأعراف، وأنَّ كتاباتهم وأفكارهم وآراءهم التى يتم تأمين وصولها من أوسع الأبواب، هى السببُ الرئيسُ فيما آلتْ إليه أخلاقُ المصريين من تراجُع وتدنٍ على جميع المستويات.
سوف تكتشفُ جهة تقييم وتحليل المحتوى، إذا ما اتَّسمتْ بالموضوعية والحياد والنزاهة، أنَّ كتاباتِ وآراءَ المثقفين الأشاوس لا تدافع عن خُلق كريم أو سلوكٍ قويم أو فضيلةٍ أو مكرُمةٍ، فى الوقت الذى تتصدى فيه، بكل ما تملكه من أسلحة وأدوات، وبأسلوب متطرف وإقصائى للتحريض ضد الأديان، ودعم الأفكار الشاذة والعمل على التمكين لها، والوقوف فى خندق الباطل والزيف، وسوف تجدُ كتاباتٍ مُحرِّضة على الإباحية و الإلحاد و الشطط و مُخاصمة الحقِّ بجميع صوره، وتسمية ذلك: "تحرُّراً وتنويراً وعقلانية وانفتاحاً".
واقرأ ايضا: زمنُ الإفكِ.. ورجالُه
سوف تكتشفُ هذه الجهة أيضاً أنه لا رابطَ فكرياً يربطُ بين كتابات وآراء مَن يطفو على السطح من هؤلاء المثقفين سوى إعلان النفير العام ضد أبسط مظاهر الالتزام الأخلاقى، ودق طبول الحرب على المؤسسات الدينية والعمل على تقزيمها وتهميشها، فى مقابل التمكين لمؤسسات وكيانات أخرى تسعى إلى تفكيك المنظومة الأخلاقية للمجتمع وتدميرها واستبدالها بمنظومة مغايرة قائمة على الانحلال والشذوذ والإباحية والتجرؤ على الرموز الدينية والعلمية والمعرفية والثوابت الدينية والأعراف الأخلاقية والاستهزاء بها.
المثقفون الجدد لم يعودوا أحراراً، أصحاب رأى مستقل ومتفرد، بل يتم توظيفهم واستخدامهم وتوجيههم واقتيادهم كالقطيع؛ لتنفيذ "المهام القذرة"، وأبرزها فى الفترة الأخيرة: التجرؤ على القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، التحريض على الأزهر الشريف وإمامه الأكبر، التطاول على الرموز الإسلامية مثل: الشيخين: محمد متولى الشعراوى ومحمد الغزالى، والهجمة الوحشية ضد الموظفة المنتقبة بقصر ثقافة كفر الدوار والتى انتهت بإبعادها عن منصبها الإدارى، فى مقابل تعظيم شأن أصحاب الأفكار المنحرفة والضالة وكل ما يتناغم ويؤدى إلى سبيل الشيطان... أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ.