رئيس التحرير
عصام كامل

إسفاف "البرنامج" .. شوكة في ظهر الإعلام


barghoty@yahoo.com
من شاهد حلقة "البرنامج" العائد في العاشرة من مساء الجمعة الماضي، خاصة شقيها الأخيرين، يجد نفسه حائرا بين أمرين: أولهما أن القوات المسلحة اطلعت على تسجيل الحلقة قبل بثها، وأجازتها، لتمرير رسالة "سعة الصدر أمام حرية الرأي" التي ركز عليها باسم يوسف في نهاية الحلقة، لينهيها بجرعة زائدة من الإسفاف.
الأمر الثاني هو احتمال أن باسم فقد عقله، وأن إدارة القناة لم يصبح فيها عاقلا يفرق بين الفكاهة والإسفاف، أو النقد والتجريح الإباحي، الذي لم يرد في أفلام ساقطة منعها أولياء الأمور من بيوتهم، خوفا على مشاعر ذويهم.

إذا كان الأمر الأول صحيحا، فهي كارثة من كوارث السلطة، التي تحاول تمرير رسالة سمحة، فتقع في فخ تفويض شخص أخرق، أغوته الرعونة، ليتجاوز سقف الحياء، متصورا أنه فوق المساءلة.

وإذا كان الأمر الثاني هو الأصح، فهذا معناه أن يعرض باسم فورا على طبيب أمراض عقلية، ثم على لجنة تدريب مكونة من فريق كوميدي أصيل، يضم: أشرف عبدالباقي، محمد هنيدي، محمود عزب، وأحمد حلمي، كي يعلموه الفرق بين الفكاهة والإسفاف الإباحي.

قصدت هنا وصف الإسفاف بأنه "إباحي" أيضا، لأن هناك إسفافا يهبط بالأداء لكن ليس لدرجة الإباحية، كأن يتقصع "منولوجست" أو يرقص رقصات مخلة بالرجولة، لتسود حالة البهلوانات الذين يملأون شاشات الفضائيات حاليا.

أجزم أنه لا أحد ـ رجلا أو امرأة ـ في جميع المراحل العمرية، حتى الصبي المراهق، شاهد حلقة "البرنامج" العائد مساء الجمعة الماضي، دون أن يشمئز، أو أن يترقب طلوع الشمس، حتى يسمع خبر اعتقال باسم يوسف، أو إغلاق قناة "سي بي سي"، لأن 95 في المائة من مشاهدي القنوات الفضائية، "بيجيبوا من الآخر".

المشاهد العادي لا يحسب الحسابات، ولا يقيم التوازنات حين تقع عيناه على مشهد خادش، أو تسمع أذناه عبارات ذات دلالات إباحية، مهما حاول صاحبها إخفاءها بصبغات ذات دلالات شعبية، لا ترقى إلى مستوى البث الإعلامي.

قبل 30 يونيو، كان أداء باسم لاذعا، وكان يقع في فخاخ الإسفاف أيضا، خاصة عند تناوله جماعة "الإخوان" البائدة، ورئيسها منزوع الدسم والمنصب، وكانت مرارة الحلق التي تصيب المشاهد تجاه الدولة وأحوالها، تجعله مستسيغا الإسفاف كونه موجها إلى إسفاف سياسي، أوصل مصر إلى ما وصلت إليه الآن.

حاز باسم جائزة عالمية في الولايات المتحدة، فكانت الجائزة علامة استفهام للقلة التي تدس "مناخيرها" في كل صغيرة وكبيرة، واستفحلت علامة الاستفهام لدرجة الانفجار مساء الجمعة في حلقته الأولى من طبعته الجديدة لـ "البرنامج"، بمجموعة إيحاءات تتجاوز الإسفاف للإباحية.

هذا الحديث قد يترجم في مجال الصحافة والإعلام على أنه بلاغ لمن يهمه الأمر ضد باسم، وحتى أقطع الطريق على من يبادر بهذا الحكم، فهنا سوف أبدأ بلاغي مباشرة:
السيد النائب العام المبجل:
بالأصالة عن نفسي، وبالنيابة عن كل مصري غيور على مشاعر أبنائه وبناته وأخواته وزوجته، أرجو فتح ملف تحقيق فوري في موضوع حلقة "البرنامج" التي أذيعت مساء الجمعة 25 أكتوبر، وفض ملابساتها، وعشمي نشر أو إذاعة تداعيات تسجيلها، كونها تنطوي على فضيحة رسمية، لا يجب السكوت عنها، أو الصمت حيالها.

ولتلخيص رأيي في هذه الحلقة، فإنها تفتح الباب على مصراعيه أمام قذائف مسمومة لإصابة الإعلام في مقتل، والإعلام النظيف بكل مدارسه ومناهجه، بريء براءة تامة من هذا الإسفاف الإباحي، الذي يخجل أكثر مما يضحك، ويضع الإعلام في حرج لا يحتمله حاليا.
الجريدة الرسمية