راعي كنيسة مار جرجس بدلجا في حوار لـ«فيتو»: لهذه الأسباب نحن سعداء لحرق كنائسنا ولم ولن نستقوي بالخارج
- نرفض جلسات النصب والتهريج العرفية لأنها تغيب دولة القانون
- أحذر أي شخص يدعو لجمع التبرعات من تلقاء نفسه
- الجهل والفقر بدلجــا أرض خصبة للأفكار المتشددة والرجعية
قال الأب أيوب يوسف، راعي كنيسة مارجرجس للأقباط الكاثوليك بدلجا إنها شهدت مأساة استمرت قرابة 76 يومًا من المتاعب والاعتداءات، وأكد في حوار لـ "فيتو"، أننا سعداء لحرق كنائسنا لأنها أعادت شعب الكنيسة إليها وأن أقباط مصر لم ولن يستقووا بالخارج.
وشدد على رفض جلسات الصلح العرفي، لأنها ليست سوى جلسات للنصب والتهريج العرفية وتغيب دولة القانون، وحذر أي شخص يدعو لجمع التبرعات من تلقاء نفسه دون الرجوع للكنيسة، مؤكدا أن الجهل والفقر بدلجــا أرض خصبة للأفكار المتشددة والرجعية.
- في بداية الحوار قلت له: أسرد لنا ما حدث بقرية دلجا؟
الاعتداءات بدأت من أول يوليو واستهدفت سيارتى الخاصة التي هشمت، وفي اليوم الثالث من يوليو عقب بيان عزل "مرسي" قام مئات الأشخاص المسلحين باقتحام مبنى الخدمات التابع لكنيسة مارجرجس للأقباط الكاثوليك والتي أشرف بخدمتها، ونهبوا محتوياتها وكذلك سكني الخاص بالطابق العلوي، ومبني الخدمات كانت به أجهزة ومعدات للسمع وبصريات، إلى جانب إضرامهم النيران بالمكتبة العلمية التي كونت بالعرق والدم منذ قرابة الـ10 أشهر وكانت تضم 300 ألف كتاب بشتى النواحي العلمية منها سياسية ومؤلفات الشيخ محمد عبده، الطهطاوي، ونهبوا أيضًا محتويات مكتبة الهدايا والمبيعات، وكذلك حضانة الأطفال وسرقوا محتوياتها ولم يكتفوا بهذا، حتى أسلاك الكهرباء ومفاتيح الإضاءة، والأبواب الحديدية سرقت، وأضرموا النيران في كل المباني، وكنت وقتها متواجدا بالدور العلوي محل سكني، ولولا العناية الإلهية وجيرانى المسلمين ومنهم "أحمد توني سيف النصر الذي استضافنى بمنزله لا أدري ماذا سيكون الأمر، كما نهبوا قرابة الـ20 منزلا للمسيحيين وأشعلوا بها النيران بعد سرقتها، ووضعوا لافتات تسند ملكية المنازل للمعتدين "وضع يد ".
- وماذا حدث عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة ؟
استمر مسلسل الرعب من 3 يوليو حتى 14 أغسطس، حيث قام أنصار المعزول بالاعتداء على كنائس دير العذراء والأنبا إبرام الأرثوذكسي، الذي يضم ثلاث كنائس، منها كنيستان أثريتان وهي كنيسة العذراء والتي شيدت منذ 1600 عام، الأخرى باسم مار جرجس، والجديدة باسم الأنبا إبرام، تم الاعتداء عليهم بعد أن نهبوا، كذلك بيت الخلوة وسكن الأسقف والمشغل، وحدة الإنترنت، ثم أضرموا النيران بها، ولم يكتفوا بهذا بعد أيام قليلة عادوا مرة أخرى وقاموا بخلع الرخام من الحوائط والسيراميك من الأرضيات، وهدموا كنيسة العذراء الأثرية، وحفر المعتدون تحت الكنيسة الأثرية زاعمين وجود آثار أسفلها، والأمر الأصعب هو قيام أحد المشرفين على الحفر بمطالبة المعتدين بإراقة دماء أطفال مسيحيين لأن حارس الكنز يريد ذلك، في إشارة غير مباشرة منه لقتل المسيحيين، ما دفعهم للتوجه إلى منازل الأقباط المجاورة للكنيسة ونهبوا 38 منزلا ودمروها بالكامل بعد أن هجروا أصحابها، وعند مهاجمتهم لمنزل شخص يدعي " إسكندر طوس " أطلق أعيرة نارية في الهواء ليجعلهم يتراجعون إلا أنهم أطلقوا الرصاص عليه وقتل، وبعد أن فارق الحياة ظلوا يطلقون الرصاص على وجهه، ومثلوا بجثته متجردين من الإنسانية تمامًا، وسحلوه بالشوارع بواسطة جرار زراعي وقاموا برجمه رغم أنه ميت، ولم يتمكن أحد من ذويه أو مسيحيي القرية من دفنه، نظرا لاحتجازهم للبعض بمنازلهم والبعض مهجر، وتعطف عليه أحد الأخوة المسلمين المتعاطفين وقام بدفنه، ولم يصل على " طوس" شعائر صلاة الميت بالكنيسة أو استخراج تصريح بالدفن نظرا للوضع الأمني وقتها، ولم يصمت المعتدون بل أخرجوا الجثمان من مدفنه وتركوه في الطل، إلى أن اغتالوا شخصا آخر يدعي "هاني شفيق زاخر" وتحين مشيعوه فرصة لدفن جثمان طوس مع القتيل الثانى، إلى جانب تهجير وفرض إتاوات بمبالغ طائلة، ما تسبب في هجرة قرابة 150 أسرة، و60 أسرة مشردة بعد أن دمرت منازلها ونهبت ممتلكاتها، و20 أسرة دفعت إتاوات جبرية، وإصابة زوجة شخص يدعي نادي مهني مقار برصاص حي في الركبة.
