رئيس التحرير
عصام كامل

فضائل الصحابة ومناقب آل البيت، علي بن الحسين السَّجَّاد زين العابدين

مسجد ومقام سيدنا
مسجد ومقام سيدنا زين العابدين، فيتو

قال الله تعالى: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا". [الفتح: 29].
وقال أيضا: "وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ". [الحشر: 9].

وقال: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ". [التوبة: 100].

فأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أوَّل وأفضلُ مَن دَخَل فيه من هذه الأمة، ولهم منه أوفرُ حظٍّ، وأكملُ نصيب.

وقال الله سبحانه وتعالى: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت".. وقال أبو بكر، رضي الله عنه: "ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته".
في هذه الحلقات نستعرض فضائل ومناقب الصحابة وآل البيت، رضي الله عنهم.


علي بن الحسين، السَّجَّاد زين العابدين


اشتهر بالجود والزهد والحلم والتواضع والعلم، وكان إمامًا فِي الدِّين ومنارا في العلم، ومرجعًا ومثلًا أعلى فِي الْوَرَعِ والعبادة والتَقوى حتى سلم الْمُسلِمونَ جميعًا في عصره بِأَنَّهُ أَفْقَهُ أَهْل زَمَانِه وَأَوْرَعُهُم وَأتْقَاهُم.

هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم.
وأمه هي "شاه زَنَانُ" بِنت يزدجرد وقيل شَهْرَبَانُويَهْ وهي ابنة يَزْدَجِرد بن شهريار. وقيل اسمها سلافة (في بعض مصادر أهل السُّنَّة) ابنة كسرى، وقعت في الأسر هي وأختها في عهد عمر بن الخطاب فتزوجها الحسين، رضي الله عنه، وتزوج محمد بن أبي بكر أختها، وأنجب منها القاسم بن محمد بن أبي بكر.

قالوا عنه

قال الزهري، وهو من معاصريه: "ما رأيتُ قرشيًا أفضل منه".
وقال سعيد بن المُسَيَّبِ: "ما رأَيتُ قطُّ أفضل من عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ".
قال شُعَيْبُ بن أبي حمزة، عن الزُّهْرِيُّ: كَانَ علي بن الحُسَينِ مِنَ أَفْضَلُ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَأَحْسَنُهُمْ طَاعَة، وقال مَعْمَرُ، عن الزُّهْرِيِّ: لم أدرك من أهل البيت أفضل من علي بن الْحُسَين. 
وقال ابن وهب، عن مالك: لم يكُن فِي أهل بيت رسول اللَّه صلَى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّم، مثل علي بن الْحُسَيْنِ.
وقال الإمام مالك: "سُمِّي زين العابدِين لكَثرة عبادته".
وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: "ما رأيتُ هاشميًّا أفضل من زين العابدين ولا أفقه منه".
وعده الشَّافعيُّ أنَه: "أفقه أهل المدينة".


ألقابه

لقب بزين العابدين، والسجاد، وذو الثفنات. وجاءَ في تسميته بذي الثفنات، أنّ الإمام الباقر قال: "كان لأبي في موضع سجوده آثار ثابتة وكان يقطعها في السنة مرتين، في كل مرة خمس ثفنات، فسمي ذا الثفنات لذلك".

منذ الأيام الاُولى من حياته كان جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يتعاهده بالرعاية ويشعّ عليه من أنوار روحه التي طبّق شذاها العالم بأسره، فكان الحفيد صورة صادقة عن جدّه، يحاكيه ويضاهيه في شخصيّته ومكوّناته النفسية. 
كما عاش زين العابدين في كنف عمّه الإمام الحسن بن علي سيّد شباب أهل الجنّة وريحانة رسول الله، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وسبطه الأول، إذ كان يغدق عليه من عطفه وحنانه، ويغرس في نفسه مُثُلَه العظيمة وخصاله السامية.

