رئيس التحرير
عصام كامل

إلى أحمد هيكل: خليك في "قلعتك"


تمخض الدكتور أحمد محمد حسنين هيكل رئيس مجلس إدارة مجموعة "القلعة" للاستثمارات "في كل شيء"، فأنجب ما يمكن أن يوصف بـ "العته الاقتصادي"، حين استضافته لميس الحديدي، في حوار مساء الثلاثاء الماضي، دار حول ما أسمياه معا ـ "حلول مشاكل مصر الاقتصادية".


الحوار سبقته هالة إعلامية على قناة "سي بي سي"، ومن المؤكد أن نسبة المشاهدة كانت مرتفعة، لما تضمنه الإعلان الجاذب من عناوين براقة، تهم كل مواطن، يحمل هموم مصر في قلبه المثخن بجراح ما بعد 25 يناير 2011 حتى الآن.

جلس هيكل المتأفف أمام لميس "المسترحمة" في "قعدة" نخبوية متعالية، أمام الكاميرا، يستعرضان حلول مشاكل عجز الموازنة المصرية، وما يترتب عليه من ارتفاع في الأسعار، ليعلنها الرجل صراحة، أن الحل الوحيد يتجسد في تحرير أسعار الطاقة (الكهرباء، والسولار، والبنزين، والبوتاجاز، والغاز الطبيعي، وزيوت المحركات)، وتعويض الفئة الأقل دخلا بالدعم المالي المباشر.

الفكرة قديمة، حيث راودت سابقا شيطان الاقتصاد الدكتور يوسف بطرس غالي، كما ترددت على ألسنة جميع خبراء الاقتصاد في مصر، لكن لم يطرح أحدهم خطة لإسكات كل مواطن مصري بلغ عمره 21 عاما، بـ 300 جنيه شهريا، مقابل تحرير سعر الطاقة.

وبحسبة بسيطة، فالشخص محدود الدخل الذي يركب سيارة "قردة" تستخدم البنزين 80 ـ وفقا لخطة "هيكل" ـ سيحصل على 600 جنيه له ولزوجته، ليدفع بعد ذلك 375 قرشا للتر البنزين، ثم 60 جنيها لأنبوبة البوتاجاز، 150 قرشا لكيلو الكهرباء، وبالتالي يخسر نحو 500 جنيه شهريا فوق دعم "القلعة".

وبالنسبة للعبد لله، فأنا أتكلف شهريا نحو 500 جنيه "بنزين 92" وزيت محرك، لسيارتي المتوسطة، فإذا حصلت على600 جنيه دعما أنا وزوجتي، فسوف نتكلف بنزينا فقط بنحو 1200 جنيه شهريا، غير فاتورة زيت المحرك، والكهرباء، والغاز الطبيعي، وهي فاتورة إضافية لن تقل عن 600 جنيه شهريا بالخطة "القلعاوية".

ووفقا للحسبة الشيطانة الخالية من الرحمة والرؤية التنموية، فالعبد لله سوف يخسر نحو 700 جنيه شهريا، كضريبة جديدة يسنها "ابن هيكل" على المصريين، الذين لم يشعر بهم، ولم يعش معيشة 90 في المائة منهم، يوما من أيام حياته.

الرجل الذي يتربع على عرش "قلعة" تقدر أرباحها بمئات الملايين سنويا، فشل في كتابة روشتة اقتصادية تنموية، ترشد من يهمه الأمر إلى الحلول الحقيقية التي تنقذ البلاد من عثرتها، وتخرج المواطن من حالة الضيق التي أفسدت حياته.

يبدو أن الرجل الذي رُشِح لمنصب رفيع في حكومات ما بعد ثورة 25 يناير، لم يعرف أن في مصر خزائن أخطأتها أيادي الشياطين الذين جرفوا أرضها أكثر من 30 عاما، مدفونة على أعماق مختلفة في الوادي الجديد، وشمال سيناء وجنوبها، وهي تغني مصر عن التسول، واستجداء من يستثمر تراثنا الثقافي، ومجارينا الملاحية.

لم يعرف الدكتور أحمد هيكل، أن محافظة الوادي الجديد وحدها، تبلغ مساحتها نحو 43 % من مساحة مصر الإجمالية، وأن فيها خيرات تحقق فائضا في الموازنة العامة للدولة، إذا أحسن استغلالها.

كما لم يعرف هيكل أن يقدم وصفة لتشغيل نحو 5000 مصنع أغلقت أبوابها رياح الربيع العربي، وهي تحتاج فقط إلى اقتراض أربعة مليارات دولار من ألف رجل أعمال مصري في مستوى "القلعاوي".

وأخيرا، أنصح الأخ أحمد هيكل والأخت لميس الحديدي بجلسة إنسانية واقتصادية في حضرة الدكتور صلاح جودة، قبل أن يطرح الأول إلغاء مجانية التعليم، وتحرير الخدمات الصحية، وأسعار الغذاء.
barghoty@yahoo.com
الجريدة الرسمية