لعبة المصالح القذرة في سوريا
لا يستطيعُ عاقلُ أن يصفَ ما يدورُ في سوريا الآنَ سوى بالعبثِ المتعمدِ، الذي فرضتْهُ قوىً دوليةٌ بعينِها لإشعالِ صراعاتٍ داخليةٍ، تُدخلُ البلادَ إلى نفقٍ مظلمٍ بلا عودةٍ، لتحقيقِ مصالحِها القذرةِ، في ظلِّ دولةٍ مُدمَّرةٍ ومنهكةٍ اقتصاديًا وعسكريًا، وشعبٍ لا يمتلكُ من أمرِهِ شيئًا.
فالمتدبِّرُ في أمرِ سوريا قبلَ 8 ديسمبرَ الماضي، يستطيعُ أن يستشعرَ وبسهولةٍ، أن أغلبَ الأحداثِ والقراراتِ يغلِّفُها غموضٌ تفوحُ منها رائحةُ مؤامرةٍ قذرةٍ، بدءًا من التقدُّمِ العجيبِ للميليشياتِ تجاهَ المدنِ السوريةِ التي سقطتْ واحدةً تلوَ الأخرى..
وما أعقبها من سقوطٍ سهلٍ وغيرِ طبيعيٍّ لنظامِ الأسدِ، ثم التهافتِ الدوليِّ المريبِ من قوىً دوليةٍ وإقليميةٍ لفتحِ خطوطِ تواصلٍ مباشرةٍ أو غيرِ مباشرةٍ مع نظامٍ كاملٍ قوامُهُ من الإرهابيينَ.
بل الأغربُ، اعترافُ ثلاثٍ من الدولِ التي كانت تتحكَّمُ في خيوطِ اللعبةِ على الأرضِ السوريةِ لسنواتٍ (روسيا وأمريكا وتركيا) بأنَّها على تواصلٍ مع أبو محمد الجولاني، الذي كانت واشنطن تضعُهُ حتى أيام قليلةٍ على لائحةِ الإرهاب، ورصدتْ مكافأةً قدرُها 10 ملايينِ دولارٍ لمن يُدلي بمعلوماتٍ عنه، وهو ما يعطي دلالةً مؤكدةً بوجودِ رضا ومباركةٍ من الدولِ الثلاثِ عمّا تمَّ وسيتمُّ في سوريا.
في حينِ يبقى ما يصدرُ من قراراتٍ عن حكامِ سوريا الجددِ في الداخلِ يمثِّلُ العبثَ الأكبرَ، وفي مقدِّمته الاجتماع الذي عقدهُ الجولاني منذ أيام مع قادةِ الفصائلِ المسلحةِ في سوريا، الذي خرجَ بعدَهُ بتصريحٍ مضلِّلٍ للعالمِ، يؤكدُ موافقةَ جميعِ الفصائلِ على الانضمامِ تحتَ لواءِ وزارةِ الدفاعِ السوريةِ.
وهنا تكمنُ قمةُ العبثِ، حيثُ لم يذكرِ الجولاني الكيفيةَ التي سيتمُّ بموجبِها ضمُّ ميليشياتٍ مسلحةٍ تضمُّ بين تشكيلاتِها آلافَ الأجانبِ إلى قوامِ جيشٍ وطنيٍّ خالصٍ، أو كيفَ سيُحدِثُ المواءمةَ بين ميليشياتٍ عشوائيةٍ مختلفةِ الأفكارِ والتوجهاتِ والولاءِ والتمويلِ، مع جيشٍ ولاؤهُ الأولُ والأخيرُ للوطنِ، أو أنَّهُ يعني استبدالَ الجيشِ السوريِّ بكيانٍ من الميليشياتِ الإرهابيةِ، خاصةً بعد أن أكَّدَ في وقتٍ سابقٍ أنَّهُ ينظرُ في أمرِ الجيشِ.
