استقيموا.. يرحمكم الله
لم أندهش مطلقا من فضيحة التحرش الأخيرة والتي كان بطلها شيخ أو من ادعى أنه شيخ لإحدى الطرق الصوفية، والتي أثارتها إحدى الفتيات التابعات لطريقته، والتي اتهمته بمحاولة التحرش بها وإرسال مقاطع فيديو خادشة للحياء.
الواقعة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة فقد سبقه الكثير من المتحرشين أمثاله من مدعي التدين، ممن ينقاد وراؤهم من يتبعونه من المغيبين والمغيبات طمعا في الحصول على البركة أو الدعوات التي يعتقدون أن لها سر في تيسير أمور دنياهم.
ويبدو أننا ياما هنشوف من محترفي تجارة الدين ومدعي التدين الظاهري، مولانا فلان.. ومولانا علان.. شيخ الطريقة القرموطية.. وشيخ الطريقة المهلبية، وخلفهم عشرات الآلاف من المريدين والدراويش والبهاليل، الشيخ يقول يمين.. فيقولوا آمين!
الشيخ يحلل ويحرم.. وهم من ورائه طائعون، مسبحون بحمد فضيلته، بل إن بعض مريدي شيخ إحدى الطرق قد قبلوا ارتداء ملابس مهرجي السيرك بألوانها لأنها رداء أتباع الطريقة!
بينما قام أتباع بعض الطرق الأخرى بالقيام بحركات بهلوانية فعليا تأدية لتحية مولاهم وشيخ طريقتهم، الذي يجلس على كرسي مرتفع بينما يفترش أتباعه الأرض، يعلوه التيه والفخر ونظرات التعالي، يترك لهم يده ليحظى كل متشقلب منهم بقبلة على يده الشريفة العفيفة!
وكل شيخ والتاني يبدع ويجتهد في ارتداء عباءات مطرزة فاخرة أشبه بسلاطين ألف ليلة وليلة، مع أصابع مليئة بالخواتم والأحجار الكريمة، وسبحة طويلة لا تفارق يده الكريمة!
كل هذه الطرق وكل هؤلاء المشايخ والمدعين وأصحاب البدع في الدين ليه؟ ومن جعلهم أسياد وأولياء ووكلاء لله على الأرض؟ يأمرون فيطاعون! ومن جعلهم وسطاء بين الله وبين عباده، يتوسطون لنيل منصب أو فتح أبواب الرزق، أو للحصول علي مقعد في جنات الله الواسعة!
يا سادة.. الله في علاه لم يجعل بينه وبين خلقه حواجز ولم يوكل بشرا ليكون لسان حالهم إلي الله، الله في ارتفاعه وملكوته قال عن نفسه أنه هو الرحمن الرحيم، الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، يعلم مستقركم ومستودعكم، الله تعالي قال ادعوني أستجب لكم، وقال عن قربه لخلقه " وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ"، وقال في كتابه: "إِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ".
فهل مع كل هذه الرحمة وكل هذا التقرب الإلهي من الخالق لعباده ما زال هناك من هو في حاجة لمشايخ وطرق يتوسطون بينهم وبين الله ليتقربوا منه، أو ليضمنوا مكانا لأنفسهم في جنات الله؟
أفيقوا عباد الله.. واستقيموا يرحمكم الله.