- ما تقييمك لموقف الأمن تجاه تلك الاعتداءات؟
للشهادة أمام الله، عندما هاجم هؤلاء الإرهابيون والبلطجية أنصار المعزول دلجا في 3 يوليو ضربوا الحابل والنابل، دمروا نقطة شرطة دلجا مثلما فعلوا بالأقباط، ما دعا المأمور لسحب الجنود وكان الوضع سيئا حيث أضرموا النيران بمركز دير مواس ونهبوه.
- بماذا تقدر الخسائر الناجمة عن الاعتداءات؟
الخسائر لا تقدر بثمن، لأن الكنيسة الأثرية التي هدمت لا يمكن تعويضها، ولا أعتقد أن وزارة الآثار بكل إمكانياتها لديها القدرة على إعادتها، ولكني أأمل ذلك، أما عن مبنى الخدمات التابع للكاثوليك فيقدر حجم الخسائر مبدئيًا بـ 250 ألف جنيه، وفقا لتقدير مندوب الإدارة الهندسية بدير مواس، إلى جانب تضرر منازل الأقباط ومتاجرهم، ومن بين هؤلاء منزل تاجر مسيحي يدعي نادي مهني تقدر خسارته بمليون ونصف المليون، وقد فتح المعتدون محالا ليبتاعوا فيها بضاعته المنهوبة، وليست هناك تقديرات نهائية حتى الآن.
- طرح عدد من الشخصيات مبادرات لجمع تبرعات لأهالي دلجا.. ما رأيك في ذلك؟
هذا أمر خطير، وأحذر أي شخص يدعو لجمع التبرعات من تلقاء نفسه، لأنه لابد من التواصل مع الكهنة والآباء المتواجدين بدلجا، وأناشد المتبرعين بألا يتعاملوا خارج نطاق الكنيسة لأنها لم تصرح لأحد بجمع تبرعات من أجل المتضررين، ومن يريد المساعدة يتواصل مع الكنيسة مباشرة.
- محافظة المنيا كان لها نصيب الأسد في الاعتداءات دون غيرها، ما هو تفسيرك ؟
محافظة المنيا تتواجد بها تيارات متشددة بغزارة، وتصاعدت يوما تلو الآخر، وكثيرا ما لفتنا نظر الأمن ومنظمات المجتمع المدني أن التيار الإسلامي يتوغل مستغلًا الجهل والفقر، كما طالبنا كثيرا بخطاب ديني معتدل وبضرورة الاهتمام بالتعليم لأن المنيا إحدى المحافظات الأكثر جهلًا وكذلك مهملة صحيا، وهذا يسهم بشكل كبير في انتشار الأفكار الرجعية، وعلى الأحزاب ترك المكاتب المكيفة وبناء كوادر واعية بالقرى والنجوع.
- ما موقفك من جلسات الصلح العرفية؟
لا يمكن تسميتها بجلسات الصلح بل إنها جلسات التهريج العرفية أو النصب العرفية، لأنها ليست جلسات صلح بل إنها تغيب دولة القانون، ولهذا نرفضها تمامًا وأرجو من القيادات المسئولة رفض تلك الجلسات التي يكون بها محاباة لصالح طرف ضد الآخر المستضعف، فلابد من إعمال دولة القانون.
- تداولت تصريحات على لسانك تفيذ بوجود عاصم عبد الماجد بقرية دلجا، فما صحتها؟
هذه تصريحات غير دقيقة، لأنني قلت يتداول وجود عبد الماجد، ولكن ليس لدي معرفة بصحة الأمر.
- ماهى ردود أفعال مسيحيي دلجا بعد الاعتداء ؟
نحن سعداء لحرق كنائسنا بمصر عقب ثورة 30 يونيو، لأن هذه الأحداث جعلت الكثيرين يعودون إلى الله والمشاركة في الصلوات، كما أكدت أن أقباط مصر لم ولن يستقووا بالخارج وإنما المستقوون بالخارج هم جماعات متشددة تنتمي لتيار بعينه، وربحنا شهداء، فكل من مات من أبناء الكنيسة هو بركة ونعمة للكنيسة.