رئيس التحرير
عصام كامل

إلى وزير الزراعة: "تعمير" أم "تخريب"؟


26 مليار جنيه متأخرات هيئة مشروعات التعمير والتنمية الزراعية للموازنة العامة للدولة.

هذا الرقم صحيح من واقع أوراق الهيئة، لكنه غير حقيقي بسبب عمليات تسعير مكتبية وخيالية لأراض تقع تحت ولايتها، وأنفق عليها مصريون ماء الجبين وشقاء السنين، لزراعتها، على أمل تمليكها بمبالغ عادلة للطرفين، الدولة والمواطن.. لذا، سيستمر التعثر الذي تواجهه الهيئة في تنفيذ قراراتها الجزافية، لتكون سببا مؤبدا لامتناع المواطنين عن سداد مال الدولة المقدر على أملاكها من لجان لا يملك أعضاؤها قلوبا، ولا ضمائر وطنية.


وحينما يطلق مسئول ـ غير قيادي ـ في الهيئة ذاتها، اسم "هيئة التخريب" على جهة عمله، فمعنى ذلك أنها تسمية ليست مغرضة، لأنها خرجت من أهل البيت.

المسئول أكد ضلوع الهيئة في عهد الدكتور على إسماعيل، في تجميد التنمية، والتسبب في وقف إمداد الخزانة العامة للدولة بمبالغ عادلة من بيع أراضيها التي تقع تحت ولايتها (نحو 9.1 ملايين فدان صالحة للزراعة).

وحسب المسئول: كانت اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة، تحدد أسعارا مرتفعة لتقنين أراضي وضع اليد "ولاية الهيئة أو المحافظات" والمشمولة بالقرار 148 لسنة 2006، وكانت التظلمات تعيدها إلى السعر العادل الذي يرضي المزارع بالسداد بالتقسيط، ما يعني إنعاش الخزانة العامة للدولة بأموال بيع أراضيها سنويا.

وجاء عهد الدكتور على إسماعيل، لتتضخم متأخرات الهيئة، بسبب اللجنة التي "افتكسها" لمراجعة أسعار اللجنة العليا، وكان معاليه يتمطع ثم ينفخ سعرا يساوي ثلاثة أضعاف السعر المقدر من اللجنة العليا، ليتسبب في إعاقة التقدير والتحصيل، وهدر الأموال التي تلقتها اللجنة العليا، ولجنته الخاصة، وإرباك مجلس الدولة بقضايا تخسرها الهيئة دائما من أول جلسة.

إضافة إلى ما سبق، وقع في يدي "مستند" رسمي، بتاريخ 15/4/2013، تخاطب فيه الهيئة إلإدراة المركزية لحماية الأراضي، بضرورة التنبيه على محافظة البحيرة بإيقاف التعامل على العقود الصادرة منها ببيع أراضي حزامها الصحراوي في وادي النطرون، والتنبيه على الملّاك بمراجعة الهيئة ومعهم أصول العقود وكشف الإحداثيات وكروكي تفصيلي للموقع "حتى يتسنى البحث والدراسة حفاظا على المال العام".

بدورها، خاطبت "حماية الأراضي" مديرية زراعة البحيرة، باتخاذ اللازم حول تنفيذ ما ورد في كتاب الهيئة ووضعه حيز التنفيذ، وإعادة المتحصلات المالية التي تلقتها نظير بيع الأراضي، ما أدى إلى إرباك أصحاب العقود المحررة منذ أكثر من عشرة أعوام، لأراض مزروعة، ولها بطاقات حيازة رسمية.

القائم بأعمال رئيس الهيئة وقتذاك ـ المهندس هشام فاضل ـ يعلم أن هذا الإجراء كان واحدا من المسببات التي فجرت ثورتين عظيمتين في مصر، ويعلم أيضا أن المحافظات باعت هذه الأراضي بمبالغ تتراوح بين 400 و600 ج للفدان بأقساط تسدد على سبعة أعوام، ولم يزرع من المشترين الأصليين سوى أقل من 5 في المائة، فيما آلت النسبة الباقية إلى مزارعين جادين اشتروا الأراضي بأرقام تتراوح بين 5 و10 آلاف جنيه للفدان.

ويعلم كل علماء زراعة مصر، أن فدان الصحراء ينفق نحو 20 ألف جنيه، قبل وضع أول غرسة فيه، لزوم البنية التحتية والمرافق، التي لم تنجز المحافظة منها سوى "مدقات" غير ممهدة للوصول الآمن لمواقع الجهاد الحقيقي.

الحل في إسناد رئاسة الهيئة لرجل قوي أمين، يكون قد عمل فيها ويعرف كيف يعيد اسمها من "مفسدة" إلى "محسنة"، لأن رئيسها الحالي على أمانته ودقته، لم يقدر على فك طلاسم تشريعات سابقة أحدثت تلبكا معويا للهيئة ومجلس الدولة، وفقرا في الخزينة العامة لمصر المسكينة.
barghoty@yahoo.com
الجريدة الرسمية