رئيس التحرير
عصام كامل

مصر وإيجيبت.. البلد بلدان

واهم من يتخيل أنه قادر على مجاراة قدرة المصريين على السخرية واستخراج الضحكة من مرارة الأيام.. لقد خلقوا لأنفسهم مساحة تنفيس تتسع حسب رغبتهم.. تتناسب عكسيًا مع قدرتهم على الإحتمال.. تصبح أكثر قوة وتأثيرًا عندما يشعرون بالتجاهل وخروجهم من دوائر الاهتمام.


ومؤخرًا أبدع الكثير من المصريين في توصيف معاناتهم بابتكار تعبير مصر وإيجيبت.. والذي أراه شديد العمق في معناه.. قوي الإيحاء على اختصاره..


وبحسب هذا التعبير عقد المصريون مقارنة أراها موضوعية بين الناس في مصر وأقرانهم في إيجيبت.. ففي مصر نجلس مع رواتبنا وبلغة الموظفين القبض جلسة شهرية، بحكم العادة نستحلفه فيها بكل غالٍ ألا يُحَلِق بأجنحته في فضاء جنون الأسعار ومتطلبات بيوتنا، التي لم تعد تمتلك في معظمها تحتمل أن يطير بسرعة البرق وأن يبقى معنا قليلًا ولو من باب الونس.

 
أما في إيجيبت فتجد حفلًا أنيقًا لزفاف الكلاب وسط أجواء من البهجة وبوفية مفتوح فيه ما لذ وطاب من الدراي فود، ومصورين أكفاء وكاميرات حديثة لتصوير الحفل، وعلى الجهة المقابلة لقاعة الفرح الصيفية ستجد عروسة البحور بزيها الأزرق الصافي صفاء مياه الشاطئ المقام عليه العرس.


في مصر تهرب قدر إمكانك من الجلوس بمفردك حتى لا يدور بداخلك ذلك الحوار الذي مللته بأسئلته من نوعية هجيب منين فلوس المدارس، وطلبات العيشه واللي عايشينها؟ هكمل الشهر إزاى؟ هلاقي علاج لمرضي المزمن أم سأسمع من الصيدلي نفس الإجابات ناقص.. مش موجود.. مش عارف هييجي إمتى؟  فهل ما زلت أنتمي لطبقتي أم اختل الهرم الطبقي وبات عاليه سافله؟
 

أما في إيجيبت فسيطل عليك أحدهم من فتحة سقف سيارة فخمة وعلى وجهه سعادة لا تعرف لها مبررًا سوي أنه في وادٍ آخر، لينصحك بأن تَبّر نفسك وتُسْعِد أسرتك وتستأجر فيلا بمبلغ تافه 900 ألف جنيه بس تصيف فيها أنت وأهل بيتك ولومش معاك يا عم عااادييييي، إحجز ثلاثة أيام في فندق وستدفع مبلغًا بسيطًا فقط ربع مليون جنيه يا بلااااااش، ويحلف لك هو وغيره بكل الأيمان أن تلك المدينة الساحلية الجديدة ليست للأثرياء فقط، ولكن فيها ناس شبهنا.. وهو صادق لأنه يقصد شبهه هو.


في مصر يذهب الرجال والأطفال وبيد كل واحد منهم سجادة صلاة إلى المسجد لأداء صلاة الجمعة تحديدًا، وكثيرًا ما يصلي بعضهم خارج المسجد نظرًا لإمتلائه فيفترشوا الخلاء والشمس متوهجة عمودية على رأسه ليستمع أحيانا الى خطيب لا يمتلك من الصوت الإ علوه، ومن الكلمات الإ الترهيب والوعيد لا الترغيب والتحبيب.


أما في إيجيبت فستجد شيخًا أنيقا يرتدي تي شيرت وردي اللون وخلفه السماء بصفائها والبحر بزرقته وقدماه غارزتان في الرمال بنعومتها  وبياضها وعلى وجهه تان، ليقول لك وبحسب ما نشر في أكثر من موقع إن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا التفكر والتدبرأمام البحر.. وهل النبي صلى الله عليه وسلم الذي تربى في بيئة صحراوية قد رأى البحر وتأمل أمامه يا شيخنا كي يأمرنا بما قلت أو تقولت؟!


في مصر حكى لنا رئيس وزراء مصر الأسبق كمال حسن علي رحمه الله في أحد لقاءاته على شاشة التليفزيون المصري إعلام الدولة والناس أن أحد أفراد أسرته نقل له اندهاشه من أن كيلو البامية في أول أوانها وصل إلى 6 جنيه فرد عليه بلاها بامية وكان اللقاء في مقر رئاسة الوزراء بالقاهرة.. أما في إيجيبت فلدينا مقران للحكومة والسادة الوزراء شتويًا وآخر صيفيًا يدرسون فيه كيفية تحسين الأحوال المعيشية للمواطن البسيط.

 


إن أوجه المقارنة بين مصر وإيجيبت كما يردد المصريون الأن لن تنتهي، وخلاصة القول إن مصر ضاقت علينا بما رحبت لإيجيبت.

الجريدة الرسمية