رئيس التحرير
عصام كامل

البقشيش وغياب الضمير‏


تناولت الغداء مع الأسرة في أحد المطاعم وبعدها جاء الجرسون ودفعت الفاتورة وأعطيت الباقى له تقديرا له على جودة الخدمة وابتسامته الدائمة عن رضا مع وجه طيب يريد أن يرضيك، إلا أننى فوجئت أنه ذهب إلى الداخل مرة أخرى وأحضر طعاما جديدا مجاملة لى وكان يظن أننى سأسعد بما فعل.. حيث إن ذلك قد أرضى الكثيرين قبلى كما أفادنى فيما بعد.


سألته ما هذا ؟ قال إنه للأطفال واستفسرت منه هل يعلم صاحب المال أنك تعطينى هذا ؟ قال لا ولكن ده من المسموحات لنا في الصالة.. سألته هل تعطيه لكل الناس؟ فأجاب للناس المحترمين فقط.. قلت له والفقير؟ قال: له ربنا.. قلت له لنا جميعا رب العباد.. إن كان من المسموحات لجئت به أثناء الطعام ولكنه ليس كذلك.

قلت له لا يمكن أن يكون رد الجميل لأحد بأن تعطى من مال غيرك بدون علمه ولا يرضينى أن أطعم أولادى من هذا.
قال حضرتك كبرت الموضوع فهو لا يتحمل كل هذا.. قلت له لأ.. لقد تاهت المعايير التي يقيس عليها الإنسان حياته وما سيحاسب عليه أمام الله يوم القيامة.

لو كنت أنت صاحب المطعم ولديك موظف يقوم بما قمت به هل كنت ترضى؟ أم أنك استأمنته على مالك والنتيجة ليس كما توقعتها فيه.

إن معنى البقشيش الدارج ليس لتحصيل منافع من وراء العامل على حساب أصحاب الأموال وإنما تقدير لخدمة وجهد مقدم يريد الفرد فيها أن يشعر بسعادة عطيته جزاء لمن اهتم وبذل من العمل الزائد ولكن لا يريد أن يصطدم أن تكون نتيجة عمل صالح أن يجد رد فعل غير صالح.. إنه طعم شديد المرارة ولا يريد أحد أن يتذوقه يوما ما.
الجريدة الرسمية