وداعًا بشير الديك.. سطر حكايات لا تُنسى.. انتقل من الأدب إلى السينما والدراما.. شكل ثنائيات ناجحة مع عاطف الطيب ومحمد خان

 فقد الوسط الفني اليوم كاتبا كان يسنج الحكايات كما يُنسج الحلم، كان أكثر من مجرد كاتب وسيناريست، فقد كان صوتًا للكثيرين وعينًا ترى التفاصيل الصغيرة في كل ما هو حوله فتحوله يداه إلى كلمات حقيقية وشخصيات حية تعيش مواقف وحكايات لا تنسى على الشاشات.. إنه بشير الديك الذي رحل عن عالمنا اليوم تاركًا وراءه إرثًا فنيًا لا يُمحى.

من الحريف إلى النمر الأسود سطر بشير قصصًا تجاوزت الشاشة لتلامس القلوب ستظل شاهدة على عبقريته، وبوفاته بشير الديك، لا يفقد الوسط الفني كاتبًا فقط، بل فقد صانع أحلام ومرآة عكست الواقع بتفاصيله نابضة بالحياة، لكن إرثه سيبقى حيًا، يعبر الزمن، يلهم الأجيال القادمة، ويذكر الجميع دومًا أن الفن الحقيقي لا يموت.

بشير الديك ودخول عالم الفن من بوابة الأدب 

 المؤلف الراحل بشير الديك من مواليد عام 1944، ولم تكن دراسته ذات علاقة بالفنون، فقد كان يدرس بكلية التجارة جامعة القاهرة وتخرج فيها عام 1966، ولكن بالرغم من أن هذا المجال البعيد   كل البعد عن الفن فإن الراحل كان مهمومًا بالكتابة لذا كان يكتب القصص لمجلات وصحف ودوريات أدبية إلى أن جاءته فرصة لتحويل قصصه تلك إلى الشاشة من خلال فيلم “مع سبق الإصرار” والذي تعاون فيه مع المخرج أشرف فهمي.

ثنائية بشير الديك وعاطف الطيب 

 وتعتبر العلاقة الفنية بين الكاتب بشير الديك والمخرج عاطف الطيب واحدة من أبرز الثنائيات التي شهدتها السينما المصرية، فقد شكلت هذه الشراكة المبدعة محطة هامة في تاريخ السينما المصرية، حيث تعاون الاثنان في إنتاج مجموعة من الأفلام التي أحدثت تغييرات كبيرة في نوعية السينما المعروضة في ذلك الوقت.

 تعاون الثنائي في العديد من الأعمال التي أثرت في الذاكرة الجماهيرية، مثل أفلام (ضد الحكومة وسواق الأتوبيس وضربة معلم وضد الحكومة وناجي العلي وليلة ساخنة)، والنجاح الكبير الذي حققته أفلامهما المشتركة لم يكن فقط بسبب جودة الكتابة والإخراج، بل أيضًا بسبب تناغم الرؤية بينهما.

فيلم ناجي العلي.. من أبرز الأعمال الفنية في مسيرة بشير الديك

 يعتبر فيلم ناجى العلي الذي تم إنتاجه عام 1992 واحدا من أهم الأفلام السينمائية التى ناقشت القضية الفلسطينية وأحد أبرز الأعمال التي قدمها الديك في مشواره، ومن خلال هذا العمل، ألقى الراحل الضوء على سيرة أحد رموز القضية وهو الفنان الفلسطينى ناجى العلى الذى استشهد بسبب رسوماته وأعماله الفنية الناقدة للوحشية الإسرائيلية.

 قال بشير عن فيلمه هذا في حوار سابق مع فيتو “لم أكن أنا صاحب الفكرة، بل الفنان الراحل نور الشريف الذى كان صاحب ثقافة واسعة ومبادئ عظيمة، وكنت سعيدًا عندما أبلغنى بها، فاعتكفت عليها ونفذتها، مستعينًا بلوحات الفنان الفلسطينى ورسوماته”.

