رئيس التحرير
عصام كامل

ومن الحب ما قتل!


لا أجد أي حرج في إعلان تأييدى لترشح المشير عبد الفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية، رغم أنى أُتهم دائمًا – ظلمًا وزورًا – أنى من جماعة (خُلقنا لنعترض)! فقد شرُفت بالمشاركة في ثورة يناير منذ يومها الأول، كما شاركت في معظم المليونيات التي تدعو لاستمرارها أو استعادتها من سارقيها، سواء كانوا من أصحاب اللحى أو من مرتدى البيادة، وشاركت في الاستفتاء على التعديلات الدستورية بـ (لا)، وعلى دستور (أم أيمن) بـ (لا) ثانية.


أي أننى تجرعت كأس الغيظ إلى آخره كما وعد النبى محمد وليه على ابن أبى طالب، وحملت قلمى وفرشاتى في كتائب حركة (تمرد)، وهتفت حتى بُح صوتى بميدان التحرير يوم 30 يونيو الذي أُصر على وصفه بالموجة الثانية لثورة يناير وليس بالثورة الثانية أو الثورة الحقيقية كما يصفها المدلسون من أبناء مبارك.

وبكيت حتى جَفت دموعى من الفرح بعد سماع بيان السيسي يوم 4 يوليو والذي أكد به تحرُر مصر من الاحتلال الإخوانى، وهتفت مع الجموع ثانية "الجيش والشعب إيد واحدة" يوم شاهدت مدرعات القوات المسلحة المصرية في طريقها لمحاصرة ميدان رابعة، رغم أنى كنت ممن هتفوا بالأمس القريب "يسقط يسقط حكم العسكر".


واستجبت لنداء السيسي يوم طلب من الشعب تفويضًا للقضاء على الإرهاب، فوقفت مع الملايين في ميدان التحرير لأول مرة وأنا آمنة من عصيان الأمن المركزى وغاز الداخلية، أهتف بكل سعادة "الليلة الليلة..مافيش إخوان الليلة" وبكل صدق " انزل.. يا سيسي" ولكن كل ما سبق لا يُلزمنى بأن أكون طوال الوقت في صفوف المعترضين لأحتفظ بلقب (ثائرة)، أو أن أكون من البله بحيث أؤيد السيسي ونظامه بغير إعمال عقل وأن (أُصهين) على تجاوزات الداخلية في أسلوب القبض على الإخوان والثوريين مؤخرًا.

كما أن كل ما سبق لا يجعل من السيسي زعيما، فقد استجاب سيادته مشكورًا لنداء الشعب المصرى ولكنه لم يكن صاحب النداء، هذا ما يجعل منه (مُخلّصا) وليس (زعيما)، والفارق بينهما كبير، علمًا بأن المُخلّص قد يتحول يومًا إلى زعيم، ولا أستبعد ذلك عليه فقد استطاع خلال الأشهر القليلة الماضية أن يحظى بشعبية جارفة وتوافق شعبى لم – ولن - يحظى بمثله غيره من الذين ينوون الترشح للرئاسة.

وأنا مثلى مثل كثيرين - لا أعلق عليه - وإنما أُعلق على قدرته على استثمار تأييد الشعب له وحشد طاقاته الإيجابية آمالًا كبيرة.. إلا أن المغالين في حب السيسي مثلهم مثل المغالين في كراهيته، يُخسِرونه الكثير من رصيده بإمعانهم في تمجيده والتنكيل بمعارضيه، فالأصوات التي تناديه: (كَمل جميلك) أكثر إضرارًا له من تلك التي تنادى بسقوطه، وعلى من يُكمل جميله؟ على مصر؟!

هذه الشعارات وغيرها تجعلنى ومن مثلى يزدادون توجسًا من إعادة صنع فراعنة جدد، وتجعلنا أكثر ميلًا لاختيار مرشح نستطيع أن نعارضه إذا شِئنا وشاء لنا القدر.. فيا محبي السيسي، أحبوه هونًا ما، فمن الحب ما قتل.
الجريدة الرسمية