رئيس التحرير
عصام كامل

شباب حول الرسول، زيد بن أرقم "صدقه الله مرتين"

زيد بن أرقم صدقه
زيد بن أرقم "صدقه الله مرتين"، فيتو

منذ فجر الإسلام، أحاط بـ رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، نخبة من المسلمين الأوائل، في الوقت الذي آمن فيه فتية صغار السن بالله حبًّا في النبي، وجهروا بالإسلام في شجاعة نادرة، رغم ما كان يكتنف البيئة المحيطة من تقديس للأصنام، والأوثان، وإدمان للأدران، وصمدوا بقوة أمام ضغوط الآباء والأمهات وعتاة المشركين.

تربوا في مدرسة الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، وحرصوا على مراقبة تصرفاته، وأنصتوا لنصائحه، وحفظوا أقواله، وفقهوا أحاديثه.

كانوا أصحاب فكر سديد، فأعلنوا اتباعهم للنبي، وتمسكوا بدينهم، وبذل بعضهم روحه من أجل العقيدة، وبعضهم فاق الكبار علما وفقها وشجاعة، فاستحقوا أن يكونوا قدوة للأجيال الشابة التالية.

إنهم "شباب حول الرسول".

حديثنا اليوم عن صحابي شاب، أسلم وهو غلام صغير، وأحب الله ورسوله، وآل بيت رسول، ودافع عنهم، وروى الحديث الجامع المانع الذي يتحدث عن فضلهم، واتسم بالصدق، فصدقه الله من فوق سبع سماوات، مرتين. 

هو الصحابي الجليل، زيد بن أرقم الأنصاري، رضي الله عنه، أسلم وهو فتى صغير السن لا يتجاوز عمره الرابعة عشرة.

يكنى: أبا سعد، وقيل: كان يكنى بـ أبي أنيس.

التقى النبي، صلى الله عليه وسلم، بعد هجرته إلى المدينة المنورة، ورغم صغر سنه آمن، وأبدى حماسة شديدة في الدفاع عن الدين الجديد ورسوله.

 وتمنى المشاركة في غزوتي بدر وأحد بجوار رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، إلا أن النبي، صلى الله عليه وسلم، استصغره، ورده عن القتال خوفًا وشفقة عليه ولصغر سنه، وكانت أول مشاهده مع النبي يوم "المريسيع" أو غزوة بني المصطلق.

يقول زيد بن أرقم: "جاء أناس من العرب إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل فإن يكن نبيًا، فنحن أسعد الناس به، وإن يكن ملكًا نعش في جناحه.

 قال: فأتيتُ النبي فأخبرتُه بذلك، ثم جاءوا إلى حجر النبي فجعلوا ينادونه: يا محمد، فأنزل الله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ".

قال زيد: فأخذ النبي بأذني فمدها فجعل يقول: "قد صدّق الله قولك يا زيد، قد صدّق الله قولك يا زيد".

وقال زيد: كنت في غزاة فسمعت عبد الله بن أبيّ بن سلول يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فذكرت ذلك لعمي فذكره للنبي، صلى الله عليه وسلم، فدعاني، فحدثته فأرسل رسول الله إلى عبدالله بن أبيّ وأصحابه، فحلفوا ما قالوا فكذبني رسول الله وصدَّقه، فأصابني همّ لم يصبني مثله قط، فجلستُ في البيت.

 فقال لي عمي: ما أردت إلى أن كذبك رسول الله ومقتك؟ فأنزل الله تعالى: "إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ * وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ".

فبعث إليّ النبي، فقال: "إن الله قد صدَّقك يا زيد".

ويقول زيد: رمدت فعادني رسول الله، فقال: "أرأيت يا زيد إن كانت عيناك لما بهما كيف تصنع"؟، قلت: أصبر وأحتسب، قال: "إن فعلتَ دخلتَ الجنة"، وفي رواية: "إذًا تلقى الله ولا ذنب لك".

وعن زيد بن أرقم قال: أرسلني النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى أبي بكر الصديق فبشرته بالجنة، وإلى عمر بن الخطاب فبشرته بالجنة، وإلى عثمان بن عفان فبشرته بالجنة.

لازم زيد بن أرقم النبي، صلى الله عليه وسلم، في مسجده ومجلسه، مما مكنه من رواية بعض الأحاديث، وكان ما زال فتى صغيرًا.

توفي زيد بن أرقم بالكوفة سنة 68 هجرية.

ويقول أنس بن مالك: "سمع زيد بن أرقم رجلًا من المنافقين يقول، والنبي يخطب: إن كان هذا صادقًا لنحن شر من الحمير".

فقال زيد: هو -والله- صادق ولأنت أشرُّ من الحمار، فرفع ذلك إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فجحد القائل فأنزل الله: "يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا، فكانت الآية في تصديق زيد.

