غزل المحلة من انفتاح "السادات" إلى خصخصة "مبارك"!
غزل المحلة فى نهاية الثمانينيات كانت شركة عالمية تخطو خطوات واسعة لشراء شركة النصر للسيارات، ووسط حملة من العمال وتدخل الكثير من العقلاء حدث أن فشل بيعها،وإن حدث بعد ذلك إفشالها، وأحمد الله أننى من خلال جريدة الشعب لعبت دورا جيدا فى ذلك الوقت، ولشدة وقوة الحجج التى نشرتها موثقة من داخل الشركة، تهكم علينا الرئيس الأسبق وقال: هو لو اقتصادنا مش قوى هاتيجى شركة (.......) عايزة تشترى النصر للسيارات؟!
وبالرغم من تهكمه إلا أن الحكومة عجزت عن بيع النصر للسيارات، ولكن تم إهمالها وتفريغها من الكفاءات وكأنها تعاقب العمال والمعارضيين ولكن الذى دفع الثمن هو مصر !
ثم فى أوائل التسعينيات قررت جريدة الشعب الناطقة باسم حزب العمل الاشتراكى، إقامة تيار ضد التخلص من القطاع العام الذى بدأته حكومة الحزب الوطنى برئاسة د.عاطف صدقى، فأقام ندوة دعا فيها الكثير من معارضى الخصخصة، ومنهم عبدالرحمن البنا شقيق حسن البنا، وكان يكتب فى عدد من الصحف المعارضة وقتها، فإذا به يتحدث فى نقطتين الأولى أن عبد الناصر وراء تدهور الصناعة فى مصر، والثانية أن بيع القطاع العام هو خيانة للوطن وأن الحكومة تخسف بقيمته الحقيقية ويباع بتراب الفلوس!
الحقيقة الذى رد عليه هو الأستاذ عادل حسين رئيس تحرير الشعب وقال: أنت تهاجم عبد الناصر فى الوقت الذي تدافع عن القطاع العام ومصانعه وشركاته، فى الوقت نفسه هو أن عبد الناصرالذى بنى المصانع وأقام القطاع العام.. اى تناقض هذا، وقضيتنا ليست الحديث عن القطاع العام والنيل من جمال عبد الناصر، ولكن القضية مصلحة الشعب ومصر أولا وأخيرا!
المعايير قبل التغيير.. حركة المحافظين نموذجا !
وأيضا فى نفس الوقت كنت رئيسا لتحرير جريدة " شعب الغربية " وعلمت من أصدقاء لى فى شركة المحلة أن هناك محاولات سرية لتكبيل العمل فيها استعدادا لبيعها، فصدرت جريدة الشعب بمانشيت عن بيع "شركة الغزل والنسيج بالمحلة"، أحدث هذا العنوان رد فعل غير طبيعى، سواء فى المحلة أو على المستوى الرسمى، فكان النفى على لسان الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى خطاب عيد العمال الذى تصادف مع صدور جريدة شعب الغربية!
وأذكر فى مكتبه فى الزمالك استقبلنى كثيرا ابو الصناعة المصرية ورئيس الوزراء الأسبق الذى أعد الاقتصاد المصرى لخوض حرب أكتوبر الدكتور عزيز صدقى، وصرت كأحد أبنائه على تواصل حتى قبل رحيله بأيام قليلة، روى قصة لا يمكن أن أنساها، عندما أصبح محمود محيى الدين وزيرا، كان هدفه محددا هو التخلص من القطاع العام فى أسرع مدة ممكنة، وبدأ بهمة ونشاط فى تنفيذ مخططه، وتم تشكيل لجنة برئاسته لتقييم المصانع، كان من بين اعضائها د.عزيز صدقى..
وفى أحد هذه الاجتماعات، وزع على أعضائها جدول الأعمال، والذى يضم المصانع والشركات التى سيتم بيعها، وهنا سأل د .عزيز لماذا تبيعون كل هذه المصانع لرجال الأعمال؟
أجاب د.محمود محيى الدين : لأنها بتخسر ورجال الأعمال سيصلحونها وتكسب !
د.عزيز صدقى : أولا هناك شركات ومصانع لا تخسر ومعروضة للبيع، ثانيا هناك سياسات متعمدة لعرقلة نشاط بعض المصانع حتى تعرض للبيع، ثالثا : إذا كان رجال الأعمال مهمومين بالصناعة، فلماذا لاينشأون مصانع جديدة لهم حتى نخلق فرص عمل جديدة وفى نفس الوقت نصلح المصانع والشركات المتعثرة بإصلاحها وتطويرها!
لم يجد د.محمود محيى الدين ردا مقنعا وكان آخر اجتماع للدكتور عزيز صدقى مع هذه اللجنة، والتى تم وضع اسم د.صدقى فيها لإضفاء الثقة لدى الشارع المصرى بأن ما يحدث قائم عليه ناس ثقاة مثل د.عزيز صدقى!
رسام الكاريكاتير "عمرو سليم".. والإخوان المجرمين !
لماذا ذكرت كل ما سبق ؟ من قبل أشرت إلى أن سياسات الدولة لم تتغير منذ عام 1974 مع الانفتاح الاقتصادى، وكأن أجندة الرئيس السادات التى تركها فى مكتبه بالرئاسة لاتزال يسير عليها القائمون على الاقتصاد المصرى، مرورا بفترة حسنى مبارك، هالنى أمس –الجمعة– ان أجد صرخة من الصديق “جابر ساريكيس” بان هناك مزادا علنيا لبيع ماكينات والسيارات والمخلفات يوم 25 ديسمبر الخاصة بشركة غزل المحلة..
غزل المحلة التى كان يعمل بها أكثر من 35 ألف عامل فى ثلاث ورديات متواصلة، كانت تكفى السوق المصرى ونصدر وبأسعار اقتصادية، لن أعلق على ما يحدث، ولا أتصور أن ضخ عدة مليارات توفر من الصرف على أى مشروع خسارة لإعادة قلعة مصر الصناعية شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى .
تحيا مصر ..تحيا مصر ..تحيا مصر