رئيس التحرير
عصام كامل

أصلح دارك أولا يا محلب


منذ ما قبل عام فقط، كان المهندس إبراهيم محلب رئيسا لشركة المقاولون العرب، التي تفوز دائما بمعظم مشاريع مياه الشرب والصرف الصحي في مصر.

وقبل نحو شهرين فقط، كان محلب وزيرا للإسكان مسئولا أيضا عن كل مشاريع مياه الشرب والصرف الصحي في عموم مصر.

والآن كونه رئيسا لمجلس الوزراء، أصبح مسئولا عن الأكل والشرب والملبس والتعليم والعلاج والأمن والتنمية، وكل ما يتعلق بالمواطن والدولة المصريين.

وإذا كان هناك العديد ممن يصفون محلب بوصف "رجل الشارع"، فأنا ممن يعيبون عليه العمل الذي يرشحه لهذا المنصب، لأن رئيس الحكومة في أي دولة، سواء مستقرة أو ملتهبة، لا يجب أن يكون "شوارعي"، كما قالها في إحدى القفشات ضيف فضائي "سمج" في أحد البرامج "الساقعة".

أعتقد أن رئيس الحكومة يجب أن يكون رجل سياسات، ومخططا إستراتيجيا، يصيغ الرؤى الحالية والمستقبلية، الفوقية والتحتية، لضمان تحقيق الرفاهية المجتمعية للمواطن، والسلم الاجتماعي للدولة.

وكنت قبل نحو عامين قد سمعت من قيادة كبرى في وزارة الكهرباء، أن دولة مبارك، ونظيف، ومحمد إبراهيم سليمان، وزير الإسكان الأسبق، كانت قد طلبت من وزارة الكهرباء "توريد مهمات" بنحو ملياري جنيه تخص أكثر من 350 محطة مياه شرب عملاقة ستنفذها "المقاولون العرب" في جميع محافظات مصر، وتعرضت هذه المهمات لـ "البروما" في مخازن الوزارة وشركاتها.

والسبب في هذه الخسائر الفادحة، الحملات الانتخابية للحزب الوطني الغابر، حيث تم انتزاع ملكية أراضي معظم المحطات التي أدرجت في خطط الحزب، وتم صرف ميزانيات للمراحل التنفيذية الأولى فيها، بمبالغ تتراوح بين 5 و8 ملايين جنيه لكل محطة، ونتيجة "لحس" الوعود على طريقة رجال مبارك، توقفت هذه المشاريع التي كانت تنفذها "المقاولون العرب" في عهد محلب.

الأراضي وما عليها من إنشاءات خرسانية ومبان، تعرضت أيضا للتخريب، وأصبحت عنابر وخرابات تنعق فيها الغربان، وتسكنها الكلاب الضالة، والشباب الباحث عن "مواخير" لضرب الـ "ماكس"، وحبوب "الترمادول"، وربما تستخدمها فئات ضالة حاليا لتصنيع المولوتوف.

يجب أن يتلطف المهندس إبراهيم محلب بتشكيل لجنة عاجلة على طريقته "الفلاشية"، لإعادة الحياة لهذه المشاريع الحيوية، التي تحل مشاكل انقطاع مياه الشرب في قرى مصر، كونه المسئول المشارك عن هذا الخراب أولا حين كان رئيسا لـ "المقاولون العرب"، وثانيا حين كان وزيرا للإسكان، وآخرا حين أصبح رئيسا للوزراء.

وللعلم، فإن تشغيل واحدة فقط من هذه المحطات، على سبيل المثال في مركز منية النصر ـ محافظة الدقهلية، كفيل بتوفير أكثر من 20 في المائة من القدرة الكهربائية المهدرة في أكثر من 25 قرية يسكنها أكثر من 300 ألف نسمة، موزعة على نحو 50 ألف بيت، بـ 50 ألف موتور كهربائي لمطاردة مياه الشرب في مواسير صدئت من مرور الهواء فيها على مدى ثلث أيام السنة تقريبا.

كان محلب قد عقد اجتماعا عاجلا جمع وزيري البترول والكهرباء، لبحث الحلول العاجلة لمشكلة الانقطاع المتكرر للكهرباء في عموم مصر، ولم يخطر في باله أن شح مياه الشرب في معظم قرى مصر، يهدر ربع القدرة الكهربائية التي تنتجها محطات وزارة الكهرباء، بسبب مواتير الرفع التي تعمل ليل نهار بلا جدوى معظم أيام السنة.

لم يبحث الاجتماع أيضا ضرورة تشكيل لجان من مباحث الكهرباء، للمرور نهارا على القرى العشوائية في جميع محافظات مصر، لتحرير محاضر وتوقيع غرامات على أصحاب المنازل والمحال التي تترك المصابيح مضاءة نهارا، لأنهم ببساطة ينعمون بوصلة "ممارسة" بدون "عدّاد".
الجريدة الرسمية