حديث قلب
الدكتورة لمياء زايد
بدأت في كتابة هذا المقال منذ أكثر من شهر مع استهلال دار الأوبرا لموسمها الفني الجديد، لكني لم استكمله إلا صباح اليوم، بسبب تعرضي لأزمة صحية حادة بشكل مفاجيء، ونقلت يومها إلى العناية المركزة بمستشفى مصر الدولي، وتماثلت الآن للشفاء بفضل الله تعالي..
ثم جهود عالم أمراض الكلي المعروف الأستاذ الدكتور ياسر المسيري-وبالمناسبة أشكر كل من تفضل بزيارتي في المستشفي من الشخصيات العامة والأصدقاء والأسرة الصحفية، كما أخص بالشكر الكاتب الكبير الأستاذ عصام كامل رئيس تحرير فيتو-..
أنا من عشاق الأوبرا، وأحرص علي حضور حفلاتها منذ أكثر من ثلاثين عاما علي مسارحها الثلاثة: معهد الموسيقي العربية، والجمهورية، والمسرح الكبير بالجزيرة، فبين جدران هذه المسارح أتذوق الفن الراقي الجميل كعملة جيدة تطرد العملة الرديئة..
والذي بأصالته وعراقته محارب عنيد لكل أشباح التلوث السمعي الصارخ الذي نراه الأن -للأسف الشديد- علي الساحة الفنية التجارية التي تقدم الفن الهابط باغانيه ومطربيه الباحثين عن الشهرة والكسب السريع تحت أي مسمي! عكس تماما حفلات الاوبرا الشهرية بنجومها من مطربين موهوبين، وعازفين مهرة يقدمون أعذب الألحان، وأغاني الزمن الجميل التراثية..
والحقيقة.. ومنذ تولي الفنانة القديرة الدكتورة لمياء زايد رئاسة دار الأوبرا -وبالمناسبة لم ألتق بها يوما، وكل تذاكر الأوبرا أدفعها من جيبي الخاص، حتي أجاملها-، وأنا أشهد تطورا ملحوظا للإرتقاء بمستوي رسالة دار الأوبرا..
وتسعي جاهدة لتحقيق أمال جديدة في سبيل التطوير وإعادة هيكلها العريق، ويحقق طموحها المنشود، فالقيادات الثرية بفكرها المستنير يمكن أن تضيف لصروحنا الثقافية الكثير، وأعود فأقول: شخصيات متعددة تعمل في الساحة الابداعية وتجاهد باخلاص بمسارات متعددة لتنمية الوجدان الجمعى ونشر التنوير في ربوع المحروسة بإعتبار الإنسان العامل الرئيس في بناء المجتمع منهم الدكتورة لمياء زايد رئيس دار الاوبرا المصرية..
التى تقاتل -رغم التحديات- لتنفيذ الرسالة السامية التى إضطلع بها هذا الصرح الثقافى الضخم، فبين أشكال الفنون المتعددة إستهلت الأوبرا موسمها الفنى الجديد بعدة عروض مميزة كان منها إستمرار مشروع 100 سنة غنا المقام بالتعاون مع النجم على الحجار..
وجاء العرض هذة المرة ليحتفى بالموسيقار العبقرى بليغ حمدى، كما أقيمت احتفالية ضخمة لأعمال الموسيقار الراحل الدكتور جمال سلامة، وقدمت فرقة أوبرا القاهرة حفلا ضم مختارات من أبرز القصائد الفرنسية..
ويعد الغناء الغربى أحد الأصناف الابداعية التى بدأت تحقق انتشارا في مصر، كذلك قدم أوركسترا القاهرة السيمفونى حفلا تضمن مزيجا من المؤلفات العربية والعالمية بإسلوب مبتكر، وغيرها من الفعاليات الجادة التى شهدت إقبالا جماهيريا ضخما عكس جهود الأوبرا ورئيستها لخلق حالة من الحراك الفنى في مصر.
والدكتورة لمياء زايد -لمن لا يعرف- متعددة المؤهلات فقد تخرجت فى المعهد العالى للبالیة بتقدير إمتياز وعملت كمعيدة به، أيضا حصلت على لیسانس الآداب قسم الوثائق والمکتبات ودرجة الدكتوراه في الفنون بتقدیر إمتياز مع مرتبة الشرف الأولی..
كذلك شغلت منصب عمید المعهد العالی للبالیة، ولها العديد من الأبحاث والمقالات إلى جانب مشاركات مع فرقة بالیة أوبرا القاهرة فی عروضها کصولیست ثم مصممة رقصات ومدربة أولى ونائب ومخرج منفذ لكل العروض، أيضا شاركت في مهرجان الربيع للفن والصداقة في دورته الثامنة في کوریا كمصممة رقصات، ومدرسة، ومدربة، ومساعد مخرج وحصلت على العديد من الأوسمة والجوائز.
ومن خلال ملامح بدايات فعاليات الموسم الجديد للأوبرا المصرية يبدو أنه يحمل الكثير من المفاجات الفنية والعروض الإبداعية التى ترمى إلى مواصلة تنفيذ أهداف الرسالة التنويرية للثقافة المصرية في مواجهة أشكال الإبتذال التى تمددت وإنتشرت مؤخرا.