رئيس التحرير
عصام كامل

شباب حول الرسول، الوليد بن الوليد "كفَّنه النبيُّ في ثيابه"

الوليد بن الوليد
الوليد بن الوليد "كفَّنه النبيُّ في ثيابه"، فيتو

منذ فجر الإسلام، أحاط برسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، نخبة من المسلمين الأوائل، في الوقت الذي آمن فيه فتية صغار السن بالله حبًّا في النبي، وجهروا بالإسلام في شجاعة نادرة، رغم ما كان يكتنف البيئة المحيطة من تقديس للأصنام، والأوثان، وإدمان للأدران، وصمدوا بقوة أمام ضغوط الآباء والأمهات وعتاة المشركين.
تربوا في مدرسة الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، وحرصوا على مراقبة تصرفاته، وأنصتوا لنصائحه، وحفظوا أقواله، وفقهوا أحاديثه.
كانوا أصحاب فكر سديد، فأعلنوا اتباعهم للنبي، وتمسكوا بدينهم، وبذل بعضهم روحه من أجل العقيدة، وبعضهم فاق الكبار علما وفقها وشجاعة.
إنهم "شباب حول الرسول".

 

في السطور التالية، نطالع ملامح من عظمة الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، والدين الحنيف، وتسامحه. قصة إسلام الشاب الثري المرفه، الوليد بن الوليد، على صغر سنه، جاءت بأسلوب يدل على الشجاعة، واليقين، وكان وراء إسلام أخيه البطل العظيم خالد بن الوليد.
ورغم قصر رحلته الإيمانية، التي لا تكاد تجاوز العام، حيث أسلم وعمره دون العشرين، وتوفي حوالي العام السابع من الهجرة، إلا أن حب النبي له فاق كل تصور، حتى استجاب لطلبه بأن يكفنه في ثيابه اللصيقة بجلده الشريف، صلوات ربي وتسليماته عليه.

 الوليد بن الوليد بن المغيرة المخزومي

هو الوليد بن الوليد بن المغيرة المخزومي، أخو خالد بن الوليد. 
من أشراف قريش في الجاهلية، ومن أجوادهم. أدرك الإسلام، وثبت على الشرك إلى أن كانت وقعة “بدر”.

الأب المشرك

أبوه هو الوليد بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم. من أشراف قريش وزعمائها في الجاهلية، وصاحب الرأي والمشورة فيهم، ويُروى أن قريشًا حين أرادت هدم الكعبة لإعادة بنائها بشكل أفضل بعدما تقادم العهد عليها هابت ذلك، فقال لهم الوليد بن المغيرة يشجعهم: “أنا أبدؤكم بهدمها”، فأخذ المعول وقام عليها وهو يقول: “اللهم لم ترع، اللهم لا نريد إلا الخير”، ثم هدم من ناحية الركنين، فانتظر الناس تلك الليلة، وقالوا ننظر فإن أصيب لم نهدم منها شيئًا، ورددناها كما كانت، وإن لم يصبه شيء فقد رضي الله صنعنا فهدمنا، فأصبح الوليد من ليلته غاديًا على عمله، فهدم وهدم الناس.

أدرك الوليد بن المغيرة بعثة الرسول، ولم يسلم، بل قال، مستنكرًا عدم نزول الدعوة عليه هو، وهو كبير قريش: “أينزل على محمد وأُترك وأنا كبيرُ قريش وسيدها، ويترك أبو مسعود عمرو بن عمير الثقفي سيد ثقيف، فنحن عظيما القريتين”، فأنزل الله فيه: “وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ”.. ولذا ناصب رسول الله العداء الشديد، وقاوم دعوته أشد مقاومة.

ومن أولاده خالد وهشام والوليد وعمارة، وعمارة هذا هو الذي مشت به قريش إلى أبي طالب، حين أبى خذلان رسول الله، فقالوا له: “يا أبا طالب، هذا أنهد فتى في قريش (أكثرهم وسامة) وأجملهم، فخذه فلك عقله ونصره واتخذه ولدًا فهو لك، وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي قد خالف دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومك، وسفه أحلامهم، فنقتله، فإنما هو رجل برجل”.

قال أبو طالب: “والله لبئس ما تسومونني، أتعطونني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني فتقتلونه، هذا والله لا يكون أبدًا”.

ويروى أن الوليد بن المغيرة مرّ بالرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يقرأ سورة السجدة، فأتى قومه وقال: “لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس والجن، إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعلو ولا يُعْلى عليه”.

فقالت قريش: “صبأ الوليد”.

قصة إسلام الوليد بن الوليد

الوليد الابن شهد بدر مشركًا، فأسره عبد الله بن جحش، وقيل: أسره سليك المازني الأنصاري، فقدم فِي فدائه أخواه خالد، وهشام، وَكَانَ هِشَام أخا الوليد لأبيه وأمه، فتمنع عبد الله بن جحش حَتَّى افتكاه (أعطياه) بأربعة آلاف درهم، فجعل خالد لا يبلغ ذَلِكَ، فقال لَهُ هِشَام: إنه لَيْسَ بابن أمك، والله لو أبى فِيهِ إلا كذا وكذا لفعلت.

ويقال: إن النَّبِيّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لعبد الله بن جحش: لا تقبل فِي فدائه إلا شكة أبيه الوليد، وكانت الشكة، درعا فضفاضة، وسيفا وبيضة، فأبى ذَلِكَ خالد وأجاب هِشَام، فأقيمت الشكة بمائة دينار، فسلماها إلى عبد الله بن جحش، فلما افتُدِيَ أسلم، فقيل لَهُ: هلا أسلمت قبل أن تفتدى؟ قَالَ: كرهت أن تظنوا بي أني جزعت من الإسار، فحبسوه أخواله (المشركون) بمكة.
ذكر ذلك الواقديّ بأسانيده. فكان النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم يدعو له في القنوت، كما ثبت في الصّحيح، من حديث أبي هريرة، أنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم، كان يقول: "اللَّهمّ أنج الوليد بن الوليد، والمستضعفين من المؤمنين" (بمكة).

مع الرسول في عمرة القضاء

ثُمَّ أفلت من إسارهم، ولحق برسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشهد مع النَّبِيّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عمرة القضاء، (وعمرة القضاء، هي العمرة التي تم الاتفاق عليها في صلح الحديبية بين رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقريش، ووقعت أحداثها في أواخر العام السابع من الهجرة).

 وقيل: إن الوليد لِمَا أفلت من مكة سار عَلَى رجليه ماشيا، فطلبوه فلم يدركوه، فنكبت (أصيبت) إصبعه، فمات بعد أَن شهد عمرة القضاء.
ولما هاجر الوليد بن الوليد قالت أمه:
            "هاجر الوليد ربع المسافة... فاشتر منها جملا وناقة
                       واسم بنفس نحوهم توّاقه"
من بحر "الرجز"، وقيل: "وارم بنفس عنهم ضيّاقه"
ويبدو ومن شعرها تلميح بأنها أسلمت.

ضحَّى بنفسه ليلحق بالنبي

وأخرج الطّبرانيّ عن إسماعيل بن أيوب المخزوميّ، أن الوليد بن الوليد بن المغيرة كان محبوسا بمكّة، فلما أراد أن يهاجر باع مالا له بالطّائف، ثم وجد غفلةً من القوم، فخرج هو وعياش بن أبي ربيعة، وسلمة بن هشام مشاة، يخافون الطلب، فسعوا حتى تعبوا، وقصر الوليد، (خارت قواه)، فقال:
"يا قدميّ ألحقاني بالقوم... ولا تعداني كسلا بعد اليوم"
فلما كان عند الأحراس نكبت إحدى أصابعه (تعثر فجُرِحت)، فقال:
                 "هل أنتِ إلا إصبعٌ دميت... وفي سبيل اللَّه ما لقيَت".
من بحر "الرجز".
فدخل على النّبيّ، صلى اللَّه عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول اللَّه، حسرتُ (يحس بالإرهاق الشديد)، وأنا ميِّت (أي سأموت)، فكفّني في فضلِ ثوبك، واجعله مما يلي جلدك، ومات، فكفّنه النبيّ، صلى اللَّه عليه وآله وسلم، في قميصه، ودخل إلى أم سلمة وبين يديها صبي، وهي تقول: ابك الوليد بن الوليد بن المغيرة، فقال: "إن كدتم تتّخذون الوليد حنانا"، فسمّاه عبد اللَّه.

إسلام خالد بن الوليد

ولما شهد العمرة مع رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خرج خالد بن الوليد من مكة فارًّا، لئلا يرى رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأصحابه بمكة، فقال رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، للوليد: "لو أتانا خالد لأكرمناه"، وما مثله سقط عَلَيْهِ الإسلام، فِي عقله.
فكتب الوليد بذلك إلى خالد، فوقع الإسلام فِي قلبه، وَكَانَ سبب هجرته.

وعن الوليد بن الوليد، أَنَّهُ قَالَ: يا رسول الله، إِنِّي أجد وحشة فِي منامي! فقال النَّبِيّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا اضطجعت للنوم، فقل: بسم الله، أعوذ بكلمات الله من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون، فإنه لا يضرك، وبالحري أن لا يقربك"، فقالها فذهب ذَلِكَ عَنْهُ.

وفاة الوليد بن الوليد

ولما تُوفي الوليد قالت أمُّ سلمة تبكيه، وهي ابنة عمة:
                                           "يا عين فابكي للوليد.. بن الوليـــد بن المغيـره
                                            قد كَانَ غيثا فِي السنين.. ورحمـــة فينـا وميره
                                            ضخم الدسيعة ماجدا يسمو.. إلى طلب الوتيره
                                           مثل الوليد بن الوليد.. أبي الوليد كفى العشيــره"

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية