سيدنا يوسف عليه السلام في الحضارة المصرية
حينما نتلمس نور القرآن الكريم وخطى التاريخ نجد مقاربة في الشخصية الكريمة أظهر من نور الشمس، فقد ورد في قصة سيدنا يوسف عليه السلام في القرآن الكريم أنه عليه السلام بعد تأويل رؤيا الملك فكان مستخلص لديه مكين أمين فى قوله تعالى: [وَقَالَ ٱلۡمَلِكُ ٱئۡتُونِي بِهِۦٓ أَسۡتَخۡلِصۡهُ لِنَفۡسِيۖ فَلَمَّا كَلَّمَهُۥ قَالَ إِنَّكَ ٱلۡيَوۡمَ لَدَيۡنَا مَكِينٌ أَمِينٞ (54) قَالَ ٱجۡعَلۡنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلۡأَرۡضِۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٞ (55) وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَتَبَوَّأُ مِنۡهَا حَيۡثُ يَشَآءُۚ نُصِيبُ بِرَحۡمَتِنَا مَن نَّشَآءُۖ وَلَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ (56)] سورة يُوسُف.
ثم نجد مناصبه عليه السلام في قوله تعالى: [قَالُواْ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡعَزِيزُ إِنَّ لَهُۥٓ أَبٗا شَيۡخٗا كَبِيرٗا فَخُذۡ أَحَدَنَا مَكَانَهُۥٓۖ إِنَّا نَرَىٰكَ مِنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ (78)] سورة يُوسُف، ثم جلوسه على العرش في قوله تعالى [ وَرَفَعَ أَبَوَيۡهِ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ]، وقوله تعالى [ رَبِّ قَدۡ ءَاتَيۡتَنِي مِنَ ٱلۡمُلۡكِ وَعَلَّمۡتَنِي مِن تَأۡوِيلِ ٱلۡأَحَادِيثِۚ] سورة يُوسُف..
والمقاربة في الآيات الكريمة أنه عليه السلام تولى أعلى المناصب في الدولة، ومنها أنه كان نائبا في الملك أو وصيا على العرش.
وبالمناظرة التاريخية نجد عصر الأسرة الحادية والثانية عشر من أكثر العصور المقاربة لشخصيات القصص، حيث شهدت تطوير كبير في الزراعة والري وكان من العصور التي تناسب في زهوها إشراق نور النبوة عليها.
ومن أقرب الشخصيات قربا لشخص سيدنا يوسف عليه السلام هو الأمير أمنمحات والملقب "أميني" حاكم إقليم الوعل، ونجد أثر وتاريخ هذه الشخصية في مقابر بني حسن بالمنيا حيث ورد العديد من المدونات المتحدثة عن الشخصية.
ومن ألقاب هذه الشخصية في المدون التاريخي أنه الأمير الوراثي الحاكم، حامل ختم ملك مصر، السمر الوحيد المعروف لدى الملك حقا، مدير العرشين، عظيم السبعة في البيت الملكي، مدير البركة، بهجة القلب، مدير القرون والحوافر والريش والقشور والدواب والكنوز والمعادن، المشرف على كل الأشياء التي تمنحها السماء والتي تنتجها الأرض..
القائد الأكبر للجيش، رئيس كلمات الإله، رئيس الكهنة المرتلين، المتفرد، سيد المديح، وافر الحب، الحاكم المحبوب من مدينته، الذي ينطق بالحق، المبرأ من تخطيط الشر، حسن النية، المحبوب من رجاله، الذي يصغي إليه الجميع، ذائع الصيت بقدرته على إدراك الأشياء، الذي بلجأ إليه في أوقات الصعاب، السيد في فن الكتابة..
ومن الأثر التاريخي تتحدث الشخصية عن نفسها قائلة: وعندما تعاقبت سنوات القحط أشرفت على استغلال إقليم الوعل من شماله إلى جنوبه، وكفلت الحياة لأهله، ووفرت لهم الأقوات فقل بينهم المحتاج، وأهديت الأرملة كما أهديت ذات البعل، ولم أميز عظيما على فقير فيما أعطيته، وعندما عادت الفيضانات العالية وازدادت المحاصيل وتوفر كل شئ تجاوزت عن متأخرات الضرائب..
وكل هذه الأوصاف تقارب بالقطع أخلاق ونور النبوة في الحضارة المصرية القديمة.