مع الزاهدين.. بشر بن الحارث الحافي

من أعيان السلف، وزهّاد الخلف، عاش شطرين من حياته، كان في الأول مسْرِفًا على نفسه غارقًا في الشهوات، منصرفًا إلى الدنيا والملذّات، وصار في الشطر الثاني عابدًا زاهدًا ورعًا، ومضرب المثل في الانقطاع لله تعالى؛ والخشية منه، سبحانه وتعالى.
هو بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، الزَّاهِدُ الْمَعْرُوفُ بِالْحَافِي.
كان اسم جده عبد الله الغيور، أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب، كرم الله وجهه.
مولده
كَانَ مَوْلِدُهُ بِبَغْدَادَ سَنَةَ 150 للهجرة، وَسَمِعَ بِهَا شَيْئًا كَثيرا مِنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، وَابْنِ مَهْدِيٍّ، وَمَالِكٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَغَيْرِهِمْ.
سَمِعَ بِشْرٌ كَثِيرًا من الحديث النبوي، ثُمَّ اشْتَغَلَ بِالْعِبَادَةِ وَاعْتَزَلَ النَّاسَ وَلَمْ يُحَدِّثْ (لم يروِ الأحاديث)، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ في عبادته وزهادته وَوَرَعِهِ وَنُسُكِهِ وَتَقَشُّفِهِ.
العالم الزاهد
ما ذكره ابن كثير والذهبي وغيرهما عن سيرة بشر الحافي، رحمه الله تعالى، يدفع عنه الشبهات والتهم التي تلصق به وبأمثاله من رموز التصوف العملي الذي عاشه السلف، وذلك حين يقولون أن أهل التصوف أو يخصّون بشر الحافي بمقولة لا أصل لها وهي أنهم انصرفوا إلى الزهد والعبادة على جهل وترْك للعلم.
والواقع أن سيرة بشر الحافي وأمثاله حافلة بتلقّي العلم وتعليمه، ولكن علماء السلف كانوا يضيفون إلى العلم الزهد والتنسُّك والورع والزهادة، كما عرفنا من سيرة بشر الحافي وغيره، مع أن الكثيرين ممن يحرصُ على العلم يفتقرون إلى العمل والتنسّك، فيغلب عليهم الجمود على المسائل وجفاف الروح من ثمرات العلم (مثل العمل والإخلاص والذكر والتضرع لله…وغيرها) وهذا ما عُرف به بشر الحافي، العالم الزاهد.
قصة توبته
كان بِشْر شَاطِرًا (خبيثا) فِي بَدْءِ أَمْرِهِ، يعني كان قد أعيا أهله بالتمرّد والعصيان حتى صار مشتهِرًا بالفسق والمخالفة، لكنه في لحظة صادقة رجع إلى ربه وآب وتاب توبة الصادقين.
وقد وردت عدة روايات في سَبَبِ تَوْبَتِهِ، منها: أَنَّهُ وَجَدَ رُقْعَةً فِيهَا اسْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَتُونِ حَمَّامٍ فَرَفَعَهَا، وَرَفَعَ طَرَفَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَقَالَ: سَيِّدِي اسْمُكَ هَاهُنَا مُلْقًى يُدَاسُ!
ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى عَطَّارٍ فَاشْتَرَى بِدِرْهَمٍ غَالِيَةً (يعني أخلاطًا من الطيب كالمسك والعنبر)، وَضَمَّخَ تِلْكَ الرُّقْعَةَ مِنْهَا وَوَضَعَهَا حَيْثُ لَا تُنَالُ، فَأَحْيَا اللَّهُ قَلْبَهُ وَأَلْهَمَهُ رُشْدَهُ وَصَارَ إِلَى مَا صَارَ إِلَيْهِ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالزَّهَادَةِ.
وقد ورد عنه أنه رأى فيما يرى النائم كأنَّ قائلًا يَقُول لَهُ: يا بشر، طيَّبتَ اسمي لأُطيِّبنَّ اسمك فِي الدنيا والآخرة.
لقب “الحافي”
يُروى أنه لُقِّب بـ"الحافي"؛ لأنه جاء إلى إسكافي يطلب منه شسعًا لإحدى نعليه، وكان قد انقطع، فقال له الإسكاف: ما أكثر كُلفَتَكم على الناس! فألقى النعل من يده والأخرى من رجله، وحلف ألا يلبسَ نعلًا بعدها.
وقيل كذلك: إن بشر بن الحارث الحافي، قال: رأيت النبي، صلى الله عليه وسلم، في المنام، فقال لي: يا بشر، أتدري لم رفعك الله من بين أقرانك؟ قلت: لا، يا رسول الله. قال: باتِّباعك لسنَّتي، وخدمتك للصالحين، ونصيحتك لإخوانك، ومحبتك لأصحابي، وأهل بيتي: وهو الذي بلَّغك منازل الأبرار.
دعوتُه للعلم والعمل
يُعتبر بشرٌ الحافي ممن قرن بين العلم والعمل، وكانت دعوته للعلماء والناس أن يجدّوا في ذلك مع الإخلاص، وهذه من الربّانية التي دعا إليها القرآن.
بشر حكيمًا واعظًا
كان، رحمه الله تعالى، معروفًا بحكمته ورجاحة عقله، وتاثيره في مواعظه، فقد قيل له مرة: بأي شيء تأكل الخبز؟ فقال: أذكر العافية فأجعلها إدامًا.
كان من دعائه: اللهم إن كنت شهرتني في الدنيا لتفضحني في الآخرة فاسلبها عني.
ومن حكمه: كان يقول في جنازة أخته: إن العبد إذا قصَّر في طاعة الله سلبه الله من يُؤنِسه.
وفاته
رجح بعض المؤرخين أنه توفي، رحمه الله، في 227 هـ، يوم الأربعاء في اليوم العاشر من المحرم، وقيل: في رمضان بمدينة بغداد، رحمه الله تعالى.
وحين مات اجتمع في جنازته أهل بغداد عن بَكرة أبيهم، فأُخرِجَ بعد صلاة الفجر فلم يستقرَّ في قبره إلا بعد العتمة.
وكان علي المدائني وغيره من أئمة الحديث يصيح بأعلى صوته في الجنازة: هذا والله شرف الدنيا قبل شرف الآخرة، وقد رآه بعضهم في المنام، فقال: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي ولكل من أحبَّني إلى يوم القيامة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا