رئيس التحرير
عصام كامل

ما سر خروج «طارق شوقي» المبكر من اليونسكو؟


اليونسكو إحدى منظمات الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، وتتمثل رسالتها في إرساء السلام من خلال التعاون الدولي في مجال التربية والعلوم والثقافة، وتساهم برامج اليونسكو في تحقيق أهداف التنمية المحددة في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2015.


ومنظمة اليونسكو تدعم مشاريع محو الأمية، وبرامج تأهيل وتدريب المعلمين، وتهدف إلى رفع مستوى التعاون بين دول العالم في مجالات التربية والتعليم والثقافة، وتأبى تلك المنظمة أن يتخلل عملها السلوكيات المعيبة، لا سيما الغش والمحاباة لضمان تحقيق أهدافها التي اُنشِئَتْ من أجلها.

المعلومات والوقائع الواردة في مقالي هذا قد تكون مفاجئة للكثيرين الذين لا يعلمون شيئا عن قصة وملابسات خروج الدكتور طارق شوقي من منظمة اليونسكو، لمخالفته مبدأي الحيادية والشفافية المعمول بهما في هذه المنظمة الأممية.

تبدأ الحكاية حين التحق الدكتور طارق جلال شوقى بمجموعة منظمة اليونسكو في القاهرة في يناير 1999، عندما كان في هذا الوقت المستشار الإقليمي لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وكانت من أهم مهامه دمج تلك البرمجيات في مجال التعليم، وفي يونيو 2005 أصبح المدير المسئول عن مكتب المنظمة في القاهرة.

"طارق شوقي" ووفق الكتاب الرسمي لمنظمة اليونسكو وُلد في 1957 ويحمل الجنسية "الأمريكية"، وحصل على ماجستير في الهندسة عام 1983 والدكتوراه في عام 1985 من جامعة بروان الأمريكية، ولكن ما بين تاريخ تعيين "شوقي" مديرًا لمكتب المنظمة بالقاهرة في يونيو 2005 وحتى تركه للمنظمة ثلاثة أسئلة حائرة وتثير الجدل:
1 ـ ما الذي جعل الدكتور طارق شوقي يترك المنظمة بعد توليه منصبا هاما بها؟
2 ـ هل الدكتور طارق شوقى انتقل إلى مكان أفضل من المنظمة؟
3 ـ أم أن المنظمة هي التي استغنت عن خدماته؟

ويجيب عن تلك الأسئلة خطاب مدير منظمة اليونسكو، عبد الواحد خان في 16 أبريل 2008، والموجه إلى "شوقي" بصفته مسئولًا عن مكتب المنظمة في القاهرة، على خلفية لقائه مع طلال أبو غزالة، رئيس الائتلاف العالمي لتقنية المعلومات والاتصالات والتنمية التابع للأمم المتحدة للشئون الاقتصادية والاجتماعية في مارس من نفس العام.

التقى طلال أبو غزالة مع عبد الواحد خان، مدير منظمة اليونسكو في مارس عام 2008، حيث ناقشا مجموعة من القضايا المتعلقة بالشراكة بين مجموعة طلال أبو غزالة والمنظمة وإمكانية التعاون والدعم من المنظمة، من خلال المطالبة بترخيص دبلومة كامبريدج الدولية التي تقدم نفس المهارات التي تقدمها الرخصة الدولية لمهارات الحاسب الآلي ICDL، والتي أخذت تصريحا وترخيصا بالأمر المباشر وقتها خلال نفس العام من مدير المنظمة في القاهرة، دون إعطاء فرصة للبرامج الموازية الحق في الترخيص والدعم.

من جهته اعتبر "خان" المدير العام لليونسكو حديث "طلال أبو غزالة" بمثابة شكوى رسمية له تتهم المنظمة بالمحاباة لبرامج دون الأخرى، مما دفعه لإرسال خطاب رسمى لـ"شوقى" وقتها يستفسر عن مجموعة من الأسئلة حول علاقته بالرخصة الدولية لقيادة الحاسب الآلي.

الأمر الذي انتهت إليه المنظمة في قرارها الأخير والذي نص على:
أنه يبدو أن مكتب القاهرة انتهك مبدأ الحيادية والشفافية من خلال الموافقة رسميًا بترخيص برامج الرخصة الدولية لقيادة الحاسب الآلي مما يضر بالمصلحة العامة للمنظمة.

وأن موقف اليونسكو ثابت من عدم الموافقة على دعم أي منتج أو خدمة أو بائع إلا من خلال خطوات شفافة، وما حدث هو اختراق لقواعد المنظمة، وكان يتعين فتح الباب للمنظمات والبرامج الأخرى التي تطلب تأييد ودعم المنظمة وهو ما لم يحدث، وبناء عليه رأت اليونسكو بعد ثبوت عملية الإختراق الواضح لقواعدها وثبوت علاقة "طارق شوقي" الشخصية ببرامج الرخصة الدولية لقيادة الحاسب الآلي وقف ترخيص هذا البرنامج ICDL، أو منح ذات الامتياز والدعم لغيرها من برامج الاعتماد الأخرى، مثل مهارات دبلومة كمبريدج الدولية TAG.ORG. 

وبعد هذه الواقعة بشهور قليلة ترك الدكتور طارق شوقى منصبه كمدير مسئول عن مكتب منظمة اليونسكو بالقاهرة، قبل انتهاء مدة شغله للوظيفة.

والحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن المنظمات التابعة للأمم المتحدة تتعامل بأسلوب دبلوماسى مهذب حتى مع المخطئين من العاملين بها، لا سيما أولئك القادمين من العالم الثالث، فهم يتركون للموظف فرصة للحفاظ على بعض ماء وجهه.. وللحديث بقية.
الجريدة الرسمية