حديث قلب
كيف تتعامل مع الأخطاء؟!
من منا لم يرتكب يومًا أخطاء؟ هناك افتراض بأننا كلما تقدم بنا العمر سنصبح أكثر نضوجًا وحكمة؛ بمعنى إذا اقترفنا بعض الأخطاء ستكون مختلفة عما ارتكبناها في سنوات عمرنا الأولى؛ لأننا ببساطة نكون قد تعلمنا من التجارب السابقة!
وأجمل ما قرأت هذا الأسبوع كتاب مترجم إلى العربية بعنوان: قواعد الحياة، للكاتب الإنجليزي ريتشارد تمبلر، وهو من أكثر الكتب توزيعًا في أوروبا، وصادر عن دار نشر ومكتبة جرير، ويؤكد بين محتويات صفحاته القيمة، أن الحكمة لا تعني عدم إقتراف الأخطاء، وإنما تعلمنا كيفية الإفلات منها بكرامة!
تعالوا.. نتصفح أبرز قواعد الحياة الخمسة كما جاءت في هذا الكتاب: إنها ليست محفورة على حجر، كما أنها ليست سرية أو صعبة، وتقوم بشكل كامل على الأشخاص السعداء الناجحين. إن السعداء هم الذين يتبعون معظم هذه القواعد، كما أن البؤساء هم الذين لا يتبعونها.
القاعدة الأولى: تحر السرية
قد تكون هناك بالفعل أوقات تشعر فيها برغبة في التحدث مع الغير بشأن ما تفعله لأنك -وهو أمر طبيعي تمامًا- تريد أن يُشاركك أحد ما تشعر بهِ، حسنا، لا يمكنك أن تفعل ذلك، ولا يسعك أن تفعل ذلك.. دع الآخرين يكتشفون من تلقاء أنفسهم ما أنت بصدده، قد تظنّ أنّ هذا ليس منصفًا، ولكنه في واقع الأمر أكثر إنصافًا مما تظن.
القاعدة الثانيّة: سوف يتقدّم بك العمر، ولكنّك لن تصبح أكثر حكمة
هناك افتراض بأنه كلما تقدم بنا العمر، أصبحنا أكثر حكمة، ولكن هذا ليس صحيحًا بالضرورة، القانون هو أننا قد نبقى كما نحن، قد نظل نقترف أخطاء، ولكننا فقط سوف نقترف أخطاء جديدة، أخطاء مختلفة.
هذا كل ما في الأمر، سوف نتعلم من التجارب، وقد لا نقدم على نفس الأخطاء ثانية، ولكننا سوف نقترف أخطاء جديدة تمامًا، ولكن السر هو قبول ذلك وعدم محاسبة نفسك وتوبيخها عندما تسقط فريسة أخطاء جديدة، إن القانون في واقع الأمر هو: كن مترفقا بنفسك عندما تسقط في مثل هذه الأخطاء.
كن متسامحًا ومتقبلًا أن هذا يمثل جزءًا من التقدم في العمر الذي لا يجب أن يكون ملازمًا لاكتساب الحكمة.. بالنظر إلى الماضي، قد يكون لدينا القدرة على رؤية الأخطاء التي سقطنا فيها، ولكننا مع ذلك لا نملك القدرة على رؤية الأخطاء التي ما زالت في انتظارنا، لأن الحكمة لا تعني عدم اقتراف الأخطاء، وإنمّا تعلم كيفية الإفلات منها بكرامتنا وسلامتنا العقلية.
القاعدة الثالثة: تقبل الواقع فما حدث قد حدث
الكل يقترف أخطاء، وأحيانًا تكون هذه الأخطاء أكثر خطورة، وفي الغالب تكون هذه الأخطاء عادة غير متعمدة أو شخصية، وأحيانًا قد لا يعي الشخص ما يفعله، وهذا يعني أنه إذا أساء الأشخاص التصرف مع شخص ما.
فهذا لا يعني بالضرورة أن الخطأ كان مقصودا، ولكنّهُ كان نابعا من السذاجة، أو الحماقة.. إن كنت تريد أن تتخلص من كل مشاعر الاستياء والندم والغضب فإنه يمكنك أن تقبل بأنك كائن بشري رائع بسبب كل الأشياء السيئة التي حدثت معك.
إن ما وقع قد وقع، ويجب أن تتكيف معه، لا تنعت الأشياء بـ جيد، أو سيئ، أعلم أن هناك بعض الأشياء التي تكون بالطبع سيئة، ولكن الطريقة التي نسمح فيها للأشياء بأن تؤثر علينا هي السيئة، يمكنك أن تتحرر من كل هذه الأشياء، أن تتحرر من الشعور بالاستياء.. وتحتوي هذا السوء باعتباره تجربة إيجابيّة وليست سلبية، فإن ما حدث قد حدث وأنت بحاجة لأن تتخطاه فقط.
القاعدة الرابعة: اقبل نفسك
إن قبلت بأن ما حدث قد حدث، فسوف تقبل نفسك كما هي، لن يسعك أن تعود إلى الوراء لكي تغير شيئا، أي عليك أن تعمل من واقع نفسك، ليس عليك أن تحسن أو تغير أو تناضل من أجل المثالية، وإنما العكس تماما، فقط إقبل نفسك، هذا يعني أن تقبل كل عقدك، ومشاكلك العاطفية.
كل الجراح الأليمة، كل الضعف، وكل ما تموج به نفسك، وهذا لا يعني أيضًا أننا كلنا سعداء بكل ما فينا، وأننا سنخلد للكسل ونعيش حياة سيئة. وإنّما يعني أننا سنقبل ما نحن عليه، وسنسعى للتحرك والمضي قدمًا من هذا المنطلق، أمّا ما لن نفعله فهو أن ننقض على أنفسنا، لأن بها جوانب لا تروق لنا، نعم يمكننا أن نغير الكثير، ولكن هذا سوف يحدث في وقت لاحق.
القاعدة الخامسة: اعمل ما يهم وما لا يهم
أعتقد أن القانون يعني أن تركز على ما هو مهم بالنسبة إليك، وبالنسبة لحياتك، وأن تجري تغييرات إيجابية لكي تضمن إسعاد نفسك، هذا لا يعني رسم خطط مستقبلية طويلة المدى بكل تفاصيلها، وإنما يعني أن تعرف بشكل عام الغاية التي تمضي إليها وما تفعله.
إبقى يقظًا بدلا من أن تبقى نائمًا.. هنالك بعض الأشياء التي تهم في الحياة، والكثير من الأشياء التي لا تهم بالمرة، ولن تحتاج إلى الكثير من الجهد للتمييز بينها، كما أن هناك الكثير من الأشياء الأخرى التي لا تهم ولكن يمكنك أن تختار بينها.
أنا لا أعني بهذا الكلام أن نتخلى عن الترفيه كليًّا في حياتنا، بل يمكننا أن نقدم على أفعال وأشياء ليست ذات أهميّة، ولا أجد هناك بأسًا في ذلك، تخصيص وقت للأصدقاء والأحباء أمر مهم، ومعرفة صيحات الموضة ليست مهمة، سداد الدين أمر مهم ولكن نوع مسحوق الغسيل الذي تستخدمهُ لا يهم،
رعاية الأبناء وتلقينهم قيمًا حقيقية أمر مهم، ولكن اقتناء آخر صيحات الموضة في ملابسهم لا يهم.. ما أعنيه فكّر في كل الأشياء المهمة التي تقوم بها واستكثر منها.