بالإضافة إلى ما سبق فقد استعان بشير الديك في تتبع السيرة الذاتية لناجي العلي من خلال مقالات وتحقيقات وملفات منشورة عنه فى المجلات والدوريات العربية، كما أنه سافر إلى بعض المناطق التى عاش واستقر فيها مثل عين الحلوة فى لبنان، والتقى بعضًا من أصدقائه ومعارفه وأقاربه، وبالرغم من كل هذا الجهد المبذول قوبل الفيلم بهجوم عنيف، وعن هذا الهجوم قال بشير ل “فيتو”: “بكل أسف، فقد تم التعامل مع الفيلم ليس باعتباره عملا فنيا يخدم القضية الفلسطينية، ولكن تم «شخصنة» الأمر فى شخص ناجى العلى الذى كان ينتقد بعض السياسات المصرية فى ذلك الوقت، وليس مصر كما كانوا يدعون، وبالغ البعض فى غضبه حتى طالب بإسقاط الجنسية المصرية عنا؛ كأننا اقترفنا الخيانة العظمى، ولكن سرعان ما مرت الأزمة”.

وبالرغم من هذا الهجوم كانت القضية الفلسطينية من القضايا التي تشغل بال الراحل، ولم يكن لديه أي مشكلة في تقديم عملًا آخر عنها ولكن مع مراعاة توافر فكرة وأدوات لتقديم عملًا فنيًا يتناسب مع طبيعة الأحداث القاسية التي تشهدها فلسطين.

دويتو بشير الديك ومحمد خان ينتج أعمالًا خالدة

 كون الكاتب والمؤلف بشير الديك مع المخرج محمد خان ثنائية ناجحة أيضًا، حيث قدم معه اثنين من أبرز الأعمال في مسيرته وهما موعد على العشاء والحريف الذي كان بالنسبة له تجربة ثرية وفيلم مهم وفيلم الحريف كان من بطولة الفنان عادل إمام الذي ساهم في وضع الفيلم في مكانة مختلفة بأداءه المتميز، ولقد قال عنه الديك في حوار سابق مع فيتو “عادل إمام فنان عظيم، وصاحب حضور طاغ وكاريزما خاصة، ويمتلك مسيرة فنية استثنائية وضعته على القمة لأكثر من خمسة عقود”. 

تجربة بشير الديك مع الدراما التليفزيونية

 وإلى جانب النجاح الكبير في السينما، تمكن بشير الديك من مواصلة النجاح في عالم الدراما التليفزيونية، ومن أبرز الأعمال الدرامية التي جاءت بتوقيع المؤلف والسيناريست بشير الديك مسلسلات الحفار والناس في كفر عسكر وأماكن في القلب وحرب الجواسيس وعابد كرمان والطوفان.

سيرة أحمد زكي.. مشروع مسلسل توقف لرفض الورثة

ألف بشير الديك أكثر من عمل ناجح كان من بطولة الراحل أحمد زكي في مقدمتها ضد الحكومة، ولقد وصف الديك صديقه أحمد زكى بالفنان العظيم، وقال عنه “يكفيه أنه نجح فى تجسيد جميع الشخصيات من البواب إلى الوزير حتى رئيس الجمهورية”.

وكان بشير الديك بصدد كتابة عمل عن السيرة الذاتية لأحمد زكي وكان متحمسًا لكتابة وتجسيد سيرة هذا العملاق، وسرد خفايا سيرته وتاريخه بقالب درامى جديد ظن أنه سيلقي الاستحسان، ولكن تم إلغاء وتوقف المسلسل لرفض الورثة.

سر ابتعاد بشير الديك عن الساحة الفنية 

 وبالرغم من هذا المشوار الفني الثري والمليء بالأعمال المتميزة إلا أن بشير الديك اختفى ولم يعد له أعمال بصورة دورية، فمنذ 2011 قدم مسلسل الطوفان عام 2017 وفيلم كارتون الفارس والأميرة عام 2020، ولقد سبق وصرح الديك أن هذا الابتعاد كان “لعدة ظروف مختلفة”، منها ما يتعلق بظروف شخصية بحتة، ومعظمها ما يتعلق بظروف إنتاجية، وكان الراحل يتمنى العودة بعمل يليق بالجمهور وبتاريخه الفنى ولكن القدر والظروف لم تحقق أمنيته تلك.

أزمة صحية أدت إلى الوفاة 

 وتعرض الكاتب والسيناريست بشير الديك مؤخرًا لأزمة صحية وتدهورت حالته مع مرور الوقت إلى أن غيبه الموت اليوم ليخسر الفن المصري أيقونة وقيمة فنية لأحد أبرز المبدعين الذين أثروا الفن بأعمال خالدة.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.