نجيب سرور، أسرار من حياة شاعر العقل والحذاء.. أبدع شعرًا حرًّا لا يزال حاضرًا.. أعماله اتسمت بالجرأة الشديدة والخروج عن النص أحيانًا.. وهذه كواليس إيداعه مستشفى الخانكة
نجيب سرور، صاحب الألقاب المتعددة، ولعل أشهرها شاعر العقل والحذاء، الشاعر الثوري سليط اللسان، مزج في شعره بلمسته الخاصة بين الفصحى والعامية فأنتج شعرًا حرًّا لا يزال حاضرًا، عاش معارضًا متبنيًّا صف الفقراء والمهمشين، شارك في الحياة الثقافية شاعرًا وناقدًا وباحثًا وكاتبًا مسرحيًّا وممثلًا ومخرجًا حتى أصبح أحد أعلام المسرح العربي المعاصر.. رحل فى مثل هذا اليوم عام 1978.
ولد الشاعر نجيب سرور عام 1932، بدأ معارضته من خلال قصيدة كتبها عام 1946 معارضًا للاحتلال البريطاني، ولكن حياته السياسية والأدبية بدأت عام 1964، سافر الشاعر نجيب سرور في بعثة إلى الاتحاد السوفييتي لدراسة الإخراج.
ثم انتقل من روسيا إلى المجر ليعمل في قسم الإذاعة العربية في بودابست، حيث طُلب منه المساهمة في الهجوم على مصر فرفض وترك العمل، وكتب إلى والده يخبره بأنه لو قُتل في المجر فسيكون بأيدٍ صهيونية وأنه يريد العودة إلا أنهم سرقوا منه جواز سفره.
نشر والده الخطاب بإحدى المجلات ولما قرأ عبد الناصر الخطاب أرسل إلى سفير مصر بالمجر يطلب عودة سرور إلى أرض الوطن، وتزامن ذلك مع عرض مسرحيته "آه يا ليل يا قمر" على مسرح الدولة التي تنبأت بنكسة 67 قبل حدوثها.
إلى جانب إبداعه في عالم الشعر، كان نجيب سرور أيضًا ممثلا ومخرجا ناجحًا، حيث عمل بالمسرح الشعبي، ظهر إبداعه في مجال الكتابة للمسرح، كما عمل أيضًا بالرقابة على المصنفات الفنية.
قصيدة الحذاء كانت البداية
كتب الشاعر نجيب سرور قصيدته الأولى عام 1956 بعنوان (الحذاء)، ونشرها بمجلة الرسالة إثر موقف تعرض له والده أمامه للصفع من عمدة القرية صاحب الجاه والجبروت، الذى كان جشعًا وقاسي القلب على فلاحي القرية.. وكان سببًا في تمرده على الواقع الذي يعيشه.
كان نجيب سرور شخصية سيطرت عليه التشاؤم، فقال في ذلك: "عرفت أن الشمس لم تعبر بقريتنا، ولا مر القمر، بدروبها من ألف جيل ولا العيون تبسمت يومًا لمولود ولا دمعت لإنسان يموت.. فالناس من هول الحياة موتى على قيد الحياة".
ويقول أيضًا: "أنا لست أخشى الذئب ذئبًا، إنما أخشاه في جلد الحمل، رعبى عدو لا أراه.. أو لا أراه، إلا إذا فات الأوان"، وقال أيضًا: "البحر بيضحك ليه.. وأنا نازلة أدلع أملى القلل، البحر غضبان ما بيضحكش.. أصل الحكاية ما تضحكش".
البحر بيضحك ليه
من أشهر الأغانى التى كتبها نجيب سرور: "البحر غضبان مابيضحكش.. أصل الحكاية ماتضّحكش.. البحر جرحه ما بيدبلش.. وجرحنا ولا عمره دبل.. والبحر بيضحك ليه؟”.
ولحنها وغناها الشيخ إمام عيسى، وقد عدل الشيخ إمام مقطعًا في الأغنية، حيث غناها “بيني وبينك سور ورا سور.. وأنا لا مارد ولا عصفور.. في إيدي عود قوال وجسور.. وصبحت أنا في العشق مثل”.
