رئيس التحرير
عصام كامل

فاينانشال تايمز: مصر أكبر من الفشل.. وحالة الاستقطاب والعنف أفقدتها الاستفادة من الثراء الثقافي.. البلاد تفتقر لمشروع وطني منذ عهد محمد علي.. وتماسك الجيش يبعث الأمل وسط مشاهد الدم

جانب من مظاهرات لانصار
جانب من مظاهرات لانصار المعزول - صورة أرشيفية

قالت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية إن تكرار عمليات العنف في مصر، وحالة الاستقطاب العميقة التي تعاني منها البلاد، جعل المجتمع المصري يضيع فرصة ثمينة للاستفادة من الثراء الثقافي للبلاد، فمنذ العملية الانتقالية السياسية التي بدأت في يناير لعام 2011 إلى الآن، فشلت في تقديم إجابة للسؤال عن ما هي مصر؟.

وأشارت الصحيفة إلى أن مصر تفتقر أي مشروع وطني أو محاولة جادة لمواجهة التناقضات في النسيج الاجتماعي، منذ عهد مؤسسي مصر في العصر الحديث في القرن 19، محمد علي باشا والخديوي إسماعيل، وأصبح هذا التناقض أمرا واضحا. 

وهناك عاملان لذلك التناقض، الأول الديموغرافيا لوجود الملايين بدون تعليم والشباب العاطلين والأسر التي تعيش في ظروف صعبة وسط انعدام الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى حالة الاستقطاب التي أصبحت مصر تعاني منها منذ عامين ونصف، وتهميش فئات من المجتمع وعدم تنفيذ الوعود بمشاركة الشباب في مشروع وطني جديد يقدم الوحدة الوطنية.

والعامل الثاني هو الاقتصاد، فمصر تواجه تحديات حادة تتعلق بالهيكل المالي والقدرة التنافسية والنظام التعليمي، فكان من الممكن أن تصبح ثورة عام 2011 فرصة رائعة لتبني الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لمواجهة هذه التحديات، وكان هناك شعور بأن القوى السياسية المختلفة ستجبر على تحقيق تسويات سياسية، ولكن الآن زادت الاضطرابات وتسببت في عدم تماسك اجتماعي.

ولكن هناك بصيص من الأمل مازال موجودا على الرغم من المشاهد الدموية، ومازال المجتمع المصري يحتفظ بطابعه الزراعي الذي يفضل عملية التوفيق وتحقيق تسوية، فضلا عن هيمنة الجيش واستبعاد وجود تقسيم في قيادتها ما جعل العنف ضعيف بشكل ملحوظ في التسعينات، خصوصا بعد معركة الدولة ضد الإرهاب في الثمانينات ضد الجماعات الجهادية التي لم تختار المشاركة السياسية المحلية من خلال هياكل وعمليات منظمة، فلقد أصبحت مصر في وضع ديموغرافي واقتصادي لا يمكن لعمل سياسي يحقق رؤية استراتيجية لكسر الجمود الذي دام فترة طويلة.

ورأت الصحيفة أن مصر أكبر من أن تفشل حيث يشكل سكانها ما يقرب من ثلث عدد سكان العرب، فضلا عن أن مصر أكبر منتج ثقافي في المنطقة، وهي منذ قرون القاعدة الفكرية للإسلام السني، والحاضنة لكل الأيدلوجيات القومية العربية الكبيرة في القرنين الماضيين، فكانت مصر دائما تتولي القيادة لتحديد وتخطي المواقف الحرجة في جميع الملفات الإستراتيجية في الشرق الأوسط.

وأضافت الصحيفة: "لكن مع كل ذلك هناك فرق هائل بين الفشل والنجاح، فيجب على مصر تسعى لتبني سلسلة من التدابير المؤقتة والحفاظ على الهدوء وتمكين البلاد من إطعام نفسها، والعمل على تأسيس تحول سياسي واقتصادي شامل ليأخذ مصر نحو الديمقراطية والاستقرار الحقيقي، وهو الأمر الوحيد الذي من شأنه إطلاق العنان لإمكانيات الشباب وهو مخزن واسع من مواهب الطاقة لدي شباب مصر".
الجريدة الرسمية