مطرقة "المنحل" وقنابل "المحظورة"
رجال الحزب الوطني المنحل، بكل فسادهم وأموالهم التي تقترب من مال قارون، لم يرفعوا راية الخراب عندما نجحت ثورة 25 يناير 2011 في خلع الرئيس الأسبق حسني مبارك.
أما رجال "المحظورة"، فأعلنوها صريحة "100 يوم خراب"، بعد فض اعتصامي "رابعة" و"النهضة" اللذين أعقبا نزع رئيسهم الدكتور محمد مرسي بثورة 30 يونيو 2013.
في ظني، هناك نقطة تشابه مهمة بين الفريقين تتمثل في أنهما كانا ينتقيان أعضاءهما، فالمنحل بحث عن الثقة المتناهية في الولاء للحزب الذي حكم أكثر من 30 عاما، والجماعة جاهدت أكثر من 80 عاما، حتى وصلت بكتائبها إلى الحكم بالتزوير والاستقواء لإقرار النتيجة المزورة.
أما أهم نقاط الاختلاف، فتتمثل في أن "المنحل" كان ينتقي أرباب العائلات، ورجالات الاقتصاد والتعليم والسياسة والدين، وكان يوظف كل رجل داخل الحزب في المكانة التي تليق بقدراته، بحيث يضمن استمرار سريان الحافلة، مهما سممت رائحة فسادها الأجواء العامة.
أما الجماعة، فكانت تنتقي الفقراء، والجاهلين، وأنصاف المتعلمين من خريجي التعليم المتوسط، وهم أخطر من الأميين، حيث تكون عقولهم الخربة سهلة التعمير بالأفكار المتشددة، ونفوسهم المظلمة سهلة الاشتعال بشرارة الحقد تجاه كل من اختلف معهم.
والنتيجة الواضحة، أن ثورة 25 يناير خلعت رئيسا استمر نحو 31 عاما، وكانت دولته تملك أقوى جهاز أمني في الشرق الأوسط، وأقوى عاشر جيش في العالم، وكانت تحتمي بعضوية نحو أربعة ملايين شخص في الحزب، خرج منهم كثير إلى الشارع ولم يذكروا كلمة "انقلاب".
كما أن رجال "المنحل"، لم ينظموا مظاهرات لقطع الطرق، وتعطيل الدراسة الجامعية، ولم يستقووا بالخارج، ولم يتحالفوا مع "الشيطان" ضد مصر، لأنهم آمنوا بأن الاختلاف مع العائلة لا يعني سكب البنزين على بيت يشتركون في ملكيته، ليشعلوا فيه نار صدورهم.
أما رجال الجماعة، فلأنهم دائما ضد الوطن، ويصفونه بالوثن، فهم يشحنون صبيانهم ومجاذيبهم لإفساد كل ما هو وطني إرضاء لسادتهم خارج حدود الوطن.
ومن أهم نقاط الاختلاف أيضا بين الفريقين، أن رجال الحزب الوطني أثروا ثراء فاحشا من دماء أبناء الوطن، ليبنوا المنتجعات والأبراج ويدشنون الصحف والفضائيات لغسيل أموالهم المسروقة من قوت الشعب، فيما جاء ثراء رجال الجماعة من الخارج، حيث زرعت الماسونية العالمية مناديب لهم في قطر، وأمريكا، ولندن، وتركيا، ليكونوا خير سفراء للبيع الرخيص، بيع الوطن لتأسيس الخلافة، وبالتالي زوال الحدود وتلاشي الهوية.
وفي رأيي أن الشعب الذي خلع مبارك وحزبه، ومرسي وجماعته، قادر على إفساد القنابل الصغيرة التي تتناثر هنا وهناك، في الجامعات وبعض المؤسسات المصرية في الخارج، لتجنيب الجيش والشرطة حرج التدخل لإنهاء الأزمة بالقوة.
وعلى الشعب عدم إثبات قوته في نزع هذه الفتائل الخطرة، بالتناحر في معارك مشتركة، لكن بفتح جبهات الإنتاج مرة أخرى، مع اعتبار هذه الجماعة ومجاذيبها فصيل مارقا، وأداة للقوى الشيطانية التي تتربص منذ مئات السنين للأخذ بالثأر من عمرو بن العاص، وصلاح الدين الأيوبي، وغيرهما من الزعماء المسلمين، الذين افتتحوا مصر، وأراحوها من وثن الصهيونية والماسونية قبل مئات السنين.
إن شباب هذه الجماعة، خاصة المتعلمين منهم، لم يعد أمامهم سوى اللجوء إلى كتب التاريخ، لعلهم يجدوا فيها ضالة موثقة، تؤكد أن ما يحدث في مصر، ليس سوى مؤامرة ماسونية لهدم معاقل الإسلام في دياره وبأيدي المسلمين، وتم الإعداد لهذا الغرض منذ أكثر من مائتي عام، حينما اجتذبت محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية، ومن بعده حسن البنا في مصر.
barghoty@yahoo.com