رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا يستمر «الشماشرجي» في كل مكان وزمان؟

في مذكراته الشخصية بعنوان «سنوات فى البلاط » يتحدث الضابط «الغريب الحسيني» عن أحد أيام عمله في تأمين الملك يقول: حين لم يتمكن «الشماشرجي» الجالس بجوار سائق الملك فاروق من فتح باب السيارة لينزل مسرعًا لفتح الباب للملك كعادته، فقال لي اللواء الواقف بجوار السيارة إفتح الباب لمولانا، فقلت «سيادتك أقرب للباب» ويمكنك أن تفتحه وانتهى الموقف بأن فتح الملك الباب.

وقبل أن يذهب عقلك إلى احتمال أن الضابط الصغير كان يكره الملك، أحيلك الى ما كتبه عنه حين قال «عندما اقتربت منه تمنيت أن يجيء اليوم الذى اقدم فيه روحى كأقل ثمن فداءً لهذا الرجل»، وقد تتساءل: كيف لا يقبل فتح الباب من يقبل التضحية بحياته لذات الشخص؟

مفتاح المشروعات التعليمية مع نائب الوزير.. لماذا؟

وكان رد الضابط الصغير عند معاتبته من قائد حرس البلاط بأن هذا هو عمل «الشماشرجي».

والشماشرجي بإيجاز هو أقرب شخص من الملك وله مهام متعددة محورها خدمته، وبدلًا من أن نستفيض في بيان من هو الشماشرجي، دعونا نسأل سؤالًا: هل يقبل الشماشرجي أن يحمي الملك بدلًا من الضابط؟

ماذا بعد أن «حنث» طارق شوقي باليمين الدستورية

بالطبع لا، لأن هذا هو عمل الضابط، وفي هذه الإجابة شرحُ وافٍ لأصحاب العقول عن طبيعة عمل الرجلين.

ودار الزمان دورته وأنتهت الملكية بحلوها ومُرِها وبقيَّ الشماشرجي مستمرًا كضرورة في أغلب مؤسسات الدولة، وفي كل الدرجات الوظيفية.. قد تراه «موظفًا صغيرًا» وقد تراه بدرجة «نائب وزير»، ولكن الوظيفة واحدة، هي خدمة «مولانا» وتختلف الخدمات بإختلاف شخصية «مولانا» في كل مكان، فإذا كان «مولانا» يحب الفرفشة فإن من مهام الشماشرجي الترفيه عنه، وإن كان صاحب مزاج، تكبد الشماشرجي عناء توفير المزاج «حسب نوعه» ولكن.. هل ينتهي دور الشماشرجي عند هذا الحد؟

 

يلعب الشماشرجي دورًا موازيًا في «القصر» فهو لا يهدأ إلا بعد أن ينقل كل الأخبار التي تخدم أهدافه لـ«الملك» ولو أدى ذلك لفقد أشخاص وظائفهم أو حتى أرواحهم، ولا ينام إلا بعد أن يقص على «مولانا» قصصًا مزعجة عن الرعيةِ التي تكرهه ولا تُطيعه، وعن اولئك الحمقى المعارضين الذين لا يقولون سمعنا وأطعنا

 

وهو لا يتورع عن الكذب والاشتراك مع أعوانٍ آخرين في القصر لإحكام القبضة حول «مولانا» فلا يصل اليه صاحبُ فكر حر أو ناصحٌ أمين أو إعلام جرئ أو ذلك الغيور على المؤسسة الخائف من انهيارها.

ما سر خروج «طارق شوقي» المبكر من اليونسكو؟

ورغم أن الشماشرجي كان أحد أسباب إنهيار الملكية إلا أنه لم يبقَّ من الملكية إلا ذلك الإرث العفن الذى نُحذر منه كل صاحب منصبٍ رفيع يريد نجاح مؤسسته او هيئته، ونطالبه بأن يُقرِبَ منه أهل الكفاءة والخبرة، وأن يُبعد الخبثاء الذين يُزينون له كل شر، ويتسترون على السرقات والظلم.

 

وهؤلاء يبررون أخطاء أعوانهم، وتلهجُ السنتُهم بذكرِ مساوئ الناس والإفتراءِ عليهم، ويصورون له أنه تولى المنصب بالمشيئة الإلهية، ويحكم بموجبها، بل ويشترطون على من يقابله حدود النقاش ومدته، ومحظورات الكلام، وعلينا أن ننصح كل شجاع من أصحاب المناصب الرفيعة وغيرها، ونقول لهم: حتى لا تنهار مؤسستك، تخلّ عن الشماشرجي، وافتح بابك بنفسك.. وللحديث بقية.

 

الجريدة الرسمية