رئيس التحرير
عصام كامل

قتلنا الحب ..ونبحث عن القاتل


نعيش لاهثين وراء الحب باحثين عنه وعندما نجده نشعر وكأننا ملكنا الدنيا بما فيها ونظل ننهل من معينه مستمتعين بمذاقه الحلو .. فيملأ حياتنا بكل ألوان السعادة ولا ترى أعيننا إلا من نحب ولا تسمع آذاننا إلا صوته وكلماته .. سعادة مطلقة ما بعدها سعادة .. وعندما نهنأ بالقرب منه نتمنى أن يتوقف بنا الوقت حتى لا نفترق.

 

وتجمعنا الأيام ويتحقق الحلم الذى طالما حلمنا به وهو أن يجمعنا بيت واحد ونكمل حياتنا معًا للأبد لكن بعد فترة تهدأ عاصفة الحب ونيرانه المتأججة وتزول بالتدريج هذه الشرارة الجميلة التى كانت تتولد عند كل لمسة، وكذلك الاشتياق واللهفة عند التلاقى ليعتاد كل منا وجود الآخر فى حياته ومع الوقت يتلاشى كثير من المعانى الجميلة، وتتحول لمساتنا إلى روتين بل وقد تتحول إلى ملل .. وتتسع لحظات الصمت لتصبح ساعات .. ويبدأ كل طرف فى بناء جزيرته الخاصة التى تضم اهتماماته الجديدة .. صداقاته وعلاقاته.

 

ويتحول المنزل لمجرد محطة للراحة والنوم .. ليس للرجل وحده بل و للمرأة أيضًا .. فكل النساء يعملن الآن، هذا الملل والبعد يولد إحساسًا بالتحفز لتصرفات الآخر فلم يعد كل منا (يبلع الزلط للآخر) .. بل أصبحنا نتصيّد الأخطاء لبعضنا .. وكأننا تحولنا لأعداء .. وأحيانا يتحول الأمر إلى (رمى طوبة) الآخر تمامًا .. فليفعل وليقل ما يحلو له .. فلم تعد هناك رغبة فى الكلام أو النقاش .. فتحولت الحياة لمجرد أيام وبنعيشها.

 

وما يزيد المسألة تعقيدًا هو أن كل طرف يرمى هذا الملل والجليد الذى ملأ كل جوانب الحياة الزوجية على الآخر .. ولا يعترف بالأخطاء التى وقع فيها .. فدائمًا الآخر هو المخطئ .. لم يتخذ الخطوة الأولى فى طريق استرجاع الحب المفقود .. وهذا هو أصل المشكلة انتظارنا دائمًا مبادرة الشريك وتوقعنا منه لفعل الأفضل ومحاولته إذابة جليد الحياة الزوجية.

 

لنحاول أن نستعيد ذكرياتنا معًا وأيام الحب وثورته هل كنا ننتظر المبادرة أم كنا نهرول مسرعين نحو الحبيب نغرقه كلامًا يذيبه نسأل عليه ليل نهار بلا أى مبرر أو انتظار سبب للسؤال حتى وإن كان زواجنا بلا حب .. فأكيد هناك ذكريات جميلة تجمعنا .. لحظات سعادة تقاسمناها سويًا .. عشرة طيبة .. حتى وإن تحولت مع الوقت لغير ذلك.

 

فنحن السبب .. لقد تركنا صخب الحياة يدمر كل معنى جميل بيننا .. وجعلنا الماديات تسيطر على عقولنا .. قتلنا الحب سويًا .. ونبحث الآن عن القاتل.

 

نلقى باللوم على الآخر دون أن نحاول إصلاح الأمور.. ونخلق لأنفسنا الأعذار .. فلماذا لا نخلق له هو أيضًا نفس الأعذار .. ونحاول أن نضع أنفسنا مكانه .. ونجعل المبادرة منا ونحاول إذابة الجليد .. فالحب الذى جمعنا يستحق .. وكذلك العشرة.

الجريدة الرسمية