رئيس التحرير
عصام كامل

الحوار الوطني واستشراف المستقبل (2)

استكمالا لمناقشة موضوع الحوار الوطني بين مختلف الأطراف والفئات والتيارات السياسية الفكرية وعلاقته باستشراف المستقبل، نجد أن القدرة على مواجهة تحديات وغـموض المستقبل ومعالجة أعراضها، تتوقف على استغلال الفرص المتاحة بناء على الرؤى والقيم والأهـداف الوطنيـة المسـتقبلية بعيـدة المدى على كافة المسـتويات لتحقيـق إنجازات نوعيـة لخدمـة مصالح الدولة والأجيال الحالية والمستقبلية. 

 

وفي هذا الإطار فان عوامل النجاح الرئيسية تتمثل في بناء القدرات الوطنية والاستثمار بعيد المدى والمرونة والتخطيط، وقراءة وفهم المؤشرات الخارجية والتعامل مع متغيراتها وتوظيفها لصالح الدولة، والقدرة على التفكير المنهجي حول المستقبل، وتوفير البيانات اللازمة لصنع القرار الاستراتيجي في الحاضر، ومن ثم تتحقق الاستفادة الكاملة من الفرص المتاحة والاستعداد لكل المخاطر المحتملة.


لذلك فإن عملية اختيار المشاركين في الحوار الوطني عكست رؤى وقيم أهل الخبرة والمتخصصين جنبا الى جنب مع الشباب، فكان اختيار الشباب للمشاركة في الحوار الوطني انطلاقا من حرص الدولة على الحوار مع الشباب واعطائهم الفرصة لطرح وجهات نظرهم وآرائهم، إدراكا منها لأهمية الحوار معهم الذي يولد فهمًا مشتركًا.. 

والذي كانت قد بدأته بإطلاق منتدى الشباب في شرم الشيخ كمنصة للحوار وتبادل الآراء والخبرات والتقارب بين الشباب وصناع القرار في مصر والعالم، خاصة مع الاعتراف الدولي به من قبل الأمم المتحدة واعتماد مساهماته كمنصة دولية لقضايا الشباب، مما كان تأكيد على نجاح هذه التجربة كآلية حوار تجمع شباب العالم.


وتأكد هذا التوجه في رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030 والتي تم وضعها بشكل تشاركي لجميع فئات المجتمع مع الحرص على المشاركة الشبابية، لتشكيل الإطار العام المنظم لبرامج العمل وخطط التنمية المرحلية خلال السنوات المقبلة، علي أساس أن أي تهاون في الاهتمام بالشباب من شأنه إحداث أثرًا سلبيًا ليس فقط على تحقيق أهداف رؤية 2030 بل من شأنه التأثير أيضًا على الحالة الاقتصادية والاجتماعية. 

 

يضاف الى ذلك، أن الاستثمار في رأس المال البشري يعد ركنا أصيلا في رؤية مصر 2030 حيث يقع تمكين الشباب في صدارة أولويات الحكومة، وذلك في إطار اهتمام القيادة السياسية بالشباب لضمان مشاركتهم في صنع السياسات منذ وقت مبكر. ودور الشباب الهام والحيوي في التحديث والترويج لهذه الرؤية، وذلك لما لهم من أفكار بناءة تساعد الدولة في تنفيذها علي كافة المستويات.

 

 لذلك يعول عليهم الكثير في جلسات الحوار الوطني من حيث طرح الأفكار والمقترحات بل والمساهمة في تنفيذها وتقييمها، وبالتالي يوظف ذلك كنوع من استشراف المستقبل وقراءة وفهم المؤشرات الخارجية والتعامل مع متغيراتها وتوظيفها لصالح الدولة، والقدرة على التفكير المنهجي حول المستقبل، وتوفير البيانات اللازمة لصنع القرار الاستراتيجي في الحاضر، ومن ثم تتحقق الاستفادة الكاملة من الفرص المتاحة والاستعداد لكل المخاطر المحتملة.

 


وقد يؤدي نجاح الحوار الوطني ومخرجاته في إيجاد حلول لمشكلات قائمة، ووضع مقترحات للجهات الحكومية من أجل التفكير وبناء الجاهزية للمستقبل، ووضع دراسات وسيناريوهات لاستشراف مستقبل القطاعات التابعة لها، والتنسيق في ذلك مع الوحدات المحلية والقطاع الخاص.

لأنه من المهم تعزيز فكر وثقافة استشراف المستقبل وتطوير مشاريع استشراف المستقبل، من خلال الشراكة أو التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع، تطبيقا للحوكمة، وذلك من أجل تعزيز مكانة الدولة إقليميا ودوليا كوجهة للمستقبل.

الجريدة الرسمية