حملة حمدين: "الريس مش فاضي"
المرشحون المحتملون الحاليون لرئاسة الجمهورية: حمدين صباحي، عبد الفتاح السيسي، ومرتضى منصور، حسب السبق في إعلان الترشح، في حاجة ماسة إلى التلاحم بالجماهير العريضة من الشعب، لإثبات أن هذه القاعدة تعنيهم فعلا.
طبقة اجتماعية واحدة تجمع المرشحين الثلاثة، (صباحي) من مواليد قرية صغيرة في كفر الشيخ، والثاني (السيسي) ولد في حي الجمالية الشعبي في القاهرة، والثالث (منصور) مسقط رأسه في قرية أيضا تتبع مركز ميت غمر ـ دقهلية.
التشابه الثاني الذي يجمع المرشحين الثلاثة ـ المحتملين حتى الآن، إقامتهم داخل حدود القاهرة الكبرى، لكن السيسي يتوسط جيب القاهرة العامر بالتاريخ وعبقه الشعبي، أما مرتضى وحمدين فينعمان بقلب الجيزة (المهندسين)، لذا سيختلفون ـ لا محالة، في مدى إخلاصهم للطبقة الانتخابية التي تراود أحلامهم، وتخط طريق أحدهم إلى كرسي "الاتحادية".
السيسي كان في حاجة إلى اجتياز عدة سدود أقيمت دون قصد، بينه وبين الأغلبية الشعبية التي تمثل أكثر من 70 في المائة من كتلة الأصوات الانتخابية، لأن ضابط الجيش معزول بطبيعة عمله عن عزوته، لكن فطرته السليمة وموقفه الشعبي في ثورة 30 يونيو ساعداه ـ دون قصد أيضا ـ على اجتياز 80 في المائة من تلك السدود.
مرتضى منصور أيضا، على الرغم من الأرستقراطية التي تدمغ هيئته، تمكن بفعل الحضور الإعلامي وخفة الظل الفطرية، من اختراق القصور والقبور وما بينهما من عشش وبيوت طينية وحجرية، كما لم يتعال على أحد من البسطاء، ولم يترفق أيضا بأحد ممن يراهم لائقين بسلاطة اللسان وفُحش الكلمات، وهو ما جعل من خامته الشخصية والإنسانية خليطا مستساغا "خاصا" من الشعبوية والنخبوية.
أما "أخينا" حمدين باشا عمدة سماسرة مزارع سمك كفر الشيخ، والنسخة الأصلية للمناضل الشمعي، فحاول استعادة الرقصة الفلاحي بحزام الوسط على الجلابية البلدي، كي يجذب أبناء طبقته "الفائتة"، فخانه الإيقاع، ليضطر لـ"الحنجلة" بين سكان المهندسين ليسقط في دائرة وسطاء نفعيين استعان بهم لمخاطبة من ادعى كذبا أنه "واحد منّهم".
لم تبدأ رسميا الحملة الانتخابية كونهم حتى الآن يحملون لقب "المرشح المحتمل"، وسارعت حملة حمدين بتمرير رسالة متعالية ناقصة الأحرف، تصدى لها شباب يشكلون حائطا منيعا بين المرشح وبين المريدين. الرسالة مفادها: الأستاذ مش فاضي خالص لأي أحاديث، ويمكن الاستعانة بأحد أعضاء الحملة لعمل "مداخلة".
طبعا هذا الحديث لا يمكن أن يجتهد به أحد أعضاء الحملة ليذيعه منفردا، لأن هؤلاء ـ على درجة من البساطة تحرمهم من حق التفوه بحرف، غير منصوص عليه شفويا، وربما كتابيا من الأخ حمدين، على طريقة "قُل ولا تقُل".
موقف حي مع العبد لله وثق الرسالة السابقة، حيث توسط أحد الأصدقاء بيني وبين عضو "نافذ" في حملة الأخ حمدين، مقترحا أن أستضيف الأخير في حوار ضمن الحلقة الأولى من برنامج تليفزيوني سأقدمه قريبا على قناة "مصر الزراعية".
وعلى الرغم من وقوفي في المعسكر المضاد لترشح حمدين، تعاملت مهنيا مع الأمر، وقلت للصديق الوسيط بالحرف الواحد: على الرغم من معارضتي له، إلا أن له حقا في عرض رؤيته الخاصة بتطوير الزراعة في مصر، من خلال برنامج موجه للمصريين عامة، والمزارعين خاصة.
فوجئت بعضو حملة "حمدين" يخبرني من تحت ضرسه، بأن الأستاذ سيكون مشغولا طوال الأيام المقبلة، "لكن لا مانع من تخصيص أحد أعضاء الحملة لهذه المهمة، وربما يسمح وقت الريس لمداخلة".
كانت الرسالة كفيلة بانتفاض ضلوعي، فـ "كبيت الطحين" على رأسه، قبل أن أغلق الموبايل.
barghoty@yahoo.com