رئيس التحرير
عصام كامل

بلطاي المعاصر!

"إحنا مش قد التتار.. التتار اكتسحوا كل البلاد اللي في طريقهم.. التفاهم معهم أفضل.. المقاومة غير مجدية.. هم أقوي ولديهم السلاح ويمتلكون القوة والخبرة بعد حروبهم العديدة.. نحن أضعف بكثير.. نحتاج إلي وقت طويل حتي نصل إلي قوتهم.. التصدي لهم انتحار.. وسيدفع الثمن ليس من سيحاربونه وحدهم وإنما الشعب كله.. عودوا مما جئتم.. إرجعوا إلي بيوتكم إلخ إلخ إلخ"!


هذه هي الرسالة التي أراد صناع فيلم واسلاماه قولها من خلال شخصية بلطاي التي قام بأدائها بإتقان مدهش الفنان الكبير الراحل فريد شوقي.. الذي قبل الدور ولم يكن بطولة أولي، وكان فريد شوقي في قمته الفنية.. لكنه لم يقاوم دورا بهذه الجاذبية.. نجده في كل عصر وكل زمان!


صحيح القصة لها دلالات كثيرة وقت إنتاج الفيلم عام 1961.. القصة لروائي عربي كبير هو علي أحمد باكثير.. والحوار لروائي وسيناريست ووزير ثقافة وأحد ضباط مصر الأحرار ومثقفيها الكبار يوسف السباعي.. فصيغت الشخصية في الرواية وفي الفيلم  بإتقان لا مثيل له.. 

 

حتي إننا وبعد أكثر من ستين عاما علي الفيلم نجد جهات ومؤسسات تقوم بدور بلطاي الذي لم يعد شخصا فقط.. إنما توجها وبرنامجا واستراتيجية وحربا كاملة، توجه من طرف ضد طرف بأدوات جديدة من قنوات وصفحات ومواقع هدفها زرع الإحباط وعدم الثقة بالنفس والإرباك، وإشغال الناس بعيدا عن العدو الحقيقي، وخلق أعداء آخرين دون ترتيب موضوعي لهم، وإثارة جدل لا طائل منه في ظل تهديد كبير حاصل!


السؤال: ماذا لو استجابت مصر وقتها ومن تولوا أمرها في لحظة مضطربة لفتنة بلطاي؟ ولم نحارب التتار؟! ولم ننتصر في عين جالوت؟! أمام قوة جبارة هائلة لم تترك مترا من أقصي الشرق إلي فلسطين إلا وسحقته؟! كيف كان حال بلادنا ومسار التاريخ؟! 
 

 

والسؤال الأخطر: كم بلطاي حولنا؟! بكافة وبمختلف الصور والأشكال والأصوات والبدل والكرافت والقمصان والحمالات؟! كم؟!

الجريدة الرسمية