العصفور.. حكاية فيلم ممنوع من العرض.. ينتقد الأوضاع الداخلية بعد نكسة 67.. والمخرج يوسف شاهين يتحدث عن الخدعة
العصفور. فيلم ذو بعد سياسي. اعترضت عليه الرقابة في مصر وعرضه يوسف شاهين بالجزائر في مثل هذا اليوم عام 1972، وحصل على ترتيب ضمن أفضل 100 فيلم في السينما المصرية، وأعيد عرضه بعدها بعامين فى 26 أغسطس 1974 في مصر، لكنه مُنع في التلفزيون بسبب انتقاده للأوضاع الداخلية فى مصر بعد النكسة.
في فيلم العصفور اختار يوسف شاهين محسنة توفيق في دور بهية، وقد خرجت الفنانة محسنة توفيق عن النص الأصلي لسيناريو الفيلم وأطلقت عبارة "أنا بهية وبقول حنحارب حنحارب" حيث سميت بعدها بهية حين غنى لها الشيخ إمام أغنية مصر البهية فى العصفور لتجسد بهية رمز الوطنية ورمزًا لمصر.
فيلم العصفور ينتقد فساد الحكم المحلي
تقع أحداث فيلم العصفور قبيل وقوع هزيمة عام 1967، وأطال فيه يوسف شاهين الحديث عن تنحي الرئيس عبد الناصر، من خلال قصة الصحفي يوسف الذي يجري تحقيقًا صحفيًا يتعلق بالسرقات التي تقع في القطاع العام الناتجة عن فساد الحكم المحلي وثراء البعض على حساب الشعب المصري، وهو ما يتبين له من خلال أحد المصانع التي لم يكتمل بناؤها وسرقة ماكيناته قبل تشغيلها، وعلاقة ذلك بمن في السلطة، وفي نفس الوقت تعمل بهية الخياطة المقيمة في حي الحسين من أجل توفير معيشة طيبة لابنتها الطالبة الجامعية، ويجتمع أهل الحي في بيت بهية، التي تهب حياتها للعمل، وتتزعم المظاهرات وترفض الهزيمة، وتطالب عبد الناصر بالعودة عن التنحي.
فيلم العصفور قصة الكاتب الصحفى لطفى الخولى أخرجه المخرج الفنان يوسف شاهين وساعده فى الإخراج على بدرخان وبطولة محمود المليجى، محسنة توفيق، على الشريف، سيف عبد الرحمن، صلاح قابيل، صلاح منصور، عبد الوارث عسر، مريم فخر الدين، رجاء حسين، حسن البارودى وغيرهم.
منع عرض الفيلم عامين
تقدم المخرج يوسف شاهين للرقابة للحصول على ترخيص بعرض فيلمه " العصفور"، فوافق وزير الثقافة يوسف السباعي ليعرض فى آخر أغسطس عام 1974، بعد عامين من المنع، ومثلما كانت للفيلم ومخرجه رحلة عذاب مع أجهزة الرقابة، كانت للشاعر أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام قصة أخرى مع هذا الفيلم الذى اختير ضمن أفضل مائة فيلم فى السينما المصرية
بدأ فيلم العصفور حين تقدم يوسف شاهين فى بداية عام 1971 بسيناريو الفيلم إلى مؤسسة السينما لإنتاجه، وطلبت اللجنة الاجتماع به لمناقشته، وأمام اللجنة وقع شاهين فى امتحان واستجوابات عسيرة ضاق وأسئلة دقيقة حول احداث الفيلم وانتهى اللقاء دون وصول اللجنة الى قرار بخصوص سيناريو العصفور.
إنتاج مصرى جزائرى
و فى بداية 1972 تؤكد قرر يوسف شاهين أن ينتج العصفور بنفسه بالاشتراك مع مؤسسة السينما الجزائرية، خاصة وانه يملك علاقات مع كبار السينمائيين فى الجزائر منذ عرضه فيلم عن المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد عام 1958.
منع عرض الفيلم نهائيا
بدأ تصوير فيلم "العصفور" فى يونيو 1972، ويتناول في الفيلم هزيمة 5 يونيو 1967 وأسبابها الداخلية لينتهى يوسف شاهين من تصوير الفيلم، وسافر إلى باريس للتحميض والطبع ليعد نسخة جاهزة للعرض مدتها 95 دقيقة ليتقدم بها إلى المصنفات الفنية، لكن التقرير عنه حمل ملاحظات، تركز على مساوئ الجبهة الداخلية، وسرقة القطاع العام بمشاركة مسؤولين سياسيين وفى جهاز الشرطة، وبناء على هذا التقرير تقرر منع عرض الفيلم نهائيا.
