رئيس التحرير
عصام كامل

عمال شركة سمنود للنسيج.. ونظام السخرة

منذ أن قرر الرئيس عبد الفتاح السيسى زيادة الحد الأدنى للأجور إلى 6 آلاف جنيه، ويحلم العديد من عمال الشركات العامة وغيرهم من عمال القطاعات الحكومية بتطبيق هذا القرار، خاصة فى ظل حالة الجنون غير الطبيعي فى أسعار مختلف السلع والخدمات، إلا أن المسئولين عن هذه الشركات انطبق عليهم المثل القائل "ودن من طين وأخرى من عجين"، وضربوا بقرار الرئيس عرض الحائط ويرفضون إلى الآن تنفيذه.
وتأتى شركة سمنود للنسيج إحدى القلاع الصناعية الكبرى والتابعة لشركة غزل المحلة كنموذج صارخ لهذا التعنت من جانب مسئولى تلك الشركة الحكومية، حيث يحصل عمالها على أجور متواضعة للغاية، والذين هللوا وانفرجت أساريرهم بقرار الرئيس غير مدركين أنه من الممكن أن يجرؤ مسئول على عدم تنفيذ قرار أصدره رئيس الجمهورية. 


وقد تأسست شركة سمنود للنسيج والوبريات منذ عام 1974  بمحافظة الغربية على مساحة حوالى 22 فدان بماكينات نسيج تساوى 600 مليون جنيه، كانت منذ نشأتها تابعة لشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، التى تبعد عنها خطوات، والتى تسهم بنسبة 22% من رأس مالها.. 

أما باقى الشركاء فهم شركة مصر للتأمين وهيئة التأمينات الاجتماعية التى تملك وحدها 43% من الأسهم وشركة مصر للصباغة بالمحلة الكبرى وهيئة الأوقاف المصرية.


وتضم الشركة 3 مصانع كبرى هى مصنع ملابس ومصنع نسيج ومصنع تجهيز، ومصابغ، وبها ماكينة جينز بطول 50 مترا لا توجد منها فى الشرق الأوسط سوى إثنين إحداهما بشركة سمنود والأخرى فى دولة تونس.. 

إلا أن الماكينة تعطلت منذ  قرابة 10 سنوات، وكباقى الماكينات لم تخضع للصيانة منذ تأسيس الشركة حتى وصلت تكلفة صيانتها الآن إلى 2 مليون جنيه تبعا لتقرير هيئة تحديث الصناعة، وكانت شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة والتى تسهم بنسبة 22% من رأس مالها  تساعد الشركة  فى التمويل والتشغيل والتسويق. 

وفجأة تخلت الشركة الأم عنها تماما وتركتها فى مهب الريح بدون تشغيل، أو أى نوع من المعاونة، وهو الأمر الذى أدى إلى تراكم الديون عليها لتصل إلى نحو 30 مليون جنيه منها 10 ملايين لبنك الإسكندرية وحده.. 

ونظرا لعدم رغبة المساهمين فى ضخ أموال للتشغيل فقد تدهورت أوضاع الشركة إلى الأسوأ، وتوقف العمل بها بشكل تام، مما نتج عنه وقف صرف أجور العاملين بالكامل واقتصارها منذ شهر سبتمبر من العام الماضى على الأجر الأساسى الذى يمثل 35 % من إجمالى أجر العاملين.

وقد أعد عمال الشركة مذكرة تتضمن عدة مطالب منها سداد ديون الشركة وضخ الاستثمارات الكافية لدفع عجلة الإنتاج، وأن تتولى إحدى الجهات المساهمة فى الشركة إدارتها ومسئوليتها بالكامل حتى تكون هناك ضمانة  للعمل على حل أزمة الشركة والعمال.. 

ومقترح أن تقوم هيئة الأوقاف المصرية بالاستحواذ الكامل على الشركة، وذلك لما تمتلكه الهيئة من سيولة نقدية وأموال يمكن إعادة استثمارها بالشركة، وخاصة أن الشركة بها مساحات خالية كبيرة يمكن استغلالها في مشروعات اقتصادية لتنمية النشاط الإنتاجى بالشركة.. 

بالإضافة إلى التنسيق مع وزارة الصناعة والحملة القومية للنهوض بالصناعات النسيجية للاتفاق على آليات إصلاح ماكينة الجينز مع تدخل وزارة المالية وصندوق الطوارئ لصرف باقى الأجور المستحقة للعاملين وزيادة الحد الأدنى للأجور طبقا لقرار الرئيس.


وكالعادة تجاهل المسئولون كل هذه المطالب، وهو ما استفز مشاعر جميع العمال والذين انخفض عددهم ليصل إلى نحو 550 عاملا فقط، مما دعاهم إلى القيام بعدة وقفات احتجاجية هددوا خلالها بالإضراب عن العمل، غير أن المسئولين لم يعملوا على تهدئة العمال، وقاموا بإبلاغ الأجهزة الأمنية ضد العمال الذين قرروا تنفيذ تهديداتهم بالإضراب عن العمل فى بداية الشهر الجارى. 

واعتصموا بالشركة مما دعا مسئولى الشركة إلى البدء فى إظهار العين الحمراء للعمال الغلابة، وقدموا بلاغات ضد تسعة عمال بينهم بعض السيدات بتحريض باقى العمال على إثارة الشغب والتوقف عن العمل، مما أثر بالسلب على معدلات إنتاج الشركة، وبالفعل تم إلقاء القبض على العمال التسعة، وتم التحقيق معهم فى النيابة العامة بتهمة التحريض.. 

وبعد التحقيقات تم الإفراج عنهم ولم تصدر النيابة أى قرار يمنعهم عن استمرارهم عن العمل، غير أن أباطرة تلك الشركة المنكوبة كان لهم رأى آخر، وفعلوا كما كانت تفعل سلطات الاحتلال البريطانى مع العمال الذين كانوا يطالبون بحقوقهم، حيث تم إيقاف العمال التسعة عن العمل، فضلا عن صدور قرار بعدم صرف أى مستحقات لهم.


ولا شك أن الهدف من إتباع سياسة التنكيل هذه ضد هؤلاء العمال هو أن يكونوا عبرة لغيرهم من العمال، وحتى لا تسول لأحد نفسه أن يتجرأ ويطالب بحقوقه مرة أخرى، وأن يعملوا بنظام السخرة دون إبداء أى اعتراض.

الجريدة الرسمية