"بهية" فى انتظار رد "النقوط"
ماذا لو علمت أن الدول العربية مجتمعة لا تخصص لمصر من إجمالى وارداتها سوى حصة نسبتها 7 % فقط مما تستورده من جميع دول العالم؟
تلك إحصائية رسمية خصنى بها الدكتور عاصم شلتوت، رئيس اتحاد منتجى ومصدرى الحاصلات الحقلية والبستانية، الذى قال لى ما معناه: إن هذه النسبة يجب أن تصل إلى 50 فى المائة على الأقل، خاصة فى الظروف التى تمر بها الشقيقة الكبرى حاليا.
أعتقد أن شباب الأمة العربية بالإجماع، أبناء الفئة العمرية التى تبدأ من 18 عامًا فما فوقها، يتذكرون مواقف معاصرة لمصر تجاه الأمة العربية بلا استثناء، مثل دور الجيش المصرى فى تحرير الكويت، وحماية حدود السعودية من جيش صدام حسين، وتبنى قضية فلسطين منذ ما قبل عام 1948، والمساهمة المباشرة فى حل مشكلة الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية قبل ثورة 25 يناير، ومد الغاز المصرى إلى الأردن، والمساهمة فى حركة البناء والعمار والتنمية الاقتصادية فى جميع الدول الخليجية والعربية من خلال العمالة والخبرات المصرية.
وبدلا من "الفرجة" على مصر وهى تحترق، واقتصادها ينهار بفعل تجمد حركة السياحة، وتراجع تصدير المنتجات المصرية، وبدلا من الفرجة على مصر فى حالة انكسار سياسى واقتصادى أمام جهل عصابة "الإخوان" بالإدارة، وفى ظل الشروط المجحفة للبنك الدولى لمنح القرض الذى أصبح حلالًا بقدرة قادر فى زمن الإخوان، كان من الضرورى إطلاق مبادرة عربية بقيادة الكبيرة المملكة العربية السعودية لمساعدة مصر، ليس بالقروض، ولا بالمنح المالية التى تلجأ إليها قطر لأشياء فى نفس "يعقوبها"، لكن بفتح الأسواق الخليجية والعربية أمام المنتجات المصرية، خاصة المنتجات الزراعية.
تمنيت ظهور مبادرة عربية لتحرير الصادرات المصرية من بعض الشروط المجحفة التى كانت تحاك فى دول الاتحاد الأوربى، فتتذرع بها الأسرة العربية لتمنع البطاطس والخضروات وحتى البقوليات.
أقمت فى السعودية أكثر من 12 عاما، ورأيت أسواق الخضروات ومحلات السوبر ماركت العملاقة تزخر بالمنتجات المصرية، خاصة الموالح، والبطاطس، والبصل، والليمون البنزهيرى، والأرز، والمصنعات الغذائية من الباميا، والملوخية، والفاصوليا، ومربى الفواكه والجزر، من منتجات "قها"، و"أجا"، و"أدفينا".
نخشى أن يأتى موسم تزهير النبات فى الربيع، فلا نجد وقودًا يدير ماكينات الرى، وبالتالى تحدث الخسارة الفادحة فى معظم المحاصيل الحقلية والبستانية التى تعقد ثمارها فى شهر مارس، خاصة القمح، الشعير، الموالح، الزيتون، المانجو، ومعظم المحاصيل الحقلية والبستانية الأخرى التى تشكل عصب الاقتصاد المصرى.
يكفى الفلاح ما عاناه خلال العامين اللذين أعقبا ثورة 25 يناير، حيث انهارت أسعار معظم المحاصيل، خاصة البطاطس والبصل والطماطم التى تشكل عصب التجارة الفلاحية، ما تسبب فى فسخ العلاقة العاطفية الأزلية بين الفلاح وأرضه.
كما انهارت أسعار الماشية والدواجن نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف، بسبب مخاوف مستوردى الذرة والمركزات من ضياع السيولة المالية نتيجة تعثر صغار التجار والمربين عن السداد.
لما سبق، أرى أنه آن الأوان لرد الواجب الأخوى إلى الشقيقة الكبرى مصر، ولو على سبيل "رد النقوط"، فليس من المعقول أن تتوقف صادرات مصر من الحاصلات الحقلية والبستانية "فيما عدا الأرز ـ عند حدود 11 مليار دولار، فى الوقت الذى تبلغ واردات السعودية فيه نحو 120 مليار دولار سنويًّا، منها نحو 60 مليار دولار السلع الغذائية.
ومن المؤكد أن مصر لديها من المقومات الاقتصادية والبشرية ما يعينها على معاودة العطاء بأكثر مما مضى، لكن بعد إقالة عثرتها، أو حين يعيدها الثوار "قريبًا" من خاطفيها.
لك الله يا مصر.
barghoty@yahoo.com