رئيس التحرير
عصام كامل

على طريقة الجماعة الإسلامية.. المراجعات طوق نجاة الإخوان.. مكرم: فكر جديد للشباب بعد الإطاحة برءوس الفتنة.. عيسى: الإرشاد عقبة أمام الفكر الجديد.. عبدالمجيد: لا حوار قبل الانتصار على إرهابهم

مكرم محمد أحمد- نقيب
مكرم محمد أحمد- نقيب الصحفيين السابق

مع مرور الوقت تختلف آليات وأسس الأفكار الإرهابية، فمن الجماعات التكفيرية والجهادية التي انتشرت في الثمانينيات والتي كانت تؤمن بمجموعة من الأفكار العقائدية التي جعلتها تستبيح الدماء، وبخاصة رجال الدين أو الحكام الذين اعتبروهم لا يطبقون شرع الله، إلى جماعة الإخوان الذين اعتبروا أن الإرهاب وسيلة للوصول إلى مقاليد الحكم، وظهر الأمر جليًا بعد الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، واتجاه الجماعة إلى العنف الصريح في سبيل عودته مرة أخرى.


إلا أن الفارق بين الجانبين أن الجماعات الجهادية كانت قد لجأت في فترة سابقة إلى تبني مراجعات فكرية وسياسية لأفكارها العنيفة، مما أدى لعودتهم إلى الحياة السياسية مرة أخرى بعدما أعلنوا عن تصحيح مسارهم، وكونوا عددًا من الأحزاب السياسية وبشكل خاص عقب ثورة يناير.

ومع زيادة حدة أعمال العنف التي تلجأ لها حاليا جماعة الإخوان المسلمون في محاولة بائسة لإعادة نظام حكمها، قدم عدد من الخبراء السياسيين رؤيتهم حول إمكانية إقدام أنصار الجماعة على صياغة وتبني مراجعات تفتح لهم الباب أمام المشاركة في العمل السياسي مرة أخرى.

وتوقع مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين السابق، أن تلجأ أنصار جماعة الإخوان إلى صياغة مراجعات فكرية وسياسية أشبه بما سبق وأقبلت عليه الجماعة الإسلامية والجماعات الجهادية والتكفيرية، وبموجبها توقفوا عن استخدام الأسلحة مع المصريين.

وأضاف أنه لا يمكن التكهن بتوقيت هذه المراجعات، إلا أنه على يقين بأنها ستحدث خلال أشهر وستأخذ شكل "الإعصار" خاصة من جانب شباب الجماعة الذين سيهتمون بمسالة كيفية فشل الجماعة بعد عام واحد من الحكم، أو أسباب كراهية المصريين لهم بعدما كانوا يتعاطفون معهم في السابق، خاصة أن 80% من المصريين يرفضون إعطاء الجماعة فرصة ثانية وفقا لإحدى إحصائيات مجلس الوزراء.

وتابع مكرم مؤكدًا أن عددًا من قيادات الجماعة الذين قاموا بإشعال الأوضاع في الفترة السابقة أمثال محمد البلتاجي وعصام العريان وصفوت حجازي سيكونون عقبة في طريق أي مراجعة، لأنهم أساس الأزمة التي حدثت في الجماعة وأدت إلى الصراعات الداخلية بها، متوقعًا أن تتم المراجعات دونهم، حيث ستحدث بعد الإطاحة بهم من قيادة الجماعة.

ويؤكد الكاتب الصحفي صلاح عيسى أن قيادات جماعة الإخوان المسلمون سوف يلجأون إلى القيام بمراجعات في الفترة المقبلة، ومناقشة أخطائهم التي قادتهم إلى هذه النتيجة من كراهية في الشارع وسقوط لحكمهم، مشيرًا إلى أن هذه المراجعات ليست بالضرورة أن تحدث بشكل سريع أو في ظل القيادة الراهنة.

وأشار إلى أن الأحداث الأخيرة أحدثت حالة من الغضب بين صفوف أبناء الجماعة، لأنهم في موقف صعب يستدعي محاسبة القيادات، مشيرًا إلى أن المراجعات ستكون تنظيمية وسياسية، بالإضافة إلى جانب فقهي.

