رئيس التحرير
عصام كامل

إن بعض الظن إثم


زادت الضغوط إلى الدرجة التي جعلت العقول خرجت عن نطاق القدرة على البحث عن حقائق الأمور والتفكير لأنها أصبحت مشغولة بأشياء أخرى منها الخوف على النفس والأسرة وعلى كل من نهتم بأمرهم من يومنا ومن الغد علاوة على الخوف من الغد بما يحمله من صورة ضبابية لا يمكن أن نرى منها طريقنا.. وسرعتنا في الحركة تتباطأ في طريق سبقتنا فيه دول كثيرة عرفت كيف تتغلب على واقعها مهما كان مظلما وخلقت منه مستقبلا مضيئا.


ونتيجة لهذه الضغوط المتتالية انهار التواصل بين الناس حتى أصبحت الحياة بينهم هي سوء ظنون وإدراكات وقناعات تجاه بعضهم البعض دون انتظار ظهور حقائق أو استفسار عن أفعال خالفت عرف متبع أو ما اعتاد عليه الآخر.. فالحكم على الآخرين هو وقتي وتبويب الناس في اتجاهات مختلفة بناء على تجارب الماضي دون انتظار للتحقق من جوهر الشخصيات.. حتى وصلت الأمور إلى البقاء على القناعات تجاه الناس والحكم الشخصي عليهم بالبراءة أو الإدانة دون أن يترك لهم حق الدفاع عن أنفسهم أو الاستئناف على هذا الحكم.

لا شك أن وقت المعاناة من الضغوط حرج ولا فرصة لسماع أحد سوى صوت الذات فقط الناتج عن تشوه الخبرات.. ونظرا لانقطاع الاتصال.. إذًا النتيجة هي فقدان الأثر وفقدان الثقة وفساد العلاقة علاوة على تفهم الناس للناس بصورة خاطئة مخالفة للواقع طالما لا يوجد اتصال يتاح فيه للفرد الفرصة لإظهار جوهره وما وراء أفعاله وشرح ما يمكن توضيحه لأمور أسيئ فيها الظن به.. وللأسف لم يصبح ظنا بل أصبح واقعا أينما وجد ملتصقا به.

الاتصال أحد أساسيات الحياة، والذي يصنف اتصالا فعالا بناء على تحييد كل الاختلافات والإدراكات السابقة وفتح المجال لتفهم الآخر ومعرفة مهارات وقدرات أكبر يمكن الاستفادة بها فقد يتحول عدو اليوم إلى صديق الغد.. وقد يغدر صديق اليوم ليصبح عدو الغد والمنطقي أن الناس تتغير كما تتغير الأيام ولا تعيش بيننا ملائكة وإنما بشر يصيبون ويخطئون.

فلنحسن الظن بالآخرين فالخير موجود وسيظل.. ولن نجنى من الشك وسوء الظن إلا ما جناه السابقون من ضيق وخوف في الحياة كمن يركض كركض الوحوش في البرية يخاف كل شيء وأي شيء.. حتى تصبح حياته سجنا مظلما كبيرا.

فلنتوقع في الناس الصالح قبل الطالح حتى تظهر الحقائق ولنطرق الأبواب الحسنة قبل أن نطرق الأبواب السيئة.

إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم.
الجريدة الرسمية