في كربلاء

تؤكد المصادر التاريخية أنّ علي زين العابدين كان حاضرًا في كربلاء إذ شهد واقعة الطفّ بجزئياتها وتفاصيلها وجميع مشاهدها المروّعة، وكان شاهدًا عليها ومؤرخًا لها. إن المؤكد في معظم المصادر التاريخية، أو المتفق عليه فيها أنه كان يوم كربلاء مريضًا، وعندما أدخلوا الإمام زين العابدين على ابن زياد سأله من أنت؟ فقال: "أنا عليّ بن الحسين"، فقال له: أليس قد قتل الله عليّ بن الحسين؟ فقال الإمام زين العابدين: "قد كان لي أخ يسمّى عليًّا قتله الناس"، فقال ابن زياد: بل الله قتله، فقال الإمام علي زين العابدين: "الله يتوفّى الأنفس حين موتها"، فغضب ابن زياد وقال: وبك جرأة لجوابي وفيك بقية للردّ عليّ؟! اذهبوا به فاضربوا عنقه.
فتعلقت به عمته زينب وقالت: يا ابن زياد، حسبك من دمائنا، واعتنقته، وقالت: لا والله لا اُفارقه فإن قتلته فاقتلني معه، فقال لها علىّ: اسكتي يا عمّة حتى اُكلّمه، ثمّ أقبل عليه فقال: أبالقتل تهدّدني يا ابن زياد؟ أما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة؟
ثمّ أمر ابن زياد بالإمام زين العابدين وأهل بيته فحملوا إلى دار بجنب المسجد الكبير.

من مناقبه، رضي الله عنه

عاش زين العابدين في المدينة المنورة، في وقت كانت تحتضن فيه ثلّة من علماء الصحابة، مع كبار علماء التابعين، فكان بشهادة أكابر أبناء طبقته والتابعين لهم، الاَعلم والاَفقه والاَوثق، بلا ترديد. 
كان الزهري يقول: "ما كان أكثر مجالستي مع علي بن الحسين، وما رأيت أحدًا كان أفقه منه". 
ويقول عنه الإمام مالك: كان عبيد الله بن عبد الله من العلماء، وكان إذا دخل في صلاته، فقعد إليه إنسان، لم يقبل عليه حتى يفرغ، وإن علي بن الحسين كان من أهل الفضل، وكان يأتيه، فيجلس إليه، فيطول عبيد الله في صلاته، ولا يلتفت إليه.
عن هشام بن عروة، قال: كان علي بن الحسين يخرج على راحلته إلى مكة ويرجع لا يقرعها، وكان يجالس أسلم مولى عمر، فقيل له: تدع قريشا وتجالس عبد بني عدي؟! فقال: إنما يجلس الرجل حيث ينتفع.
وعن عبد الرحمن بن أردك، يقال هو أخو علي بن الحسين لأمه، قال: كان علي بن الحسين يدخل المسجد، فيشق الناس حتى يجلس في حلقة زيد بن أسلم، فقال له نافع بن جبير: غفر الله لك، أنت سيد الناس، تأتي تتخطى حتى تجلس مع هذا العبد؟!، فقال علي بن الحسين: العلم يبتغى ويؤتى ويطلب من حيث كان.
وعن مسعود بن مالك، قال لي علي بن الحسين: تستطيع أن تجمع بيني وبين سعيد بن جبير؟ قلت: ما حاجتك إليه؟ قال: أشياء أريد أن أسأله عنها، إن الناس يأتوننا بما ليس عندنا.
وعن يحيى بن سعيد، عن علي: يا أهل العراق، أحبونا حب الإسلام، ولا تحبونا حب الأصنام، فما زال بنا حبكم حتى صار علينا شينا.

قال أبو بكر بن البرقي: نسل الحسين كله من قبل ابنه علي الأصغر، وكان أفضل أهل زمانه. 
وقال رجل لابن المسيب: ما رأيت أورع من فلان. قال: هل رأيت علي بن الحسين؟ قال: لا. قال: ما رأيت أورع منه.

وقال جويرية بن أسماء: ما أكل علي بن الحسين بقرابته من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، درهما قط.
ووقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين وهو ساجد، فجعلوا يقولون: يا ابن رسول الله؛ النار. فما رفع رأسه حتى طفئت. فقيل له في ذلك، فقال: ألهتني عنها النار الأخرى.

وقيل: كان علي بن الحسين إذا مشى لا تجاوز يده فخذيه ولا يخطر بها، وإذا قام إلى الصلاة، أخذته رعدة، فقيل له، فقال: تدرون بين يدي من أقوم ومن أناجي؟!
وكان إذا توضأ اصفر.
وحج ذات مرة، فلما أحرم، اصفر وانتفض، ولم يستطع أن يلبي، فقيل: ألا تلبي؟! قال: أخشى أن أقول: لبيك، فيقول لي: لا لبيك. فلما لبى، غشي عليه، وسقط من راحلته. فلم يزل بعض ذلك به حتى قضى حجه.

وقال مالك: بلغني أنه كان يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة إلى أن مات. وكان يسمى زين العابدين لعبادته.