غير أنَّ الكارثةَ الأكبرَ في تصريحاتِ الجولاني، تكمنُ في أنَّهُ كاذبٌ ومضلِّلٌ، لأنَّهُ حتى هذهِ اللحظةِ لم يتمَّ التوافقُ الكاملُ بينَهُ وبينَ الميليشياتِ على اقتراحهِ العبثيِّ بالانضمامِ تحتَ لواءِ وزارةِ الدفاعِ، لا سيَّما أنَّهُ لم يستطعْ جمعَ كلِّ الميليشياتِ للاجتماع، في حين رفضت بعضها الاقتراح بشكلٍ قاطعٍ، وربطَ بعضُها موافقتَهُ بشروطٍ، أهمُّها الإبقاءُ على السلاحِ بأيديهم.
وكان أبرزُ الميليشياتِ الرافضة والمتحفظة بشروط هي "تجمعُ دمشقَ، والفرقةُ الثانيةُ، وجيشُ العزةِ، وحركةُ التحريرِ والبناءِ، والقوةُ المشتركةُ، والسلطانُ مرادُ، والجبهةُ الوطنيةُ، والجيشُ الوطنيُّ، وغرفةُ فتحِ دمشقَ، وغرفةُ الجنوبِ".
في حينِ لم يوافقْ على اقتراح الجولاني سوى ميليشياتِ "الجبهةِ الشاميةِ، والزنكيِّ، وأحرارِ عولانَ، وأحرارِ صوفانَ، وجيشِ النصرِ"، وظلَّت مواقفُ عددٍ من الميليشياتِ المؤثِّرةِ غيرَ واضحةٍ حتى الآنَ، مثلَ "فيلقِ الشامِ، وجيشِ الإسلام، وغرفةِ فتحِ دمشقَ".
ولعلَّ ما يدعو للاستغرابِ في أمرِ الجولاني، أنَّهُ حتى هذهِ اللحظةِ لم يلتفَّ أو يُلقِ انتباهًا للفصيلِ الأهمِّ والأقوى على الأرضِ بعدَ تدميرِ الجيشِ الوطنيِّ السوريِّ، وهو جبهةُ سوريا الديمقراطيةِ التي ليس بينها أجنبي واحد..
وتشكلت من مجموعة من الأحزاب الكردية والعربية السورية بشمال شرق البلاد، بهدف مقاومة تنظيم داعش الإرهابي، ونجحت من خلال جيش قسد الذي كونته من أبناء المنطقة، في تطهير المنطقة من كافة الميليشيات الإرهابية.
ورغم أن تركيا تكن للجبهة كل العداء، وتصنفها كذراع عسكرية لحزبِ العمالِ الكردستانيِّ، كون أغلبَ قوامِها من الأكرادِ، إلا أنَّ الواقع يقول أن نزعتها الوطنية تغلب على عرقيتها، وقدمت في سبيل الدفاع عن سوريا الآلاف من أبنائها..
ورغم سيطرتها على نحو 35% من مساحةِ البلاد، فإنها لا تهدفُ للانفصالِ، وتطالب بفيدراليةٍ تحتَ مظلةِ الدولةِ، على ذات نسقِ أكرادِ العراقِ، وخاضتْ في هذا الشأنِ جولاتٍ من التفاوضِ الخالي من صدام واحد مع الجيش السوري أو نظامِ الأسدِ.
ولو كانَ الجولاني يريدُ خيرًا لسوريا لسارعَ بضمِّ تلكَ القوةِ إلى الجيشِ السوريِّ، بدلًا من الميليشياتِ الإرهابيةِ التي تعجُّ بها البلادُ، غير أنَّ كلَّ الشواهدِ تؤكِّدُ أنَّهُ وميليشياتِهِ ومعهم كلُّ القوى الدوليةِ، لا يريدونَ لسوريا سوى الخراب، وأنَّ الأيام المقبلةَ سوف تشهدُ مزيدًا من النزاعاتِ الداخليةِ، لأهدافٍ ومصالحَ تريدُها قوىً دوليةٌ بعينِها.. وكفى.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا