رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا نجحت.. بعد أن كانت صفرًا ؟


لا شك أن التجارب الآسيوية الناجحة في سنغافورة وماليزيا وهونج كونج وغيرها اتخذت من العلم منهاجًا ومن التخطيط المدروس وسيادة القانون على الجميع والاستثمار الأمثل لطاقات المجتمع كافة وسيلة لهذا الحراك الهائل نحو التقدم والتطور والسؤال الذي لا بد من طرحه والإصرار على تحقيق إجابته عندنا.. كيف انطلقت تلك البلاد من الصفر إلى قمة النجاح حتى صارت نمورًا اقتصادية وكيانات كبرى تتصدر العالم في العلم والتكنولوجيا والتحول الديمقراطي والرفاه الاقتصادي والاجتماعي؟


"ماليزيا" مثلًا رغم تعدد أعراقها حافظت على نسيجها الاجتماعي متماسكًا متفاعلًا مثمرًا.. ولم يكن ذلك عائقًا في طريق الاصطفاف الوطني خلف قيادة مبهرة كانت كلمة السر في نجاح ماليزيا وتحولها من هوة التخلف والفقر إلى ذروة الرخاء والرقي والوئام.. كان "مهاتير محمد"، رئيس وزراء ماليزيا، ملهمًا لشعبه بكل ما تعنيه الكلمة من معنى؛ إذ أنقذها من كوارث محققة وصدامات عرقية أيديولوجية كادت تعصف بوحدتها كما حدث لبلاد كثيرة حولنا دينها واحد، لكنها متعددة المذاهب والجماعات والأهواء يحارب بعضها بعضًا ويكفر بعضها بعضًا.

اتجه "مهاتير" صوب اليابان العملاق الآسيوي الذي بدأ رحلة الصعود من الصفر مستوحيًا تجربتها في التعليم والبحث العلمي والتقدم التكنولوجي مدركًا بفطرته وحسه السياسي أن التعليم هو مفتاح أي نهضة فأحدث تغييرًا جذريًا في منظومته ثم عمد إلى تغيير ثقافة المجتمع إلى نشر قيم التسامح والمواطنة الحقة والسلام الاجتماعي بين مكونات المجتمع كافة، حتى صار اختلاف الأعراق والديانات ثراءً وتكاملًا حضاريًا لا تعارض فيه ولا تنافر ولا تمييز ولا احتقان.. هكذا بنى "مهاتير محمد" نهضة بلاده حتى استحوذت على إعجاب العالم واحترامه.
الجريدة الرسمية