رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

إلى الرئيس القادم: من هنا تنجح


هل لزراعة الصحراء ثمن أغلى من عقد تمليك؟
هذا السؤال مطروح لرئيس مصر القادم قبل أبريل 2014، لعله يعلم أن الثمن الوحيد لمن يزرع الصحراء هو عقد ملكية الأرض التي رواها بعرقه، وأصلحها بتحويشة عمره.


ليعلم الرئيس المقبل، أن هذه القضية تؤرق أكثر من ثلاثة ملايين مصري، صدقوا غنوة: الأرض لو عطشانة نرويها بدمانا، وقد رووها فعلا بماء غائر، ودم حاضر، وكانت النتيجة شعورهم الدائم بأنهم كانوا مغفلين.

إن هناك فئة قليلة من المصريين أثروا ثراء فاحشا من "تسقيع" الأرض، كما أن هناك ملايين من المواطنين أيضا، باعوا الغالي والنفيس كي يزرعوا الصحراء، فتحولوا من مستورين إلى فقراء، ومنهم من دخل السجن بديونه، لإيمانه بضرورة تحويل جزء ولو حسير من الصحراء إلى وحدة إنتاجية خضراء.

القصد من الصحراء هنا، تلك الأرض الصحراوية التي وجدت خارج نطاق خطة الدولة للاستصلاح، فلم تشملها بالمرافق، ولا بمصدر ري، ولا بأي مظهر من مظاهر العيش، ثم خصصتها الدولة للمحافظات، أو خصصتها الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية لأفراد وشركات.

وليعلم الرئيس المقبل أن هذه التجربة تبدو شيقة ووطنية وإنسانية في خطواتها الأولى، ثم تتحول في منتصف الطريق إلى شاقة وعدمية ومهينة، لإحساس المواطن بأنه لا أمان ولا ثقة في أحقيته بامتلاك ما زرعه في وطنه، أو ما أضاعه من مال، وما أهدره من عمر في قضية البناء والتنمية الشاملة في بلده.

لست أدري ما الذي يحدث إذا حاز المزارع عقد ملكية الأرض، بعد استيفاء شروط التملك ـ حتى ولو كانت مجحفة؟ ولست أدري أيضا من الذي يعوق مسيرة الإحساس بالذات، أو يمنع ترجمة النجاح إلى شهادة المواطنة الحق المرهونة بالملكية؟

إن في دواوين عموم المحافظات التي تملك نطاقا صحراويا، كتائب من الموظفين المعوقين، ومجالس إدارات صناديق، ولجان فنية، مهمتها دراسة كل ما من شأنه تعويق إصدار "شهادات التمليك".

أتحدى وزير زراعة، أو وزير تنمية محلية، أو محافظ، أو رئيسا لهيئة تنمية مشروعات التعمير والتنمية الزراعية، أن يرد على حديثي هذا بما يكذبه، أو يطعن في مصداقيته، ولن أطلب منه سوى مستند يثبت تملك مواطن واحد في مصر أرضا استوفى شروط تمليكها، قبل مرور خمس سنوات على الأقل من طلبه المشروع.

ليعلم الرئيس القادم لمصر قبل نهاية أبريل المقبل، أن هذا الملف بالذات يحمل سر النجاح، حيث يفتح خزائن مصر الحقيقية، وذلك من خلال إعادة الثقة في الاستثمار الزراعي في الصحراء تحديدا، حيث إن نحو 250 مليون فدان في مصر قابلة للزراعة، لم نزرع منها سوى 4 % فقط، و1% مستغل لأنشطة غير زراعية، ولا نزال نستورد أكثر من نصف قمحنا.

وليعلم الرئيس القادم أيضا أن تمليك الأرض التي استوفت شروط تملكها، دونه العديد من المعوقين والمرتشين، وزارعي الأشواك تحت أقدام المستثمرين في مجال الزراعة، حتى أصبح كل من يغزو الصحراء، ناصحا أمينا لمنع الكثيرين من دخول المغامرة.

* نموذج: محافظة البحيرة باعت لمواطنين، سنة 1997 مساحة 36 ألف فدان في وادي النطرون، بـ 600 جنيه للفدان على تسع سنوات، بعقود بيع ابتدائي (أرض مخصصة للاستصلاح الزراعي)، على أن يحصل المواطن على العقد "النهائي" بعد زراعة الأرض باستخدام بئر ماء جوفية.
والآن، تطالب المحافظة كل من استوفى الشروط، إحضار ثلاث موافقات مجهدة، من "القوات المسلحة، والآثار، والمحاجر"، إضافة إلى800 جنيه عن كل فدان كرسم تنازل، وكان من الأولى أن تحصل المحافظة هي على هذه الموافقات، قبل طرحها.
هل هذه تنمية؟
barghoty@yahoo.com
Advertisements
الجريدة الرسمية