رئيس التحرير
عصام كامل

تأملات في التسهيلات الضريبية قبل الحوار المجتمعي

أعلن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، والدكتور أحمد كجوك وزير المالية، عن تقديم تسهيلات ضريبية من خلال الإعفاء من بعض الضرائب، مثل ضريبة الأرباح وضريبة الدمغة، مع تفاصيل حزمة أخرى من التسهيلات الضريبية الجديدة خلال الأسابيع الأربعة المقبلة، على أن يتم إجراء حوار مجتمعى بشأنها في إطار الحرص على تلقى تعقيبات الممولين ومجتمع الأعمال، وصولا إلى تصور نهائى ومرض للجميع..

كان هذا الإعلان بمثابة استبشار بحالة من التفاعل في مجال مجتمع الأعمال فأي تخفيض ضريبي له مردود إيجابي على أصحاب الشركات والممولين، وخاصة إذا كان المستهدف الشركات الصغيرة والشركات الناشئة التي تصل أرباحها إلى 15 مليون جنيه، بالإضافة إلى دعم العاملين في الاقتصاد الحر، فهذا قد يؤدي إلى توسع تلك الشركات في العمل والنشاط بما يعني فرص عمل جديدة وزيادة الإنتاج. 

وتأتى هذه الحوافز الضريبية لتعويض ارتفاع التكاليف الاستثمارية وتكلفة الاقتراض بسبب ارتفاع سعر الفائدة وارتفاع معدلات التضخم.. وعلى المدى الطويل، هذه التيسيرات يمكن أن تسهم في تقوية الاقتصاد المحلى من خلال دعم المشروعات الصغيرة التى تعدّ العمود الفقرى للنمو الاقتصادى، وتشجيع المزيد من الأفراد على دخول سوق العمل المستقل، وبالتالى تقليل معدلات البطالة وتحقيق التنمية المستدامة.

أما عن الحديث عن أن الحوافز الضريبية الجديد سيكون لها أثر إيجابى على مناخ الاستثمار في البلاد، وستجذب الاستثمار الأجنبي فهذا أمر غير دقيق، فالتسهيلات الضريبية المعلن عنها حتى الآن تستهدف فئة محددة وهي الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر والاقتصاد غير الرسمي، وهذه كلها قدرتها المالية صغيرة، لكن الاستثمارات الأجنبية تحتاج تسهيلات من نوع آخر ودعم مختل.. 

وهناك سؤال مهم يطرح نفسه هل هناك دراسة وافية لتلك الشركات -ولاحظ أننا لا نتحدث عن مصانع- وإنما شركات ومشروعات تجارية في المقام الأول، فهل هذه الشركات والمشروعات تخدم التقليل من الاستيراد وتوفير العملة الصعبة، أم أنها مجرد شركات تجارية داخلية تعمل في قطاعات وسيطة كتسهيل النقل أو الاتصالات إلخ؟ 

نحن بحاجة لدراسة كبرى توضح المطلوب من الشركات اللازمة لتنمية الاقتصاد والمساهمة في تقليل الاستيراد، وهذه الشركات والمشروعات أولى بالرعاية.


ويذكر البعض أن هذه الإجراءات الحكومة تساهم في دمج السوق الموازى إلى السوق الرسمى، مما يؤثر بالإيجاب على الموازنة العامة الدولة وظهورها بقيمتها الحقيقية، وأرى أن ذلك ضربا من الخيال والكلام المعسول، فلا يمكن أن تجد صاحب محل أو شركة صغيرة جدا لا تعرف الضرائب له طريق يبادر ليسجل نفسه ضريبيا؛ لأن الضريبة خفضت أو هناك تسهيلات ضريبية، فما الذي يدفعه لذلك وهو أصلا لا يدفع ضرائب؟ 

الحل لدمج الاقتصاد غير الرسمي والسوق الموازية أن يجد ذلك التاجر البسيط مساندة ودعم من الحكومة، فقبل أن تطالبه بالضرائب توفر له حل مشكلات المرافق والنقل والتوزيع والتعامل مع البنوك، وتوفر له الدعم في تسهيل حصوله على بضاعته بسعر مخفض تنافسي من خلال منظومة متكاملة تتيح للدولة معرفة عدد المصانع والشركات المنتجة وتخاطبها في تيسيرات الأسعار للتجار الخ، فإذا وجد السوق الموازية أن الحكومة توفر له كل ما يحتاجه سينضم تلقائي  للاقتصاد الرسمي.

 

 

كما يذكر البعض أن هذه التسهيلات سيكون له تأثير على السلع الغذائية بالانخفاض، وهذا ضرب من الخيال، فالسلع الغذائية له طريق غير طريق الشركات الصغيرة وتخفيض أسعار السلع الغذائية يكون بطرق مختلفة من أهمها إقامة المصانع والتوسع في الزراعة ستوفر العملة الصعبة، ونصدر كذلك؛ مما يخفض من سعر الدولار وزيادة الإنتاج والمعروض..

وهذا هو الطريق الأمثل لتخفيض الأسعار كافة وليس عن طريق تخفيض الضرائب لأن ذلك سياسة اقتصادية مالية والمستهدف سياسة تصنيعية زراعية وهي الأولى، وفي حالة إذا كانت الشركات الصغيرة التي سينالها التسهيلات تعمل في مجال الأغذية فلن يتم التخفيض أيضا طالما ليست هناك رقابة حقيقية على مثل هذه الشركات التي تستغل التخفيضات في زيادة الأرباح وليس في تخفيض المنتجات..

الجريدة الرسمية