من مواقف زيد بن أرقم مع الصحابة

عن زيد بن أرقم قال: كنت يتيمًا لعبد الله بن رواحة في حجره، فخرج بي في سفره ذلك مردفي على حقيبة رحله، فوالله إنه ليسير ليلة إذ سمعته، وهو ينشد أبياته هذه:

إذا أديتنـي وحملــت رحلــي *** مسيـرة أربـع بعــد الحســاء

فشـأنـــك أنعــم وخــلاك ذم *** ولا أرجع إلى أهلـي ورائي

وجاء المسلمون وغادروني *** بأرض الشام مشتهى الثواء

وردك كـــل ذي نسب قريب *** إلى الرحمـــن منقطع الإخاء

هنــالك لا أبالــي طلع بعـــل *** ولا نخـــل أسـافلهــــا رواء

 

فلما سمعتهن منه بكيت. قال: فخفقني بالدرة، وقال: ما عليك يا لكع أن يرزقني الله شهادة وترجع بين شعبتي الرحل.

(عبد الله بن رواحة، هو صحابي بدري وشاعر وقائد عسكري، وأحد نقباء الأنصار الإثني عشر، شارك في الغزوات، وكان أحد الشعراء الذين يدافعون بشعرهم عن النبي. استشهد في يوم مؤتة سنة 8 هـ، وكان قائد المسلمين أمام الروم وحلفائهم الغساسنة).

من مواقف زيد بن أرقم مع آل البيت

يقول أبو أيوب مولى بني ثعلبة عن قطبة بن مالك: سب أمير من الأمراء عليًّا، فقام زيد بن أرقم، فقال: أما قد علمت أن رسول الله نهى عن سب الموتى فلم تسب عليًّا وقد مات.

 

اقرأ أيضا: شباب حول الرسول، أسامة بن زيد "أصغر قادة الإسلام"

 

ويقول يزيد بن حيان: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما جلسنا إليه، قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرًا كثيرًا، رأيت رسول الله، وسمعت حديثه، وغزوت معه وصليت خلفه، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله.

قال: يا ابن أخي، والله لقد كبرت سني، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي عن رسول الله، فما حدثتكم فاقبلوا، وما لا فلا تكلفونيه، ثم قال: قام رسول الله يومًا فينا خطيبًا بماء يُدعى خمًا بين مكة والمدينة، فحمد الله، وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: "أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر، يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به"، فحثَّ على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: "وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي".

فقال له حصين: ومن أهل بيته؟ يا زيد، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته مَنْ حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس، قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم.

موقفه من قاتل الإمام الحسين

(عبيد الله بن زياد، معروف بابن زياد بن أبي سفيان ويقال له: زياد بن أبيه، وابن سمية أو مرجانة. قائد أموي، أمير العراق، وأمه مجوسية، وتردد أن أبا سفيان هو أبو زياد فألحقه معاوية به، وتبناه، وكان وراء اغتيال الإمام الحسين، رضي الله عنه.

وقد تبرأت مرجانة من ابنها عبيد الله، وقالت له: يا خبيث، قتلت ابن بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟!، لا ترى الجنة أبدا").

يروي الموقف يزيد بن حيان، قائلا: سمعتُ زيد بن أرقم يقول: بعث إليّ عبيد الله بن زياد: ما أحاديث بلغني تحدثها وترويها عن رسول الله، وتذكر أن له حوضًا في الجنة؟ قال: حدثنا ذاك رسول الله ووعدناه، قال: كذبت ولكنك شيخ قد خرفت، قال: أما إنه سمعته أذناي ووعاه قلبي من رسول الله، وهو يقول: "من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار"، ما كذبت على رسول الله.

أحاديث رواها زيد بن أرقم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

عن زيد بن أرقم، قال: قلت أو قالوا: يا رسول الله ما هذه الأضاحي؟ قال: "سنة أبيكم إبراهيم"، قالوا: ما لنا منه؟ قال: "بكل شعرة حسنة"، قال: فالصوف؟ قال: "بكل شعرة من الصوف حسنة".

وعن زيد بن أرقم عن النبي مرفوعًا، قال: "إن الله يحب الصمت عند ثلاث: عند تلاوة القرآن، وعند الزحف، وعند الجنازة".

وعن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله: "من قال لا إله إلا الله مخلصًا دخل الجنة. قيل: يا رسول الله وما إخلاصه؟ قال: أن تحجزه عن المحارم".

وفاته

توفي زيد بن أرقم، رضي الله عنه، بالكوفة سنة ثمانٍ وستين، وقيل: مات بعد استشهاد الإمام الحسين، رضي الله عنه، بقليل، وشهد مع عليٍّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، صفين، وهو معدود في خاصَّة أصحابه.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية