تاريخ إسرائيل الأسود فى عمليات اغتيال قادة حماس.. استهدفت الشيخ أحمد ياسين بعد صلاة الفجر.. وقصفت سيارة الرنتيسى.. اغتيال العاروري فى جنوب لبنان.. وهنية والسِنوار نالا الشهادة
تاريخ طويل من اغتيال القادة، هكذا يمكن وصف تاريخ حركة حماس التى عمل الاحتلال الإسرائيلى على إضعافها، من خلال تقويض قدرتها على تنظيم العمليات، ورغم ذلك تمكنت حماس من إعادة تنظيم صفوفها وتطوير استراتيجيات جديدة لمواجهة التهديدات.
ويُعد اغتيال الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسى من أبرز وأهم عمليات الاغتيال التى نفذتها إسرائيل ضد قادة حركة حماس السياسيين، وقد كان لهما تأثير كبير على مسار الحركة، وعلى الوضع الفلسطينى بشكل عام، وقد بدأت اغتيالات الاحتلال لقادة حماس السياسيين مع إسماعيل أبو شنب، الذى كان من القيادات السياسية البارزة داخل حماس، ومن المساهمين فى تأسيس الحركة وتطوير سياساتها.
ياسين وأبو شنب
فى 21 أغسطس 2003، اغتال الاحتلال الإسرائيلى عضو المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل أبو شنب، الذى استهدفته طائرة إسرائيلية بصواريخ أُطلقت على سيارته فى مدينة غزة، ولم تتوقف عمليات الاغتيال، ففى فجر يوم 22 مارس 2004، نفذت طائرة إسرائيلية من طراز أباتشي، عملية اغتيال الشيخ أحمد ياسين، حيث أطلقت الطائرة صواريخ عليه، بينما كان يغادر أحد المساجد بعد صلاة الفجر فى مدينة غزة، وأسفر الهجوم عن مقتل الشيخ أحمد ياسين وعدد من مرافقيه.
الرنتيسي
بعد يوم واحد من اغتيال الشيخ أحمد ياسين، وتحديدًا فى يوم 23 مارس 2004،، نظمت حركة حماس صفوفها، وتم انتخاب الرجل الثانى فى الحركة الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، ليكون خلفًا للشيخ أحمد ياسين.
لكن بعد أقل من شهر من اغتيال الشيخ ياسين، وتحديدًا فى 17 أبريل 2004، استهدفت طائرة إسرائيلية سيارة الدكتور الرنتيسى فى مدينة غزة، ما أدى إلى مقتله مع عدد من مرافقيه، واعتمدت إسرائيل نفس أسلوب الاستهداف الجوى بالصواريخ كما حدث مع الشيخ أحمد ياسين، معتبرة أن اغتيال الرنتيسى ضرورى لقطع قيادة الحركة الجديدة بعد ياسين.
خالد مشغل
محاولة اغتيال خالد مشعل، القيادى البارز فى حركة حماس والرئيس السابق للمكتب السياسى للحركة منذ عام 1996 وحتى 2017، كانت واحدة من أشهر الحوادث التى أثارت ضجة واسعة دوليًا، نظرًا لطبيعتها والأسلوب المستخدم فيها، فضلًا عن التداعيات الدبلوماسية والسياسية التى ترتبت عليها.
ووقعت فى 25 سبتمبر عام 1997، فى عمان بالأردن، حيث كان خالد مشعل يقيم هناك، ويشغل منصب رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، وكان يمثل واجهة الحركة فى النشاط السياسى والدبلوماسي، خصوصًا فى علاقاتها الإقليمية، وقامت وحدة تابعة للموساد الإسرائيلى بتنفيذ العملية بأمر من رئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك بنيامين نتنياهو، واستخدم العملاء مادة سامة تُدعى “فنتانيل”، مادة كيميائية ذات تأثير سريع وقاتل إذا تم إدخالها إلى جسم الإنسان، حيث اقترب العملاء من خالد مشعل فى وضح النهار فى العاصمة الأردنية عمان، وحاولوا حقن المادة السامة فى أذنه، وبعد الهجوم، شعر خالد مشعل على الفور بتأثير السم، حيث عانى من أعراض شديدة بدأت بالتشنجات وفقدان الوعي، وبعد اكتشاف محاولة الاغتيال، تمكن الحراس الشخصيون لخالد مشعل من إلقاء القبض على اثنين من عملاء الموساد الذين نفذوا العملية، وتدخلت الحكومة الأردنية بقيادة الملك الراحل الملك حسين، الذى اعتبر هذه العملية تمثل انتهاكًا لسيادة الأردن، وخيانة للاتفاقيات بين الأردن وإسرائيل، خاصة اتفاقية السلام الموقعة بينهما عام 1994، وقام بالاتصال بواشنطن، وتواصل مع الرئيس الأمريكى آنذاك بيل كلينتون، وطالبه بالتدخل لإجبار إسرائيل على تقديم العلاج لخالد مشعل، مهددًا بقطع العلاقات مع إسرائيل، وتحت الضغط الدولى والدبلوماسي، اضطرت إسرائيل إلى إرسال علاج مضاد للسم المستخدم لإنقاذ حياة خالد مشعل، مما أسفر عن نجاته من الموت.
العاروري
لم تتوقف محاولات الاحتلال لاستهداف قادة حماس السياسيين، ففى يناير 2024، استهدف الاحتلال صلاح العاروري، الرجل الثانى فى حركة حماس، ونائب رئيس المكتب السياسى للحركة منذ عام 2017، وتقلد العارورى العديد من الوظائف المهمة داخل حركة حماس، من بينها عضويته منذ عام 2010 فى مكتبها السياسي، وتم اختياره نائبًا لرئيس المكتب السياسى فى 2017، وأعيد انتخابه فى 2021، مع توليه رئاسة الحركة فى الضفة الغربية، وأدرج العارورى على القائمة الأمريكية لـ”الإرهابيين الدوليين” عام 2015، وعرضت وزارة الخارجية الأمريكية مبلغ 5 ملايين دولار عام 2018 مقابل من يدلى بمعلومات عنه عبر برنامجها “مكافآت من أجل العدالة”.
وفجّر الاحتلال منزل العارورى فى 2023، بالمتفجرات فى الضفة الغربية، واتهمته إسرائيل بالوقوف خلف العديد من العمليات التى نفذتها المقاومة فى الضفة الغربية، وتم اغتياله فى 2 يناير 2024، فى جنوب لبنان بطائرة مسيرة، وكان العارورى يعتبر همزة الوصل والمُنسق بين حركة حماس وإيران وحزب الله من ناحية أخرى.
إسماعيل هنية
لم تتوقف عملية الاغتيالات الإسرائيلية لقادة حماس السياسيين عند هذا الحد، ففى 31 يوليو 2024، أعلنت حركة حماس اغتيال رئيس المكتب السياسى للحركة إسماعيل هنية، فى تفجير لمقر إقامته فى العاصمة طهران، خلال زيارته لحضور مراسم تنصيب الرئيس الإيرانى الجديد مسعود بزشكيان، واتهمت الحركة إسرائيل بتنفيذ العملية، واعتقد الاحتلال أنه باغتيال هنيه قضى على حماس، لكن بعد 6 أيام من اغتيال هنية، قامت الحرمة بتنظيم صفوفها.
يحيى السنوار
فى 6 أغسطس 2024، أعلنت حركة حماس اختيار يحيى السنوار خلفًا لهنية، رئيسًا للمكتب السياسى للحركة من داخل غزة، وبعد ثلاثة أشهر من اختيار السنوار رئيسًا للمكتب السياسى للحركة، تم اغتياله، فى اشتباكات مع قوات الاحتلال الإسرائيلى فى معارك قطاع غزة، معتقدة أن اغتيال السنوار سيكون ضربة قاصمة للحركة، ولم تع أن عملية اغتيال السنوار ليست قاضية، ولا تعنى نهاية الحركة، بل إن الحركة ستعيد ترتيب أوراقها لاختيار رئيس مكتبها السياسى الجديد مثلما فعلت من قبل.