زمنُ الإفكِ.. ورجالُه
بادئ ذى بدء، إذا كانَ اسمُ البرنامج: "مُختلَفٌ عليه"، فإنَّ الأمانة المهنية تقتضى أنْ تستضيفَ طرفى الاختلاف "الموافق/ الرافض" حول القضية التي تناقشها، لا أن تكتفىَ بطرفٍ واحدٍ، لتغليب وجهةِ نظرٍ على أخرى؛ لأنَّ ذلك يعكسُ سوءَ النيَّة، وعدمَ نُبل الهدف، مع سبق الإصرار والترصد..
ولكنَّ المثقفَ الكبيرَ، كما يصفُ نفسه، المعروف إعلاميًّا بـ "أبو حمَّالات" يمارسُ هوايته في الإبحار ضد الأعراف والتقاليد المهنية الراسخة والحاكمة، لا سيَّما عندما يكونُ موضوعُ الحلقة عن الشيخ "محمد متولى الشعراوى"، رحمه اللهُ، الذي لا يزالُ رغم وفاته قبل 21 عامًا، بما له، وهو عظيمٌ جدًا، وما عليه، وهو نذرٌ يسيرٌ جدًا جدًا، غُصَّة في حلوق نفرٍ كثيرٍ من الأفَّاكين والأفاقين الذين يكرهونَ الحقَّ، ويعشقونَ الباطلَ، ويدافعونَ عنه، ولا يمانعونَ من الموتِ في سبيله، وفى الصدارة منهم: "أبو حمَّالات".
أحاديثُ الإفك صارتْ تملأ الأرضَ والفضاءَ، وغدتْ بضاعة رائجة تُدرُّ على أصحابها مالًا كثيرًا، وتمنحهم تمكينًا كبيرًا في الدنيا، أما في الآخرة، فإنَّ اللهَ بشَّرَهم بقوله تعالى: "وَيْلٌ لكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ".
"أبو حمَّالات" رفضَ ابتداءً أن يُوصَفَ "الشعراوى" بـ "إمام الدعاة إلى الله"، وخصَّصَ أكثرَ من 60 دقيقة من زمن الحلقة، لجرح الرجل في علمِه وشخصِه، مُستظرفًا تارة، ومُستسخفًا تارة أخرى.
سوءُ نية "أبو حمَّالات" بدتْ في جميع تفاصيل الحلقة، بدءًا من مُقدمة مُبتذلة، شكلًا ومضمونًا، تعكسُ كراهيته الشديدة بحقِّ الرجل، الذي ملأ الدنيا عِلمًا، وشغل الناسَ بخواطره حول كتاب الله، مرورًا بالاستشهاداتِ المُستنكرة والمُتعسفة من جانب كارهى الرجل في عصره والحاقدين عليه، وليس انتهاءً بـ"ضيفٍ نكرةٍ" يتقيأ كذبًا وبُهتانًا وإثمًا مُبينًا، فأظهرَ "الشعراوىَّ" مُدَّعيًا للعلم، لا وزنَ له ولا اعتبارَ بينَ كبار العلماء.
"أبو حمَّالات".. وافقَ ضيفَه على زعمِه الكذوبِ بأنَّ "الشعراوى".. ليس مُفسرًا ولا يملكُ أدواتِ التفسير، ولا مُفتيًا ولا يملكُ أدواتِ الفتوى، ولا مُحدِّثًا ولا يملكُ أدواتِ الحديث، حتى وصلا بهما الشطط سويًا إلى وصم الراحل بأنه كان "صاحبَ خطابٍ مُتطرفٍ مُتسلِّفٍ إرهابىٍّ".. فما كلُّ هذا الفُجر في الخصومة والعداء بحق رجل كان يقول :"ربىَّ اللهُ"؟!
مولانا "أبو حمَّالات".. امتلك قدرة مُذهلة على خداع متابعيه، وتلك عادته، وهذا منهجُه، وذاك ديدنُه، في ترويج حشد من الأكاذيب والأباطيل المنسوبة لـ"إمام الدعاة"، من بينها كراهيته للفن، وأنه كان سببًا في اعتزال عدد من الفنانات، رغم أن الفنانات المعتزلات، مَنْ رحلتْ منهن ومن بقيتْ على قيد الحياة، أقسمنَ بالله، أنَّ "الشعراوى" برئٌ من اعتزالهن، كما أنَّ هناك فنانينَ، مثل: "يوسف شعبان" برأوا الرجلَ، في مناسباتٍ عديدةٍ، من هذه الفريَّة المزعومة، كما استهزأ من تشدده في تحريم جلب المال من الحرام، والعيش في كنف الرزق الحرام!
وظلَّ "أبو حمالات" يكذبُ ويتحرَّى الكذبَ، ويرغى ويزبدُ، حتى أنه لم يخجلْ من الادعاء بأنَّ "العقلَ لا يصلحُ في الكلام عن الشعراوى"، فهل رأيتم خطابًا إعلاميًا أشد حماقة وابتذالًا وخسَّة ونذالة من هذا؟!
مولانا "أبو حمَّالات"، الذي احتشد فيلمُه الأخيرُ بالكثير والكثير من المغالطات الفكرية والأخطاء القرآنية، اتهم مريدى "الشعراوى" بأنهم مجموعة من الجاهلين والسطحيين والسُّذج والعامَّة والدَّهماء الذين لا يفقهونَ حديثًا، ولا يقرؤون كتابًا، كما غمز ولمز بحقِّ مَن تعهدا تحويلَ خواطر الإمام إلى كتبٍ مقروءةٍ، يتخطفُها الناسُ حتى يومنا هذا!
"أبو حمَّالات".. ليسَ وحدَه ضمن مواكب الشاتمين لـ "الشعراوى"، بعضُهم يشتمُ بتوجيهاتٍ مدفوعةِ الأجر، وبعضُهم يتطاولُ عن قناعةٍ شيطانيةٍ.. وفى كلِّ الأحوال، ومع تعاقب السنين، فإنَّ "الشعراوى" سوف يبقى إمامًا ومُجددًا ومُفسرًا ومُفتيًا ومُحدثًا وعالمًا، رغم أنفِ كلِّ حاقدٍ أو حاسدٍ، مِمَنْ يسمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتلى عليهِ، ثمَّ يُصرُّ مُستَكبِرًا كأَن لَمْ يسْمَعْهَا، مثل: "أبو حمَّالات" وضيفِه غير الكريم وغير الأمين.