رئيس التحرير
عصام كامل

عيد البشارة في أرض أتعابنا

في صباحٍ هادئٍ من زمنٍ قد فات ولكن نحيا بسببه، وفي مدينةٍ متواضعة تُدعى الناصرة، حدث ما غيّر وجه التاريخ. لم يكن هناك جمهور، ولا أضواء، ولا جموعٌ تهتف. فقط فتاةٌ عذراء، قلبها نقي كصفاء السماء، وأجنحة ملاكٍ تدخل بسكون، حاملةً رسالة الله إلى الإنسان.

"السلام لكِ أيتها الممتلئة نعمة، الرب معكِ" (لوقا 1: 28) هكذا بدأ الملاك، لا بخبرٍ عادي، بل بكلمةٍ تقلب الموازين: السلام.. لكنه ليس السلام الذي يُفرض بالسيوف، بل ذاك الذي يسكن في القلب، رغم العاصفة. وها هو يُقال في وقتٍ كانت فيه البلاد تحت القهر الروماني، والشعب يتوق إلى مخلّص، والحياة تبدو خالية من الرجاء.

وهنا تكمن المفارقة... أن بشارة الله لا تُعطى حين تكون الظروف مثالية، بل حين يبدو كل شيء بعيدًا عن الأمل.


البشارة ليست غريبة عن الألم

نحن غالبًا نربط البشارة بالفرح، لكن مريم اضطربت أولًا. لأنها كانت تدرك أن كل بشارة إلهية، تحمل في طيّاتها مسؤولية، صليب، ومجهول. لكنها في المقابل، تحمل النعمة. وكأن الله يقول لنا: "نعم، سأدخل إلى عالمك، لكن لا تنتظر أن يكون الطريق سهلًا. انتظرني في عمق أوجاعك، حيث أُحِبُّ أن أبدأ."

فهل يمكن أن تكون أتعابنا، تلك التي نبكي من أجلها ليلًا، هي ذاتها التربة التي يزرع فيها الله بشارته؟ هل يمكن أن تكون دموعنا هي المياه التي تُسقي البذور الأولى للرجاء؟

الله يدخل بهدوء..

لم يطرق الله أبواب القصور. لم يختر نساء النفوذ ولا أصحاب القرار. دخل إلى غرفةٍ هادئة، إلى فتاةٍ غير معروفة، لكنها معروفة عنده جدًا. لأنه يرى القلوب، لا المظاهر. يختار النقيّ، لا المشهور. يدخل حيث يُفتح له، لا حيث يُستقبل بتصفيق.

هكذا الله معنا أيضًا. حين نظن أن لا أحد يرى تعبنا، حين نتوارى خلف انشغالات الحياة، حين نختبئ من ضعفنا، نجده يأتينا. لا ليُدين، بل ليبشّر.
ليبشّرنا بأننا لم نُنسَ، بأن حكايتنا لم تنتهِ، بل ما زالت تُكتب بيده.

ليكن لي كقولك

ما أجملها من جملة، وما أثقلها أحيانًا على القلب البشري! حين قالت مريم للملاك: "ليكن لي كقولك"، لم تكن فقط تُسلّم أمرها، بل كانت تسمح لله أن يعمل فيها، أن يتجسد فيها، أن يُتمم خُطته من خلالها.

وهنا نُسأل نحن أيضًا: هل نملك الشجاعة لنقول: "ليكن لي كقولك" في وسط تعبنا؟
هل نثق أن مشيئة الله، وإن كانت غير مفهومة، هي دائمًا لصالحنا؟. البشارة ليست وعدًا بخلوّ الطريق من الألم، بل وعدٌ بأن الله سيكون معنا فيه.

البشارة ليست حدثًا من الماضي

عيد البشارة لا يُحتفل به فقط لأنه إعلان عن ميلاد المسيح، بل لأنه دعوة دائمة لنجعل حياتنا "مكانًا للتجسد". كل مرة نختار فيها أن نثق بالله وسط الألم، نحن نُعلن بشارة.
كل مرة نغفر فيها، نُحب رغم الخذلان، نُعطي من القليل، نُقاوم اليأس، نُصلي رغم الصمت، نحن نشارك في "تجسد الكلمة" فينا.. في قلوبنا.. في فكرنا.. في روحنا.. في كل ذرة في كينونتنا.. البشارة تُولد فينا حين نفتح قلوبنا للنعمة، رغم ضجيج الخوف والقلق.

عيد البشارة...  لك اليوم

الله لا يزال يرسل ملائكته. ربما لا تراهم، لكنهم يأتونك في كلمةٍ، في صلاةٍ صامتة، في محبةٍ غير متوقعة، أو حتى في تعبٍ يدفعك إلى الركوع. الله لا يزال يُعلن لك اليوم: "الرب معك"... حتى وإن شعرت بالعكس.

 

 

فيا من تتألم، تذكّر أن البشارة لم تبدأ في القصور، بل في الوجع.. ويا من تتعب، لا تفقد الرجاء، فقد يكون في تعبك هذا، بداية لبشارة لا تتخيلها. قل له: "ليكن لي كقولك".. وسوف ترى، كيف يحوّل الله أتعابك إلى ميلاد جديد.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية
عاجل