المشروعات الصناعية والاستثمارية الكبرى بين الحلم والسراب

أكثر ما يعجبني في مجال الاستثمارات والبنية الصناعية الجديدة هو ذلك الحماس والتفاؤل الذي تبدأ به الأمور، ثم ما يلبث الأمر أن يكون مجرد سراب ولا وجود له على أرض الواقع، وأتمنى ألا يُعلن عن مشروع إلا بعد الإنتاج الفعلي لمدة 6 أشهر على الأقل حتى نحدد نجاحه.. 

فعلى سبيل المثال امتلأت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بخبر تحت عنوان: "باستثمارات 2 مليار دولار مدينة للملابس الجاهزة في المنيا"، وهنا قد يظن المواطن أن المدينة تم إنشاؤها وتنتج وقد تكلفت ذلك المبلغ الكبير.. 

لكن في الحقيقة هذه المدينة مجرد حلم ومقترح كشف عنه رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة، وذكر أنه قدم من أيام قليلة مقترح لمجلس الوزراء لإنشاء مدينة صناعية متخصصة للملابس الجاهزة والمنسوجات على مساحة 5.5 مليون متر مربع في صعيد مصر. 

واقترحت وزارة الصناعة تنفيذ المدينة في محافظة المنيا، خاصة مع توفر المساحة المطلوبة بجوار إحدى المناطق الصناعية في المحافظة، وإن شاء الله بعد أن يتم المشروع المقترح سوف تصل استثمارات المدينة الصناعية الجديدة  إلى 2 مليار دولار خلال أول سنة من تنفيذ المدينة الصناعية الجديدة، خاصة مع توفر طلبات استثمارية ورغبات عديدة من شركات كبرى محلية وأجنبية للتوسع في قطاع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة. 

وإن شاء الله سوف توفر المدينة الصناعية الجديدة في المنيا 800 ألف فرصة عمل جديدة لأبناء الصعيد بجانب رفع صادرات الملابس الجاهزة والمنسوجات إلى مستويات قياسية.

إذا الكلام مجرد أحلام، وحتى لو اتخذت خطوات جادة لكن لن يكون هناك أي جديد سوى بعد التنفيذ العملي والإنتاج وقياس النجاح بعد أكثر من 6 أشهر، فكثيرا ما تم الحلم بمشروعات صناعية وزراعية وبحرية بل وتم افتتاحها بالفعل ثم فشلت ولم تقدم الجديد، وكانت تُقدم على أنها هي المستقبل والنهضة وتقدم مصر إلخ إلخ؛ لنصل لحقيقة السراب والوهم.. 

فعلى سبيل المثال تم في 2019 افتتاح مجمع ضخم للإنتاج الحيواني والألبان بمدينة يوسف الصديق بالفيوم على مساحة 458 فدانا بطاقة استيعاب ١٨ ألف رأس من الماشية، لكن المجمع لم يؤتِ ثماره بدليل زيادة أسعار اللحوم والألبان، وقيل إنه تم إغلاقه بالكامل بعد أقل من ثلاث سنوات من افتتاحه باستثناء جزء يعمل في التغليف.. 

والسبب الأساس في ذلك ارتفاع أسعار الأعلاف، حيث تحتاج الماشية الحلابة (المخصصة لإدرار اللبن) إلى نظام غذائي أساسه الذرة الصفراء وكسب الصويا بما يعادل 60%، وهو ما نقص بسبب أزمة الاستيراد والعملة الصعبة، وبما يؤكد أن الدولة لم تقم بما تعهدت به من التوسع في المشروعات الزراعية لإنتاج فول الصويا والذرة الصفراء لنصل للاكتفاء الذاتي رغم الكلمات الرنانة عن ذلك. لتقفز تكلفة الأعلاف وحدها في عملية إنتاج كيلو اللبن من 60% إلى 90%.

كما نجد مشروعات حيوانية أخرى تعمل بطاقة أقل أو أغلقت أبوابها مما إنعكس على غلاء أسعار اللحوم رغم تقديمها بصورة المشروعات المستقبلية وقتها، مثل مجمع قبلي قارون ومجمع السادات والنوبارية إلخ. 

وهو الأمر الذي ينطبق على المزارع السمكية الضخمة التي تم افتتاحها على أنها ستجعل أسعار السمك في قمة الرخص والسهولة، حتى ذكر البعض وقتها أنه بعد افتتاح هذه المزارع سيصبح سعر السمك أرخص من الفول، وما حدث ان أسعار الأسماك من بعدها ارتفعت بصورة مهولة جعلت المواطن يتمنى ألا تكون قد افتتحت هذه المزارع -كما ارتفع سعر الفول أضعافا مضاعفة كذلك- والتي من بعد افتتاحها زادت أسعار الأسماك بزيادة مهولة.. 

واتضح أن هذه المزارع فشلت في الإنتاج بالصورة المخطط لها بسبب أزمة الأعلاف التي تعتمد عليها، والتي يتم استيرادها من الخارج بالعملة الصعبة، ومن هذه المزارع التي تم افتتاحها في عام 2017 مشروع بركة غليون للاستزراع السمكي بتكلفة 14 مليار جنيه على مساحة أربعة آلاف فدان، بهدف سد الفجوة الغذائية من الأسماك.. 

وكان من المفترض أن يكون المشروع على مرحلتين تنفذهما شركة "إيفرغرين" الصينية والمتخصصة في الاستزراع السمكي، بحيث يضم المشروع 1359 حوض أسماك في المرحلة الأولى كل حوض بطاقة تسعة آلاف طن سنويا، لكن بعد سنوات من افتتاح المشروع لم يتجاوز الإنتاج الألف طن من التسعة المخطط لها.

بنك القاهرة وسياسة.. بيع إحنا تعبانين في حاجة!

السوق الإفريقية الواعدة ونهضة الاقتصاد المضمونة

كذلك الحال في مدينة دمياط للأثاث والذي تم افتتاح المشروع في 2019 على مساحة 331 فدانا، بعد ردم وتجفيف أجزاء من بحيرة المنزلة لإقامة المشروع عليها. والمدينة بها 54 هنجرا تحتوي على 1348 مصنعا وورشة لتصنيع الأثاث ومركزا لتكنولوجيا الأثاث، وخمسة مراكز خدمية بها ورش مركزية لخدمة صغار الصناع ومحلات تجارية ومكاتب إدارية وبنك ومركز شرطة ومركز إطفاء وعيادة طبية. 

وقيل عن المشروع إنه مشروع قومي سينقل صناعة الأثاث المصرية نقلة عالمية، لكن بعد مرور أشهر قليلة كشف محافظة دمياط عن خسائر مالية كبيرة للمشروع ولم يؤد المشروع المأمول منه.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.