رئيس التحرير
عصام كامل

الكهرباء والبنزين.. نفي مؤسف لخبر محزن


لا أتصور أن تكون أحداث 25 يناير 2011، و30 يونيو 2013، قد حركت العالم أجمع، دون تحريك موجة واحدة من أمواج مصر في الاتجاه الإيجابي، كدلالة على جني ثمار الثورتين.


وكانت وزارتا البترول والكهرباء قد سارعتا أمس الأول الأربعاء لنفي خبر رفع أسعار الكهرباء والبنزين والسولار، الذي نشر في معظم الصحف، الثلاثاء الماضي.

سياسة عائدة لنظام عائد، حيث القرارات الحكومية ذات العلاقة بمصائر 60 في المائة من المصريين الذين يعيشون على الكفاف، هي نفسها التي كانت تنشر أيام مبارك، على سبيل اختبار الرأي العام، وقياس مؤشر البلبلة التي تحدثها أخبار الخطط التي لا تستهدف سوى الجباية.

الغريب أن غباء الجماعة البائدة، دفعها لتجريب هذا الأسلوب الرخيص في ظل حكومة هشام قنديل، وقبل أن تقوم القيامة الأولى لها، تراجعت في الصباح، وادعى يومها الرئيس "المنزوع دسمه" أنه لم يعلم بهذه القرارات.

والملاحظ أن المهندس إبراهيم محلب الذي تسرب إلى حكومة الببلاوي كوزير إسكان، رجل تكنوقراط يستند إلى خبرة طويلة في تحريك الماء العكر، من خلال رئاسته شركة "المقاولون العرب"، المسئولة عن خراب شبكات مياه الشرب والصرف الصحي على طول البلاد وعرضها.

وبخبرته في الخداع والـ "كومفلاش"، لفت محلب أنظار الشارع بأدائه الدراماتيكي، بلعبة القفذ على السلالم أمام الكاميرات، لينال لقب رئيس مجلس الوزراء، رغم أنف الحالمين بغروب شمس الأنظمة الفاسدة.

التفكير في رفع الدعم عن مصادر الطاقة، ليس سوى الحلقة التي لم تكتمل في حزمة إجراءات لجنة سياسات جمال مبارك، ويحاول تجسيدها وإغلاقها اليوم الأخ إبراهيم محلب، الذي لم يتمخض عقله ولا نظامه عن فكرة واحدة لفتح خزائن مصر، وما أكثرها، ليقيها شرور الانزلاق في مزالق الجهات المانحة القابضة على أمعاء المصريين.

ربما يعرف محلب أنه "يخزق" يوميا عيون ذوي شهداء ثورتي 25 يناير و30 يونيو، ويعميها أيضا بغبار أقدامه الوثابة، كما يخرج لسانه في وجوههم ووجوهنا جميعا، بتصرفاته العقيمة، وربما لا يتورع أيضا بتحريك قبضته اليمنى في كفه اليسرى، كدلالة على أن نظام مبارك قائم رغم أنوفنا، بدليل أنه يتربع على عرش أعلى كرسي تنفيذي في مصر، وهو الرجل الثاني في لجنة سياسات جمال، دون أن يزحزح المصريين درجة على منحنى الفقر، أو ينعش صدورهم ولو بأمل واحد مبهج.

إن السعر الحالي للسولار ـ على سبيل المثال ـ وهو 110 قروش، يصل إلى المزارعين بـ 140 قرشا، بإضافة السمسرة والنولون، وعلى الرغم من ذلك يخسر المزارعون بسبب ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج الزراعي، فما بالنا لو ارتفع إلى 200 قرش، ليصل إلى 250 قرشا ـ بحساب الإضافة السابقة؟

كما أن رفع سعر السولار سيؤدي حتما إلى رفع سعر نقل المواد الغذائية، ومواد البناء بسيارات النقل، وأجرة ركاب الميكروباص، ومعنى ذلك أن الزيادة المستهدفة في فاتورة الجباية، لن يدفعها سوى المطحونون.

أرى أن إصلاح منظومة الري في الدلتا بإعادة فرض المناوبات الجماعية، ومنع الري الفردي بالماكينات الصغيرة، ومحاربة البناء في العشوائيات، ومحاصرة الوصلات غير الرسمية لإنارة الكهرباء، ومنع تهريب السولار إلى البواخر العابرة، وإحياء مشروع توليد الكهرباء والسولار من النفايات الصلبة، وتحريك مشاريع توليد الكهرباء من الرياح والطاقة الشمسية، كلها إجراءت تكفل حل مشاكل مصادر الطاقة، بدلا من تفجير ثورة جياع، ربما يسعى إليها إبراهيم محلب، تشفيا في الشعب الذي خلع أسياده القدامى.

الشعب في انتظار الإضافة، وليس الخصم من الرغيف المتاح.
barghoty@yahoo.com
الجريدة الرسمية