ولفت إلى أن أزمة الجماعة سببها مجلس شورى الجماعة ومكتب الإرشاد الحالي، ولهذا فمن المتوقع أن يسعى أعضاؤه إلى المراجعات حتى يتمكنوا من العودة إلى الحياة السياسة مرة أخرى، معتبرًا أن الأزمة الحالية قد تؤدي إلى انتخابات مبكرة داخل الجماعة تطيح بهم.

ومن جانبه اعتبر الدكتور صلاح حسب الله، نائب رئيس حزب المؤتمر، أنه من غير المقبول أن يلجأ أنصار جماعة الإخوان إلى فكرة المراجعات السياسية والفكرية كتلك التي لجأ إليها سابقا أنصار الجماعات الإسلامية والتكفيريين، مشيرًا إلى أن الأمر لم يعد خلاف بين الإخوان والدولة حتى تحدث مراجعات، وإنما الأمر الآن عداء واضح بين كل المنتمين للجماعة والشعب المصري.

وأضاف أن المراجعات التي قامت بها الجماعات الإسلامية في السابق كان تقوم على أساس تغيير عقائدهم في استخدام السلاح ضد بعض المصريين وهم رجال الأمن، أما الإخوان الآن استباحوا دماء المصريين جميعًا واعتدوا على المنازل ودور العبادة، وبالتالي محاولات عمل مراجعات لهم لن تكون مقبولة.

وتابع حسب الله أن قيادات الجماعة وبخاصة من سماهم "رءوس الفتنة" منهم قد يتجهون للمراجعات باعتبارها وسيلة لإعادتهم إلى الحياة السياسية مرة أخرى، بحيث تكون جواز مرور لهم للخروج من السجون كما فعل أنصار الجماعة الإسلامية الذين أقدموا على المراجعات وعادوا إلى الإرهاب حينما جاءتهم الفرصة.

في حين قال الدكتور وحيد عبد المجيد، القيادي بجبهة الإنقاذ الوطني، أن أنصار جماعة الإخوان المسلمون قد يتجهون إلى طلب عمل مراجعات تمكنهم من العودة للحياة السياسية مرة أخرى، مشيرا إلى أن هذا الأمر لن يحدث في الأيام الحالية حيث سيتم القضاء على العنف والإرهاب الذي سببته الجماعة.

وأشار إلى أن طلبات المراجعات ستحدث من قبل بعض قيادات الجماعة الذين لم يحرضوا على أعمال العنف، مؤكدا أن ذلك لن يحدث قبل نجاح المصريين في القضاء على عنف الجماعة.

وعن مراجعات قيادات الجماعة الذين أشعلوا الأوضاع في الفترة الأخيرة كالبلتاجي والعريان وحجازي، قال عبد المجيد إن مصير هؤلاء ورجوعهم إلى الحياة السياسية مرهون على كلمة القضاء سواء أقدموا على مراجعات أو لم يقدموا، مشيرا إلى أنهم قد يتخذوا المراجعات كطريق للعودة إذا ما برأهم القضاء.

أما الدكتور عبد المنعم السعيد، رئيس مجلس إدارة المصري اليوم والرئيس السابق لمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، فقد قال إن إقبال جماعة الإخوان المسلمون على عمل مراجعات سياسية وفكرية هو أمر ممكن من الناحية النظرية، إلا أنه لا يمكن تأكيده حاليا، خاصة وأننا لازلنا في وسط المعركة والمراجعات ستكون اعترافا بالهزيمة.

وأشار إلى أن الجماعة لا تزال على حالتها من إنكار ما بعد الصدمة، حيث لا تزال تؤكد لأنصارها أن مرسي عائد وأننا في أسبوع "إسقاط الانقلاب" وكأن شيئًا لم يكن، وبالتالي فالحديث عن المراجعات الآن مستبعد.

واعتبر السعيد أن الجماعة قد تعتبر المراجعة إحدى الطرق للعودة إلى الحياة السياسية، مشيرًا إلى أن أعضاءها في حاجة إلى تعديل بعض أفكارهم عن رؤيتهم للدولة أو المرجعية الإسلامية، مؤكدًا أن أبرز ما سيقف كعقبة في طريق هذه المراجعات هو أنه في الجماعات الدينية والفاشية تعبر المراجعات "خيانة"، وهو ما قد يؤدي إلى عدم حدوثها.
الجريدة الرسمية