رئيس التحرير
عصام كامل

أنتظر انتفاضة أو حرباً


اليوم ينتخب الإسرائيليون الأعضاء المئة والعشرين فى الكنيست، أو البرلمان التاسع عشر منذ قيام إسرائيل فى أراضى فلسطين، وكل استطلاع للرأى العام يقول إن اليمين الإسرائيلى متقدم، وسينال 63 مقعداً الى 70 مقعداً. وكان نصيب تحالف ليكود وإسرائيل بيتنا منها 33 مقعداً الى 37 مقعداً غير أنه هبط الاثنين إلى 32 مقعداً بحسب آخر استطلاع قبل الانتخابات.

ربما حقق الوسط واليسار أرقاماً أفضل مما تُظهر الاستطلاعات إذا كان الإقبال على التصويت كثيفاً، إلا أننى لم أقرأ تقريراً واحداً يرجح خسارة اليمين، فأقول للفلسطينيين وللعرب وللمسلمين جميعاً إن السلام مستحيل مع أى حكومة إسرائيلية قادمة، كما كان مستحيلاً مع حكومة بنيامين نتانياهو الحالية، وعليهم أن يراجعوا الاحتمالات الأخرى من انتفاضة ثالثة أو حرب جزئية أو شاملة، أو يتحمل كل واحد منا نصيبه من خيانة القدس والمسجد الأقصى.
الوسط الإسرائيلى لا يوحى بالسلام وبين رموزه تسيبى ليفنى التى انتقلت من عميلة للموساد فى فرنسا إلى ليكود ثم كديما، والآن هاتنوا (الحركة). أما العمل فهو لن يحصل على أكثر من 16 مقعداً بحسب الاستطلاعات، ولا توجد تحالفات حزبية كافية حوله للحكم.
أسوأ ما فى تحوّل إسرائيل إلى يمين عنصرى أو متطرف أن غالبية من الإسرائيليين تقبل حل الدولتين، وأن جماعات السلام الإسرائيلية نشطة جداً، ويمكن لو حكمت عُقد سلام معها غداً.
الحكم فى إسرائيل لم يعد فى أيدى حكومة وإنما عصابة جريمة منظمة تتوكأ على خرافات توراتية، كتِبَت بعد 500 سنة وربما ألف سنة، من الحدث المزعوم ولا آثار على الأرض تؤيدها.
قائمة ليكود تضم فى أول عشرين اسماً منها اثنى عشر مرشحاً يريدون ضم الضفة الغربية كلها أو بعضها، مثل دان مريدور ومايكل ايتان وبينى بيغن.
المستوطن موشى فيغلن من قائمة ليكود حضر أخيراً المؤتمر السنوى الثالث لنشر السيادة الإسرائيلية على اليهودية والسامرة (الضفة الغربية)، وهو يؤمن بأكاذيب التوراة وقد وضع وراء مكتبه رسماً لهيكل سليمان. أقول إن لا آثار إطلاقاً لأى هيكل فى الحرم الشريف وعندما نقب اسحق رابين خلال وزارته الأولى فى أوائل الثمانينات وجد آثار قصر أموى.
الليكودى الآخر زئيف ايلكن قال إن على إسرائيل وقف التنازلات (ما هى؟ لمن؟) وبدء هجوم خطوة خطوة.
الليكودية ميرى ريغيف كانت ناطقة باسم الجيش الإسرائيلى وتقول إن الأعضاء العرب فى الكنيست «خونة»، وأن اللاجئين الأفريقيين «سرطان»، وتأسف لأنها فشلت السنة الماضية فى إقناع الكنيست بضم الضفة. هى تذكِّرنا بزانيات التوراة، مثل راحاب فى سفر يشوع الذى تزعم التوراة أنه دخل فلسطين عبر نهر الأردن باتجاه أريحا. وأزعم أن هذا لم يحدث ولا آثار إطلاقاً تؤيده.
طبعاً حزب إسرائيل بيتنا يضم مستوطنين روس وغيرهم يعرفون فلسطين منذ السبعينات الماضية أو بعدها. وكلهم يريد احتلال فلسطين كلها.
ثم هناك نفتالى بنيت، وهو ابن مهاجرين من أميركا، أسّس حزب بيت يهودى، ويقف سياسياً على يمين ليكود إذا كان هذا ممكناً.
بنيت من أصل أميركى وهو مثل نتنياهو من أتباع زئيف جابوتنسكى الذى كان يريد إقامة إسرائيل على أراضى ضفتَى الأردن. وبنيت أعلن أنه سيفعل كل ما فى وسعه لمنع قيام دولة فلسطينية ويعارض مزيداً من المفاوضات والوهم. بل إنه قال يوماً إن «شعار إسرائيل الكبرى ليس شعارنا الرئيسي»، ما يعنى أنه يؤمن به. وأقول إنه لا يوجد فى التاريخ إسرائيل كبرى أو صغرى، وإن خرافات التوراة ليست تاريخاً.
وأشير بسرعة إلى شاس حزب اليهود السفارديم الشرقيين، وإلى حزب التوراة المتحد الذى يضم الأشكناز من أصول أوربية شرقية ووسطى، وهما أكثر التصاقاً بخرافات التوراة من الآخرين.
قلت فى السابق وأقول اليوم إن لا سلام ممكناً مع هؤلاء النازيين الجدد العنصريين مجرمى الحرب. وأنتظر انتفاضة أو حرباً، لأننى لا أتوقع عودة الوسط أو اليسار الإسرائيلى القديم فى الجيل الحالى.
نقلاً عن الحياة اللندنية
الجريدة الرسمية