رئيس التحرير
عصام كامل

"موقع أمريكي" يكشف سر الغرام بين قطر والإخوان.. الدوحة تتمسك بـ"رهان خاسر" وتدعمه في سوريا ومصر.. الأمير الابن استمر على نهج أبيه خوفا من الانقلاب.. حمد عقد الصفقة مع التنظيم للقفز من مركب دول الخليج

 أمير قطر الشيخ تميم
أمير قطر الشيخ تميم بن حمد

نشر موقع "وورلد بوليتيكس ريفيو" الأمريكي المتخصص في الشئون السياسية والإستراتيجية، تقريرًا بعنوان "ما سر استمرار الغرام بين قطر والإخوان؟". 

بدأ التقرير بالسؤال: "ماذا يفعل المقامر حينما يدرك أنه على شفير خسارة رهانه الكبير؟ وكانت الإجابة: بعضهم يحاول تقليل الخسائر قدر المستطاع والانسحاب، بينما يحاول البعض الآخر، مضاعفة الرهان على أمل أن تكون النتيجة النهائية هي المرجوة". 
والأرجح أن "قطر لجأت إلى الخيار الثاني، بحسب التقرير، الذي يشبه تمسك قطر بدعم تنظيم الإخوان المسلمين بالمقامرة الخاسرة، خاصة بعد أن خسر الإخوان بصورة دراماتيكية الأرباح التي جنوها خلال ما كان يسمى بـ "الربيع العربي". 

وأضاف التقرير: إن الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى المملكة العربية السعودية في نهاية هذا الشهر "ستكون مهمة هذه المرة خصوصًا أن أوباما سيجد تصدعًا كبيرًا في قراءته للمنطقة ما بين نظرة مجلس التعاون الخليجي القريب من السياسة الأمريكية ونظرة أحد أقرب الحلفاء لها (قطر) تجاه تنظيم الإخوان المسلمين".

ويصف التقرير قطر بأنها "أصبحت الصديق الأوفى والأخير لتنظيم الإخوان خصوصًا بوضعه الحالي مع السعودية والإمارات ومصر"، وأنها "باتت تضم بشكل كبير قيادات الإخوان الهاربين من مصر، وتقدم لهم الدعم المادي وتقوي نفوذهم في سوريا".

ويسلط التقرير الضوء على استياء جيران قطر من شبكة "الجزيرة" التليفزيونية التي تفتح بثها لشيخ الفتنة يوسف القرضاوي، الذي لا يترك مناسبة إلا ويهاجم السعودية والإمارات ومصر.

ويشير التقرير إلى أن "الطلب الوحيد لجيران قطر، وأولهم الرياض، أن تكف الدوحة عن دعم تنظيم الإخوان، في ظل الرفض التام لقطر في التخلي عن الإخوان بذريعة أن أحد أعمدة سياستها الخارجية هو ضمان ودعم المساعي لحصول الشعوب العربية على الحرية والعدالة".

ويضيف التقرير: إن "القرار القطري المتخذ منذ عدة سنوات، من قبل حاكم قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس وزرائه الشيخ حمد بن جاسم ابن جابر آل ثاني، والقاضي بدعم تنظيم الإخوان لطالما كان محفوفًا بالمخاطر؛ إذ إن التنظيم لطالما أراد تغيير الوضع القائم في العالم العربي، وهو الوضع الذي استفاد منه النظام القطري، الذي يشبه في بعض جوانبه تلك الأنظمة التي يسعى الإخوان دائمًا لتغييرها". 

ولكن، على ما يبدو فقد ظن الشيخ حمد، بحسب التقرير، أنه بالإمكان الكسب من صفقة دعم الإخوان منذ اللحظات الأولى على وجود بوادر نجاح التنظيم في المنطقة العربية، وبالتالي حماية قطر من الإخوان، وتقوية مكانة الدوحة في موقفها التنافسي تجاه الرياض. ففي حال تمكن الإخوان من الهيمنة على العالم العربي يمكن لقطر الاستفادة من امتنان الإخوان في دورها كداعم مادي وأمني لهم". 

ويتابع التقرير: إن "لعب الدوحة دور الوسيط في عدة نزاعات إقليمية كان ناجحًا جدا، إلا أن هذا الحظ شارف على الانتهاء بعد أن لاقى نجاحًا كبيرًا على يد حمد الأب ورئيس وزرائه اللذين جعلا من الإمارة الصغيرة لاعبًا أساسيًا في منطقة الخليج العربي قادر على ممارسة نفوذ واسع النطاق".

في سياق متصل، وعلى الرغم من الدعم العربي الواسع الذي حصلت عليه قطر وشبكة "الجزيرة" التليفزيونية التابعة لها خلال بدايات احتجاجات ما يسمى الربيع العربي مع التغطية المستمرة للتظاهرات في أكثر من دولة عربية، إلا "أن دعم تحركات الإخوان المسلمين حول قطر إلى مصدر قلق على الليبرالية والقوى السياسية اليسارية، وهذا ما تجلى بقوة حينما استلم الإخوان مقاليد الحكم في مصر وكانت قطر هي الداعم والسند الاقتصادي الأول للنظام الإخواني آنذاك ما تبيّن أيضًا في المعارك الانتخابية، وخلال الإطاحة بالديكتاتوريات، ودعم إدارات الإخوان".

ويعتبر التقرير أن قيام حمد بالتنازل عن الحكم في قطر لابنه، رفع آمال دول الخليج العربي بقيام الحاكم الجديد بتغيير المعادلات، ولكن منذ ذلك الوقت لم يتغير شيء سوى انحدار صورة الإخوان إلى الأسوأ في منطقة الخليج العربي، وهذا ما تجلى عندما تم عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي فقامت دول الخليج العربي بدعم النظام المصري الجديد في الوقت التي التزمت قطر بالوقوف جانبًا".

واليوم، "تحول الطعم اللذيذ للامتنان القطري إلى مر في العديد من الدول العربية، لا سيما في مصر وليبيا وتونس ودول أخرى؛ حيث ثبت أن قطر لا تدعم سوى جهة واحدة من المجموعات الإسلامية التي هي بنفس الوقت غير مرحب بها من قبل الملايين من مواطني تلك الدول".

ويلفت التقرير إلى أنه "رغم كل شيء، لا تزال الدوحة تؤمن بالفعالية على المدى الطويل من مراهنتها على الإخوان، وأنها رغم كل شيء، لا تزال ترى أنها كسبت أكثر مما خسرت. وتستمر اليوم بالنظر إلى السعودية على أنها منافس سياسي لها، خصوصًا أن قطر لم تنسَ قيام السعودية بالوقوف ضد انقلاب 1995 الذي أتى بحمد إلى السلطة".

واليوم مع وجود الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط، من الملف النووي الإيراني، إلى الأزمة المصرية والسورية، لا يزال الحاكم القطري متمسكا بتنظيم الإخوان كورقة أخيرة غير مستعد حتى الآن بالتخلي عنها.
الجريدة الرسمية