سافر يوسف شاهين إلى الجزائر حيث يوجد النيجاتيف الأصلي للفيلم، وأعاد طبعه مرة أخرى وعرضه فى الجزائر ليحقق نجاحا كبيرا، ثم عرضه أربع مرات فى مهرجان «كان» فى الدورة 26 ممثلا عن الجزائر عام 1973، وحاز على إعجاب النقاد، وعرض فى مهرجان "بيت مرى" فى لبنان، وأثار جدلا واسعا فى الصحافة اللبنانية، وأصدر الحاضرين فى المهرجان بيانا بعرض الفيلم لكونه أحد أهم الأفلام فى السينما العربية،
بعد تحقيق الجيش المصرى انتصار اكتوبر 1973 بدأت الأقلام الصحفية العربية تطالب بعرض فيلم العصفور فى مصر. ووافق وزير الثقافة آنذاك يوسف السباعى، وكان العرض الأول يوم 26 أغسطس 1974 بسينما رمسيس، وظل خمسة أسابيع فقط محققا إيرادا لا يتعدى خمسة آلاف جنيه، ووضع شاهين تترا فى بداية عناوين الفيلم يقول: ( العصفور لم يكن يستطيع أن ينطلق، لولا الانطلاقة الكبيرة للإنسان المصرى فى يوم 6 أكتوبر العظيم ).
مصر يامه يا بهية
اشترك الشاعر أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام عيسى فى الفيلم بأغنية: “ مصر يا أمة يا بهية..يا أم طرحة وجلابية..الزمن شاب وانتى شابة..هو رايح وانتى جاية “، وكان جهاز الأمن مشغولا بكيفية القبض عليهما، منذ تأليف ” نجم” لقصيدة “ شرفت يا نيكسون بيه”، بمناسبة زيارة الرئيس الأمريكى نيكسون لمصر فى يونيو 1974، حسبما يؤكد صلاح عيسى فى كتابه «شاعر تكدير الأمن العام" حيث عثر الأمن على نجم وإمام فى حفل العرض الأول لفيلم العصفور ولم ينفذا الأمر بالقبض عليهما خشية أن يستغل القبض عليهما وغيابهما عن حفل الفيلم فى إثارة حملة تضامن معهما.
عن فيلم العصفور يقول المخرج يوسف شاهين: كسرت النكسة قلب جيلي، لكن الانتصار لم يصالحنا ولم يداوِ جروحنا، على العكس اكتشفنا الخدعة، واكتشفنا أن الدولة التي كانت تأكلنا بدأت تتفسخ وتأكل نفسها، فقد تقدمت بعد سنتين للموافقة على عرض فيلم " العصفور"، بعد ان تعرضت لأزمة قلبية لأول مرة بسبب ما حدث للعصفور، ودعمتني حملات صحفية تطالب بعرضه في مصر، وفوجئت بالموافقة لأن يوسف السباعي أراد أن يستخدمه ضمن حملة الهجوم على عبد الناصر التي كانت سلطة السادات تخطط لها، وفعلًا كان العرض الأول عام 1974، وأضفت في المقدمة عبارة تقول "العصفور ما كان لينطلق، لولا الانطلاقة الكبيرة للإنسان المصري يوم 6 أكتوبر العظيم".
عودة الابن الضال بديلا
وأضاف يوسف شاهين: "للأسف لم يحقق الفيلم إيرادات ولم يصمد بدور العرض أكثر من خمسة أسابيع. لكنني كنت أخذت مناعة ضد الإحباط، ورغم أن الوضع العام صار أكثر رداءة، فالسادات جر البلد إلى الانفتاح غير المدروس، وبدأ رحلة التفاوض لفك الاشتباك مع إسرائيل، ودخل بنا في تحولات عكسية أدت إلى فوضى وعشوائية كبيرة تنذر بكوارث، وهذا ما دفعني إلى التفكير في فيلم "عودة الابن الضال"، ونسيت فيلم العصفور تماما.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