كما كتب سرور للشيخ إمام أيضًا أغنية تقول كلماتها: “غريب وجيت البلد.. قاصد حبيب وقريب.. عرفوني ناس البلد.. ناسي قالوا لي غريب”، ثم أغنية “حلّوا المراكب مع المغرب وفاتوني.. على الشط واقف بلا مركب وفاتوني.. ساعتها قلبي شهق.. يشهد عليه الشفق”.
مأساة الفلاح فى ياسين وبهية
كتب نجيب سرور مسرحية "ياسين وبهية" عام 1964؛ لتصور مأساة الفلاح المصري وأخرجها كرم مطاوع، وقدم "آه يا ليل يا قمر"؛ لتتناول نضال الشعب ضد الاستعمار، وقدم "قولوا لعين الشمس" عن أزمة المثقف المصرى بعد نكسة يونيو، وكتب الشاعر نجيب سرور: يا بهية وخبريني، الكلمات المتقاطعة، الحكم قبل المداولة، منين أجيب ناس لمعناة الكلام يتلوه" التي قدمت على مسرح السامر.
من دواوين نجيب سرور الشعرية القليلة "لزوم ما لا يلزم" التي كتبها في المجر وصدرت عام 1975، وديوان "الأميات"، و"بروتوكولات حكماء ريش"، و"رباعيات نجيب سرور"، وديوانا "الطوفان" و"فارس آخر زمن".
صرخة الرفض في قصائده
عبر ديوان "الأميات" لنجيب سرور عن المرارة الشديدة التي شعر بها سرور إزاء الأوضاع في مصر، كانت القصيدة أشبه بصرخة الرفض التي أطلقها سرور ردًّا على ما آلت إليه أوضاع بلده، وقد أحدثت جدلًا كبيرًا داخل المجتمع المصري، حيث تميزت بقسوتها الشديدة وألفاظها الجارحة والخادشة للحياء، حيث انتقد سرور فيها رموز السلطة في مصر.
صدام مع النظام
ونظرًا لكتاباته الجريئة، كان للشاعر نجيب سرور مواجهات مباشرة مع كل الأنظمة الداخلية والخارجية، فسجن عام 1964 وعذب العديد من المرات، ونفي إلى سرنديب، وأودع بمستشفى الخانكة أكثر من ثلاثة أعوام.
اتُّهم بتجاوز الخط الأحمر حين توقف أمام مجازر الملك حسين بحق الفلسطينيين في عام 1971 بكتابة وإخراج مسرحية بعنوان (الذباب الأزرق)، فسرعان ما تدخلت المخابرات الأردنية لدى السلطات المصرية لإيقافها، وقد كان.
وبدأت منذ ذلك التاريخ مواجهة جديدة بين الأمن والشاعر نجيب سرور انتهت بعزله وطرده من عمله ومحاصرته ومنعه من النشر واتهامه بالجنون.
عن معاناته في السجون كتب نجيب سرور يقول: “حارس السجن ليه خايف من المسجون.. هي الحيطان اللي بينا قش يا ملعون.. ولا السلاسل ورق ولا السجين شمشون”.
نقد أعمال نجيب محفوظ
تمتع نجيب سرور بحس نقدي رفيع المستوى، فقدم عددًا من الأعمال النقدية الهامة منها: "رحلة في ثلاثية نجيب محفوظ" التي تعرض فيها لروايات الكاتب الشهير بالنقد.
كما نشر أيضًا عددًا من المقالات النقدية في بعض الدوريات الأدبية، أشهرها: تحت عباءة أبي العلاء، هموم في الأدب والفن، حوار في المسرح.
نهاية حزينة بمستشفى المجانين
انتهت حياة الشاعر نجيب سرور نهاية حزينة، حيث توفي عن 47 عاما فى مثل هذا اليوم عام 1978 داخل مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية بعد معاناة كثيرة في الحياة والسياسة لكتابته قصيدة “أميات”.
وكان قد كتب في إحدى قصائده يقول: "أنا عارف إني هموت في عمر الورد"، ولم يكن يتوقع أن الموت سيكون في مستشفى الأمراض العقلية.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.