محو الأمية
تعددت الإحصاءات عن عدد الأميين في مصر وتعددت أيضا طريقة حصر الأميين.. فمن الناس من قرر أن الأمية هي أمية القراءة والكتابة.. ومنهم من ذكر أن الأمية أمية الكمبيوتر والقدرة على التعامل مع الإنترنت والتواصل بقدرة وفهم.
لا شك أن الأمية وهي المعنى الحقيقي للجهل والتقادم عبر الزمان حتى يصبح الإنسان يعيش فقط الحياة وهو غير متفاعل معها يعيش وهو راض أن يعيش الحياة في غيبوبة لا يفيق منها سوى بالموت ليكتشف أن كان هناك فرصة لاستغلال أفضل من الحياة لن تعود مرة أخرى.
إن الأمية في وجهة نظرى ليست عدم تواجد مهارة القراءة والكتابة أو مهارة التعامل مع الكمبيوتر.. وإنما هي عدم القدرة على تغيير المواقف التي يؤمن بها الفرد وفتح العقل والقلب للعلم والمعرفة وتغيير الواقع والإنصات بتفهم للآخرين والقدرة على المفاضلة بين البدائل المطروحة والحلول دون التشبث أو التعصب لرأى.
إن الأمية التي نتحدث عنها اليوم هي أمية الإنسان الذي إن لم تجعله يعيش على الهامش طول عمره فإنها تدمره وتدمر حياة الآخرين معه.. وللأسف ليس للآخرين ذنب إلا أن نصيبهم جمعهم معه فى طريق ما كانوا يسلكونه وسيتقبله الفرد رغما عنه انتظارا للأمل أن ينصلح الحال وتتغير الظروف للأفضل.
الأمية ليست عدم الحصول على الشهادات ولا بعدم التقدم في المناصب.. فقد يكون إنسانا غير متعلم إلا أنه قادر على الحياة بمهاراته وقدراته على تغيير الواقع والغير للأفضل.. وقد يكون إنسانا آخر على النقيض لديه من الدرجات العلمية أعلاها ولكنه يدمر نفسه والآخرين معه.
ليتنا نخاطب الأميين الحقيقيين ونحاول أن نبذل قصارى جهدنا معهم لأنهم الأكثر تدميرا للمجتمع من الأميين الذين لا يقرأون ولا يكتبون والذين لم يكن لهم حظ في التعليم.
الأمية هي كيان يتحرك بيننا قادر على تغيير الأفضل إلى الأسوأ سريعا ولكننا نتقبله ونتعامل معه مع أن آثاره على المجتمع لا يمكن حصرها وتنتشر معه كما تنتشر الأمراض.
من تفوق علينا وتقدم عنا في الطريق نحو إحراز الرفاهية لمجتمعاتهم هم من علموا كيف يتعاملون مع الأمية.. فمقياس الأمية لا يمكن قصره على قراءة أو كتابة وإنما على من غابت عقولهم واستبدلوها بتعصب أعمى وإغلاق الآذان والأعين عن الحقيقة واستبدالها بما يروق لهم من أفكار ووجهات نظر تدمر المجتمع قبل أن تدمرهم أنفسهم.