رئيس التحرير
عصام كامل

نظرية الخنزير


يحكى أن رجلاً يهوديا كان يعانى من حالة معيشية صعبة جدا، حيث كان يعيش هو وزوجته وأولاده الستة ووالدته وحماته فى غرفة واحدة، فذهب إلى أحد الحاخامات يشكو إليه مما يعانيه أملاً فى أن يجد له حلا أو يدعو له الرب ليفتح له باباً للخلاص، وبعدما سمع الحاخام مشكلته طلب منه أن يحضر خنزيرا ويضعه معهم فى نفس الغرفة شريطة ألا يخرج منها أبداً.

وبالفعل نفذ الرجل ما طلبه منه الحاخام ومرت الأيام والخنزير يحيا معه هو وزوجته وأولاده الستة ووالدته وحماته فى نفس الغرفة، التى انتشر فيها روث الخنزير وأصبحت رائحتها لا تطاق، فذهب الرجل إلى الحاخام ثانية يشكو له من نتن الخنزير الذى حول الغرفة إلى جحيم لا يحتمل، فطلب منه الحاخام أن يطرد الخنزير من الغرفة وينظفها وبعد أيام مر عليه وسأله عن أحواله فأجابه الرجل: حمداً لله، فقد انتهت جميع مشاكلى! 

هذه القصة تتطابق تماماً مع السيناريو الذى عايشناه طوال العامين الماضيين، لقد كنا نعانى من فساد نظام مبارك وقمعه وبطشه فقمنا بثورة بُلينا بعدها بمن حولوا البلد إلى حظيرة خنازير ولما ذهبوا ظننا أن جميع مشاكلنا قد انتهت! 

إن ثورة الشعب المصرى يوم 30 يونيو واستجابة القوات المسلحة لاستغاثته بعزل مرسى عن الحكم ليس سوى خطوة على أول طريق طويل ووعر، لكنه لم يعد مظلماً، فمازالت أمامنا تحديات كثيرة وكبيرة، أولها القضاء على الإرهاب، خاصة الإرهاب المنظم فى سيناء ثم التأسيس لحياة سياسية حقيقية تبدأ بحل الأحزاب الدينية ثم المصالحة – وأقصد بالمصالحة هنا، المصالحة فقط مع من لم يحمل السلاح أو يدعو إلى حمله – أى أننى أستثنى قيادات الإخوان التى حرضت على الفتنة من أى مصالحات وطنية، فهؤلاء - بالإضافة لكونهم لا يعرفون معنى المصالحة أو الوطنية - وجبت علينا محاكمتهم وإقصاؤهم عن الحياة السياسية إلى الأبد.

رغم أننى لم أكن يوماً من مؤيدى قانون العزل السياسى الذى ابتدعه الإخوان لإقصاء من أسموهم بفلول مبارك تمهيداً لإخلاء الساحة لهم أثناء انتخابات البرلمان القادمة، حيث كانت الكوادر الفلولية هى الوحيدة القادرة على المنافسة وسط ضعف الكوادر الثورية (المستجدة) فى (لعبة) الانتخابات.. إذًا، علينا أن نسأل أنفسنا.. هل انتهت جميع مشاكلنا بعزل مرسى؟! 

هل تنتهى بالقبض على قيادات الإخوان وحل الجماعة والحزب؟! أم بحل كل الأحزاب الدينية؟! هل تنتهى باختفاء فلول الإسلاميين وفلول مبارك؟! أم باختفاء المدعين والوصوليين والمنافقين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية؟! هل تنتهى بإغلاق القنوات الوهابية؟! أم بإغلاق كل القنوات المحرضة والمتلونة و(المطبلة) للنظام أيا كانت ملته؟! هل تنتهى بالاستفتاء على دستور جديد يتناسب مع بلد أطاح شعبه بنظامين استبداديين مختلفين فى ثلاث سنوات؟! أم بدستور يُعمل به حقاً؟!.. وأخيراً وليس بآخر.. هل لازال عاشور بتاع الشرقية بيأجر بلطجية؟!
الجريدة الرسمية