وقال طاوس: سمعت علي بن الحسين وهو ساجد في الحجر يقول: عبدك بفنائك، مسكينك بفنائك، سائلك بفنائك، فقيرك بفنائك. قال: فوالله ما دعوت بها في كرب قط إلا كشف عني.

وروى ابن عيينة، عن أبي حمزة الثمالي، أن علي بن الحسين كان يحمل الخبز بالليل على ظهره يتبع به المساكين في الظلمة، ويقول: إن الصدقة في سواد الليل تطفئ غضب الرب.

وروى يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق: كان ناس من أهل المدينة يعيشون، لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ذلك الذي كانوا يؤتون بالليل.

ولما مات علي بن الحسين، وجدوا بظهره أثرا مما كان ينقل الجرب بالليل إلى منازل الأرامل.
وقال شيبة بن نعامة: لما مات علي وجدوه يعول مائة أهل بيت. وقال بعضهم: ما فقدنا صدقة السر، حتى توفي علي.

من مأثوراته

قال أبو حازم المدني: ما رأيت هاشميا أفقه من علي بن الحسين; سمعته وقد سئل: كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، فأشار بيده إلى القبر، ثم قال: بمنزلتهما منه الساعة.

وأتاه قوم فأثنوا عليه فقال: حسبنا أن نكون من صالحي قومنا.

وقال علي: قدم قوم من العراق، فجلسوا إلي، فذكروا أبا بكر وعمر فسبوهما، ثم ابتركوا في عثمان ابتراكا، فشتمتهم.
وقال: إن الجسد إذا لم يمرض أشر، ولا خير في جسد يأشر.

وعن علي بن الحسين، قال: فقد الأحبة غربة. وكان يقول: اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لوائح العيون علانيتي، وتقبح في خفيات العيون سريرتي; اللهم كما أسأت وأحسنت إلي; فإذا عدت، فعد علي.
وكان من دعاء علي بن الحسين: اللهم لا تكلني إلى نفسي فأعجز عنها، ولا تكلني إلى المخلوقين فيضيعوني.

وقال الزهري: سألت علي بن الحسين عن القرآن فقال: كتاب الله وكلامه.
وعنه، عن عمر بن عثمان، عن أسامة بن زيد، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "لا يرث المسلم الكافر".

قصيدة الفرزدق

حج هشام بن عبد الملك قبيل ولايته، فكان إذا أراد استلام الحجر زوحم عليه، وإذا دنا علي بن الحسين من الحجر تفرقوا عنه إجلالا له، فوجم لها هشام وقال: من هذا؟! فما أعرفه. فأنشأ الفرزدق يقول:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم 

 هذا ابن خير عباد الله كلهم..   هذا التقي النقي الطاهر العلم

 إذا رأته قريش قال قائلها..    إلى مكارم هذا ينتهي الكرم 
يكاد يمسكه عرفان راحته..  ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

 يغضي حياء ويغضى من مهابته..  فما يكلم إلا حين يبتسم

 هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله..  بجده أنبياء الله قد ختموا

وهي قصيدة طويلة. فأمر هشام بحبس الفرزدق، فحبس بعسفان، وبعث إليه علي بن الحسين باثني عشر ألف درهم وقال: اعذر أبا فراس. فردها وقال: ما قلتُ ذلك إلا غضبا لله ولرسوله. فردها إليه وقال: بحقي عليك لما قبلتها، فقد علم الله نيتك ورأى مكانك. فقبلها.

توفي في الخامس والعشرين من المحرّم سنة 94هـ، بالمدينة المنورة، بعد أن دسَّ له هشام بن عبد الملك السًّم، وله يومئذ سبع وخمسون سنة.
وسُمّيت سنة وفاته سنة الفقهاء لكثرة من مات فيها من العلماء والفقهاء. قال أبو جعفر الباقر: عاش أبي ثمانيا وخمسين سنة.

ودفن بالبقيع، أما المسجد الذي يحمل اسمه بمصر فيحتوي على قبتين لمقامي زين العابدين وابنه زيد، وفي الحقيقة فإن زين العابدين لم يزر مصر سوى مرة واحدة فقط بصحبة عمته السيدة زينب، رضي الله عنها، وأقام فيها عامين كان منزله موضع المسجد الحالي، وقد بني مسجد زين العابدين في عهد الوالي العثماني حسن باشا طاهر السلحدار 1707 - 1709م.

 

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية