بداية.. جوهر الوعي وبناء الإنسان
في ظل الظروف والتحديات الراهنة، أصبح من الضروري تعزيز الوعي لدى المواطن المصري والعربي بشأن المؤامرات والمخططات الخبيثة التي تُحاك ضدهم، بما في ذلك مخطط الصهيونية العالمية لتقسيم الشرق الأوسط، المعروف بـ الشرق الأوسط الجديد.
يجب أن يلعب المثقفون ووسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية والدينية والتربوية والشبابية دورًا فعالًا في نشر الوعي، من خلال جميع المنابر والمنصات التي تستهدف المواطنين في مصر والعالم العربي والإسلامي، وكذلك في جميع أنحاء العالم، لكشف هذه المخططات وإفشالها.
يجب أن نعمل على تثقيف الأجيال الجديدة حول مخطط برنارد لويس الذي أقره الكونجرس الأمريكي في عام 1983. برنارد لويس، المستشرق والمؤرخ البريطاني المعروف، هو الذي وضع هذا المشروع الذي يهدف إلى تفكيك الوحدة الدستورية للدول العربية والإسلامية، وتقسيمها إلى مجموعة من الدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية.
في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، تم وضع هذا المشروع من قبل المستشرق اليهودي، الذي أصبح مستشارًا لوزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط، حيث أسس لسياسات تفكيك الدول العربية والإسلامية، مما أدى إلى إشعال النزاعات بين الأتراك والأكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين.
كما كان له دور في تبرير غزو العراق، وما نشهده اليوم من انقسامات وصراعات في العراق وسوريا وليبيا واليمن هو نتيجة لهذه المخططات. لذا يجب أن نرفع أصواتنا في كل مكان لنؤكد على وجود مؤامرات وأطماع تستدعي التصدي لها بكل حزم.
برنارد لويس وضع خطته لتفكيك الدول العربية والإسلامية، بهدف تقسيمها إلى دويلات عرقية ودينية ومذهبية لضمان أمن إسرائيل.
هذا المخطط يستهدف تقسيم مصر إلى أربع دول: دولة مسيحية في الصحراء الغربية وعاصمتها الإسكندرية، ودولة نوبية في الجنوب، ودولة إسلامية في الدلتا، بالإضافة إلى سيناء والصحراء الشرقية التي يُراد ضمها إلى إسرائيل ولقد شهدنا انفصال جنوب السودان، والمخطط يمتد ليشمل دارفور، كما يسعى لتقسيم العراق إلى ثلاث دول: شيعية وسنية وكردية، لتحقيق هدفهم المتمثل في من النيل إلى الفرات.
كما ترون اليوم، فإن الممر الملاحي (قناة السويس) الذي كان يحقق لمصر حوالي 10 مليارات دولار سنويًا، شهد تراجعًا يتراوح بين 40% و50%. وكل هذا يحدث في وقت تتعهد فيه الدولة المصرية بالتزامات تجاه شركات النفط وشركاء التنمية ومؤسسات التمويل.
وكذلك اضطرابات ليبيا حتى صراع السودان إلى الحرب في غزة ثم تطورات التصعيد في البحر الأحمر، تعيش مصر في الفترة الأخيرة تداعيات 4 حروب صعبة ألمت بجوارها ومرّت بجانبها.
علي سبيل المثال تأثير الحرب في السودان علي مصر اقتصاديا بسبب حجم العلاقات التجاريه بين البلدين حيث تحتل السودان المرتبة الثانية بقائمة أكبر خمس أسواق مستقبلة للصادرات المصرية بقيمة 226 مليون دولار سنويا..
وذلك وفقا لبيانات الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، ويستحوذ السودان على نحو 13.2% من إجمالي قيمة التبادل التجاري بين مصر والقارة الإفريقية وبسبب هذه الحرب تراجعت حركة الصادرات في السودان بنحو 60% بفعل إغلاق المطار الرئيسى بالبلاد.
لذا تواجه مصر تحديات جسيمة نتيجة للأزمات الاقتصادية المتكررة ومؤامرات أعداء الوطن، حيث يتم استغلال التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر الشائعات والأخبار الكاذبة التي تهدف إلى تشويه الإنجازات وإثارة الفتنة. لذا، من الضروري أن يتحلى المواطن بالوعي والحذر، وأن يتحقق من المعلومات من مصادرها الرسمية.ويكون واعيًا للمؤامرات التي تُحاك ضد بلاده.
الوعي هو ما يحمي الوطن من الفوضى، وتجارب الدول الأخرى في المنطقة تؤكد على أهمية هذا الوعي في الحفاظ على الاستقرار.
يُعتبر مفهوم الوعي الأمني من المفاهيم الأساسية والشاملة، حيث يرتبط بجميع جوانب الحياة ويشكل مسؤولية جماعية للمجتمع. يُساهم الوعي الأمني في تقليل معدلات الجرائم والمخاطر، ويعمل على الوقاية منها قبل وقوعها، ويجب تعزيز الوعي الأمني في ظل التحولات الدولية الراهنة والمستقبلية، بالإضافة إلى تزايد التطور التكنولوجي في المجتمع المعلوماتي المعاصر.
تُعتبر المبادرات عنصرًا أساسيًا في الثقافة والتنمية، وهي ضرورية لنجاح أي مجتمع ونهضته، بشرط أن تتجاوز الشعارات والشللية، لتصبح جزءًا من شراكة اجتماعية حقيقية في بناء الوطن والمواطن.
تُدعم هذه المبادرات من قبل الجامعات، والمؤسسات، والوزارات، أو المراكز العامة والخاصة، وتحتوي على قيم وطنية وتنموية، بالإضافة إلى إنجازات سنوية تُوثق في أدلة مصممة بأحدث الأساليب في عالم النشر.
ومع ذلك، يجب أن نتساءل: هل اقتصار الأنشطة التي تقوم بها هذه المبادرات على الأخبار الصحفية أو الأدلة التوثيقية يُعتبر دليلًا على نجاحها؟ إذا كان الأمر كذلك، فإنها لا تتجاوز كونها مجرد فاتورة تُظهر المدخلات والمخرجات والميزانيات السنوية.
ورغم أن هذا يعد جانبًا إداريًا لتنظيم الأمور وإبراء الذمة، إلا أنه يجب علينا أن نتساءل: هل استطاعت هذه المبادرات أن تلامس نسيج الخطاب الثقافي والاجتماعي؟ هل نجحت في جذب انتباه المجتمع لمحتوى مميز يُفيد معرفيًا؟ هل ساهمت في تعزيز الجانب التعليمي للشباب والشابات ولجميع الفئات العمرية في البلاد؟ وهل أسهمت فعلًا في بناء مجتمع مدني يُعزز الوعي ويُنتج أفرادًا وطنيين منتجين؟
حتي جاءت مبادرة بداية كجزء من برنامج شامل يهدف إلى تنمية الإنسان وتعزيز الهوية المصرية بالوعي، من خلال مجموعة متنوعة من المشاريع في مجالات الصحة والتعليم والثقافة والرياضة وتوفير فرص العمل.
تسعى المبادرة إلى ضمان استفادة جميع المواطنين من موارد الدولة بشكل عادل، وتحسين جودة الحياة عبر تعزيز التعليم وتوفير التدريب ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة. كما تهدف إلى تعزيز القيم الإيجابية والثقافة، مما يعكس رؤية القيادة السياسية لتحسين مستوى المعيشة.
تركز المبادرة على تمكين المواطنين، وخاصة الشباب، وتؤكد التزام الدولة بالتنمية الشاملة. تشمل أهدافها ضمان تغذية سليمة للأطفال، وتقليل معدلات الأنيميا وسوء التغذية، وزيادة التحاق الأطفال بالتعليم قبل المدرسي. كما تعمل على تعزيز الوعي الثقافي لدى الآباء وتطوير مهارات المعلمين.
تدعم المبادرة القيم والأخلاق بالتعاون مع الأزهر والكنيسة ووزارة الأوقاف، وتشجع على الإبداع والابتكار، مما يسهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا وتقدمًا.