رئيس التحرير
عصام كامل

طبخ المطبوخ في الأوقاف المصرية (3)


المثل البلدي القديم "الخواجة لما يفلس.. يفتش في الدفاتر القديمة"، ينطبق تماما مع ما يحدث حاليا في هيئة الأوقاف المصرية، برئاسة رئيسها الحالي، وتحت نظارة ناظر الوقف الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، في حكومة الترضيات التابعة للدكتور الببلاوي.


بدأت الهيئة السحب من الاحتياطي النقدي الخاص بها، ونسبته 10 في المائة من ربع الأوقاف، وهو بند يجب أن تستثمره الهيئة لمواجهة التضخم وتراجع قيمة الجنيه المصري مع الزمن، وفي حالة تراجع إيرادات الهيئة، بحيث تصبح نسبة الـ 15% الخاصة بمصروفاتها، غير كافية للأجور والحوافز والإضافي والمكافآت، وغيرها من فواتير الهدر الشهري واليومي من مال الوقف.

وحتى تكتمل الصورة، فإن هيئة الأوقاف المصرية هيئة اقتصادية نشأت عام 1972 بقرار من الرئيس محمد أنور السادات، لاستثمار مال الوقف بطريقة اقتصادية مستقلة، بحيث تحصل الهيئة على 25 في المائة من ربع الاستثمار (15% للأجور و10% للاحتياطي)، فيما تؤول نسبة الـ 75% الباقية لوزارة الأوقاف التي تنفقها على الخيرات.

ولأن الهيئة توقفت عن الاستثمار منذ استقالة رئيسها الأسبق اللواء ماجد غالب، تراجعت إيراداتها بشكل مخيف، حتى أن رئيسها اللاحق الدكتور أسامة كامل، المنتدب من معهد بحوث الهندسة الزراعية لإدارة قاطرة الاستثمار، لم يفلح في إعادتها إلى هدفها الذي أنشئت من أجله، لقصر فترته.

واجه كامل مقاومة عنيفة من بعض وكلاء الوزارة، خاصة القائم منهم على إدارة الاستثمار، فعوق كل مساعيه، ليفشل في تنفيذ أي من أفكاره خلال فترة لم تستمر سوى نحو عشرة أشهر، حيث أقصاه نظام الإخوان بعد جلسة لمناقشة ميزانية الهيئة في مجلس الشورى، حيث اتهم يومها نواب برلمان الإخوان بمحاولة ابتزازه، فهاجت الدنيا، ووجهت الأوامر للوزير الدكتور طلعت عفيفي بضرورة إقالته.

ترك أسامة كامل أرتالا من الدراسات والبروتوكولات الموقعة مع معظم المحافظات الغنية بالموارد الطبيعية، مثل: جنوب سينا، شمال سينا، الوادي الجديد، والبحر الأحمر، إلى جانب عدد من دراسات الجدوى التي دوخت رؤوس بنوك وهيئات اقتصادية أخرى، ورحل دون أن ينفذ إحداها، كما لم يتم تفعيلها بعد تعيين الرجل الأضعف في الهيئة خلفا له.

لم يفعل محمد مختار جمعة في منصبه كناظر للوقف الخيري في مصر، سوى إعادة طبع البروتوكولات بعد حذف توقيعات المحافظين وأسامة كامل وطلعت عفيفي، ثم نفذ رحلات مجدولة ومخططة من رئيس الهيئة الحالي، لإقامة احتفالات أخرى لتوقيعها من جديد أمام كاميرات الصحافة والتليفزيون.

ونظرا لفشل رئيس الهيئة الحالي في تدوير عجلة الاستثمار، وأمام الإلحاح الدائم من موظفي الهيئة (نحو ثمانية آلاف موظف)، في ديوانها العام ومناطقها الـ 26 في محافظات مصر، اضطر الجميع إلى الرضوخ للسحب من الاحتياطي العام، وقد وصل مبلغ السحب حتى ديسمبر الماضي نحو ستة ملايين جنيه.

ومع توقع استمرار السحب من الاحتياطي، وارتفاع مؤشر الخطر، تفتق ذهن صلاح جنيدي رئيس الهيئة عن فكرة الجباية، بعد فشله الذريع في الاستثمار، فعرض اقتراحا على مجلس الإدارة المنعقد في ديسمبر الماضي، برفع إيجارات الأطيان الزراعية إلى 4000 جنيه للفدان سنويا، فوافق عليه اعتبارا من 1/11/2014، بدلا من ثلاث مستويات إيجارية تتراوح بين 1000 و1800 جنيه للفدان، ليهدد بثورة اجتماعية جديدة، لا قبل لمصر بتحملها حاليا.

يحدث هذا في هيئة الأوقاف، ولا يزال الوزير، مشغولا بإرضاء شيخ الأزهر، بقصر الخطابة والإمامة في المساجد، على الأزهريين، ظنا منه أن "الإخوان" بعيدين عن مؤسسة الأزهر.
"أفلح إن صدق"
الجريدة الرسمية